أقلام وآراء

الطنجي يكتب.. نقاش في فضاء عمومي

الرباط اليوم

بقلم سي محمد الطنجي خريخ ماستر التواصل السياسي

 

من خلال تصفح أحد مواقع التوصل الاجتماعي الواسع الانتشار، والذي كان حريا به أن يكون الكتاب، الذي يفصح عن الكيفية التي يتعاطى بها البعض من خريجي الجامعات والمؤسسات ذات الاستقطاب المحدود مع مجريات النقاش العمومي لا وجهه، تمت ملاحظة محاولة يائسة من بعض المنتسبين لمؤسسات ذات أولوية قصوى لبناء مجتمع عارف متمتع بصحة جيدة لإبداء ثنائية تتغيى التنافر بين مجالين لإنتاج المعرفة وهما: الجامعات ومؤسسات التعليم العالي ذات الاستقطاب المحدود…وحيث إن يورغن هابرماس حدد مستوى التنمية ومؤشراتها وربطهما بمستوى النقاش في الفضاء العمومي فيزيقيا كان أو افتراضيا، وهو تعريف يتعدى كون التنمية إشباع للحاجيات الحسية للإنسان إلى الرقي الحضاري المنشود…فشاهدنا تبخيسا من هذا الطرف أو ذاك بشكل مفكر فيه مسبقا أو عن جهل؛ وكلاهما عندي عذر أقبح من زلة!… فالمثقف العضوي يجب عليه أن يعرف مسارات التعليم المؤدية للاشتغال في القطاعات أو أن يتحرى عدم الخوض فيها، كما أن ردود الفعل يجب أن تكون راقية لأنه لا حاجة للتعلم إذا لم ينعكس ذلك على مستوى النقاش في الفضاء العمومي…

هذا وقد شهدنا نقاشا مبتدلا ينساق وراء تصريح غير مسؤول، فرضه الجهل المركب بتقنيات التواصل في الفضاء العمومي… فمن صرح بتصريح ضد فئة الممرضين، موردا خبرا عار عن الصحة عن المدة الزمنية لتكوينهم يضل رهانه غير معروف، وإن كان قد اعتذر عن الأمر، فالتصريح والاعتذار يلزمان صاحبهما ولا يلزمان غيره، إذ أن الأساتذة لم ينتدبوه للإدلاء بتلك التصريحات…ولو أنه كان بمقارنته يروم تقوية موقفه التفاوضي لتحدث عن قطاعات أخرى، وإن كان في هذا الأمر أيضا دخن، لأن الانتقال إلى مجتمع الحقوق والواجبات يقتضي الدفاع عن الوطن، وعن أبناء الوطن دون الدخول في مهاترات عوجاء لا طائل منها…

التدوينات التي تدخل في إطار رد الفعل غير المحسوب، والتي تبخس الجامعة هي أيضا تغريد خارج السرب، وضرب لأهم أعمدة المعرفة في هذا الوطن الحبيب؛ وقد تكالب عليها البعض حين حرم جزءا كبيرا من الطلبة من منحة التعليم العالي، التي كانت بغض النظر عن الجانب المادي أول مال يحوزه الطالب مكافئة له على مجهوده، المتجلي في حيازة أول شهادة معترف بها وطنيا ودوليا…

الجامعة هي مهد العلم، والتعلم الرصين، وفيها يتم تكوين المفكرين من أبناء الشعب المغربي، ولعل من يقومون بعملية التدريس في المعاهد والمدارس العليا ذات الاستقطاب المحدود هم خريجوا الجامعة المغربية، التي يجب التفكير في استعادة ألقها كمراكز تفكير يتم فيها الاشتغال في أرجائها على بناء الإنسان… وإن أول لبنة في هذا البناء، تبقى هي إشاعة خطاب المحبة، للإسهام في بناء هذا الوطن دون ترسيخ لفرقة بين الحاصلين على شهادة الباكلوريا على قلتهم…وقد أثبتت المحن التي تحولت إلى منح أن العامل المحدد، هو تضامن الجسم أثناء الإحساس بالخطر؛ ولعل هذا ما حدث في محطات كثيرة نذكر منها الطريقة التي ينافح بها المغاربة عن الوحدة الترابية كلما تمت الإساءة لها من نظام جار غدار، يبني سياسته على العداء للمغرب، أو أثناء زلزال الحوز…

إن قوة المغاربة تتجلى في إشاعة خطاب المحبة ونبذ الكراهية بمختلف تمظهراتها، وإن الطبقة المتوسطة التي تبقى الغائب الكبير، وهي تعد صمام أمان أي اقتصاد وتنمية، والتي أضحت تعاني الهشاشة بفعل عوامل التضخم والعطالة ،التي تفرض على دافعي الضرائب من المنبع إعالة عائلتين على الأقل مما يجعل الدخل المتوسط في تدن يضرب المؤشرات التنموية في مقتل؛ أمور يجب التفكير فيها دون ضغينة قد يكرسها نقاش عمومي مبتدل؛ قال بخصوصه محبوا الحكمة سلفا:”تكلم حتى أراك”، وتم تفييء بخصوصه لقيمة المجتمع بفاعليه ونسقة، من خلال تيمات التفاعل والنقاش في الفضاء العمومي… وسواء تعلق الأمر بجامعة أو معهد ومؤسسة استقطابهما محدود فإن القوة تجلى في تجميع الشتات لا تشتيت المشتت وتجزيء المجزء…وهو أمر سهل المنال عبر تقفي مبراس العلم، الذي لا سبيل للاستزادة منه إلا عبر التفاعل والتعاون والتآزر بين الجميع…

إن عدو هذا الوطن الأول والأخير هو الجهل المركب، وإنتاج المؤسسات التعلمية لصنف أعف عن توصيفه كما ورد من خلال ما تم من قبل أحد رواد السوسيولوجيا بالمغرب؛ فالحذر الحذر من سيكولوجية الحشد التي تشيع منطق الكراهية بين المتعلمين من أبناء هذا الوطن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى