وطنية

المنسيون في زمن فيروس “كورونا”

الرباط اليوم: آشكاين

لجائحة “كورونا” ضحايا انشغل العالم بعد أرقامهم، متغافلا ملايين المنسيين من المشردين، الذين لا منازلهم يعزلوا أنفسهم فيها، ولا وسائل نظافة يقون بها أجسادهم “المرهقة” وملابسهم الرثة “المتسخة”. وكذا من الأطر الطبية وعناصر الوقاية المدنية وكل الذين عزلهم الواجب الإنساني والوطني والمهني، عن فلذات أكبادهم وزوجاتهم وأحبائهم.

هؤلاء المشردون والمتسولون الذين جعلت لهم قساوة الحياة، الأرض فرشا والسماء لحافا، والقمامة قوتا، أصبحوا اليوم مهددين أكثر من غيرهم بالإصابة بـ”كورونا”، لأن كل وسائل الوقاية التي حددتها منظمة الصحة العالمية والحكومات غير متاحة لديهم، فلا مال لهم لتوفير وسائل النظافة ولا لتناول أكل لم تعده أو تلمسه يد مصاب، ولا بيوت لهم يلزموها، ولا هواتف وربما لا “وعي” أو لا “رغبة” لديهم في التوجه إلى المستشفى عند الإحساس بأعراض الوباء. لهذا فإنه يبقى من المطلوب والواجب أن يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية هذه الفئة، عبر توفير أماكن لإيواءهم، وفحصهم طبيا.

أما جنود الخفاء، الذين ربما لا تغمض لهم عيون إلا بضع ساعات في مواقعهم الأمامية في الحرب على “كورونا”، من أطر طبية وتمريضية وخبراء التحاليل وعناصر الوقاية المدنية والأمن والدرك وكل الذين لم تسعف هذه الأحرف على ذكرهم، فهم لا يستطعون أن يقبلوا أبنائهم أو أن يعانقوهم، ولا يجدون للنوم في أحضان زوجاتهم سبيلا، ولا يقدرون على تقبيل يد أو رأس أباءهم وأمهاتهم، خوفا من أن يؤدي احتكاكهم بالمصابين بـ”كورونا” إلى أَذِيَّة أحباءهم. فكيف يكونون منسيون وهم وسط العاصفة.

ولا شك أنه من الواجب على الإنسانية أن تعتذر لمشرديها ليس لأنهم ضحايا جشع وطمع وأنانية أبناء جلدتهم، فقط، بل لأن “كورونا” جعلهم مظلومين مرتين، ولأنهم تركوا عزلا أمام موت يخترق الأجساد بالمس والإشتنشاق. كما أن الإنسانية واجب عليها أن تقف شكرا وإعترافا بالمعروف وتقديرا لكل الأطباء والممرضين وعلماء البيولوجيا، وكل الذين حملوا أرواحهم على أيديهم تلبية للواجب الانساني، وقدموا الصحة العامة على صحتهم الشخصية، لتنتصر الإنسانية على خطر يهدد بإنقراضها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى