أقلام وآراء

أمانديس وما وراء أمانديس

التوفيق فتحي

نقطة بداية حل أي مشكلة يبدأ بتشخيصها تشخيصا صحيحا. لكن يبدو لي مما قرأته واطلعت عليه فيما يعرف بقضية أمانديس بطنجة أننا لازلنا حبيسي منطق السياسة السياسوية ومنطق تجزئ وبلقنة قضايانا اليومية.

ارتفاع فواتير أمانديس عرض ونتيجة لمشكل أعمق وأخطر وليس المشكل الاساسي. استقالة الدولة (ممثلة في أجهزتها المحلية و الجهوية: البلديات والعمالات والجهات) عبر خصخصة القطاعات الحيوية وتفويتها لشركات خاصة همها الرئيسي وهدفها النهائي تحقيق الربح هو أصل المشكلة كلها. هناك قطاعات اقتصادية واجتماعية أقرب الى الحقوق الإنسانية الأساسية منها الى المعاملات التجارية الخاضعة لقوانين العرض والطلب. تحقيق الربح داخل سوق احتكاري (شبه سوق بالتعبير الاقتصادي) يتم عبر اللعب على حبل الاثمان اساسا. و هذا ما تقوم به أمانديس وغير أمانديس.

ليست مشكلة أمانديس انها شركة اجنبية، ولا أن مدراؤها فرنسيون…مشكلتها أنها تحل محل الدولة وأجهزتها لتسيير قطاع حيوي بمنطق تعظيم الارباح وهونفس المنطق الذي كانت ستطبقه أي شركة خاصة، مغربية كانت ام أجنبية. قطاعات التعليم، الصحة والنقل الجماعي هي ايضا من نفس عينة قطاع الإنارة والتزود بمياه الشرب، قطاعات يجب فيها تغليب مصلحة المجتمع على مصلحة الرأسمال والربح.

لا يجب ان يفهم من كلامي هذا انني ادعوا الى تبني اقتصاد التخطيط، فيكفينا إرث المعسكر الشرقي الغير مأسوف على اختفائه وما خلفه من بؤس وحرمان، بل هي دعوة الى اعادة الانسان/المواطن الى مركز اهتمامات السياسة والاقتصاد ومنع تغول الربح على حق الانسان في العيش الكريم

زر الذهاب إلى الأعلى