وطنية

هذه السيناريوهات الأكثر واقعية لرفع الحجر الصحي

الرباط اليوم

يسود ترقب كبير في الآونة الأخيرة لمعرفة مصير الحجر الصحي، بالتزامن مع اقتراب موعد انتهاء “الطوارئ الصحية” في 20 ماي الجاري، حيث يتطلع المغاربة بكل شغف إلى أن تنتهي الجائحة وعذابها ليعودوا إلى حياتهم اليومية التي ألفوها، لكن الكرة اليوم في ملعب لجنة القيادة المنخرطة منذ مدة في تقليب السيناريوهات على الطاولة والبحث عن الأصلح لتدبير المرحلة المقبلة، علما أن كل ما راج حول الموضوع في المرحلة السابقة لا أساس له من الصحة، وفق تعبير مصدر حكومي لـ”الأيام”، بما فيها وثيقة بالفرنسية من خمس صفحات تم ترويجها على نطاق واسع على أساس أنها خطة المغرب لرفع الحجر الصحي الممتدة على مائة يوم بدءا من فاتح ماي الجاري.

لذلك وفي غياب أي معطيات رسمية إلى حدود اليوم، خاصة مع تأكيد وزير الداخلية مؤخرا في اجتماع للجنة الداخلية بمجلس النواب بأن سيناريوهات المرحلة المقبلة مرتبطة بما ستسفر عنه الحالة الوبائية للمملكة في قادم الأيام، فإن “الأيام” تقدم قراءة في فنجان السيناريوهات المحتملة اعتمادا على ما جمعته من معلومات من مصادر موثوقة، وهي في النهاية توقعات فقط.

مع دنو 20 ماي يضع المغاربة أيديهم على قلوبهم في انتظار الفرج، خصوصا أن هذا الموعد سيتزامن مع حلول ليلة السابع والعشرين من رمضان والتي يأمل المغاربة أن تكون ليلة الفرح في انتظار الفرح الأكبر يوم العيد.

لكن الحقيقة التي يعرفها الجميع أن رفع الحجر الصحي من عدمه لن تتحكم فيه العواطف أو شيء من هذا القبيل، بل ستحكمه الوضعية الوبائية في البلاد وتطور انتشار الفيروس، فضلا عن جوانب اقتصادية صِرفة، وبدرجة أقل تطورات بدء الشركاء الأوروبيين رفع الحجر الصحي، خاصة فرنسا التي يتفنن المغرب في تقليدها في كل شيء، والتي بدأت رفع الحجر تدريجيا ابتداء من 12 ماي الجاري رغم اعتراض مجلس الشيوخ.

وبخصوص الوضعية الوبائية التي ستكون حاسمة في خطوة المغرب المقبلة، فإن المعطيات المتوفرة تظهر أنها تطورت إيجابا في الأيام الأخيرة رغم أن أعداد الإصابات مازالت مرتفعة ولم تقل عن المعدلات المسجلة عادة، وذلك انطلاقا من أربعة مؤشرات، أولها أن النسبة الغالبة من الإصابات تسجل في صفوف الأشخاص المخالطين أو الموضوعين تحت المراقبة الطبية، والمؤشر الثاني يتمثل في انخفاض سرعة انتشار الوباء، ثالثا هو ارتفاع عدد الاختبارات المنجزة، والمؤشر الرابع فهو ارتفاع أعداد المتعافين بشكل يومي وتجاوزها أحيانا لأعداد المصابين.

لكن في خضم كل المؤشرات الإيجابية تبقى نقطة الضعف المسجلة استمرار تسجيل بؤر وبائية بين الحين والآخر، والتي تعيد التفكير إلى نقطة الصفر، بتعبير مصدر مسؤول بوزارة الصحة. وفيما يلي السيناريوهات المحتملة للمرحلة المقبلة:

السيناريو الأول: الأكثر تفاؤلا والأقرب للتحقق

رفع الحجر الصحي جزئيا

وفق هذا السيناريو ستحترم السلطات الحكومية الأجل الذي حددته لانتهاء حالة “الطوارئ الصحية”، وذلك بإقرار مرسوم جديد يحدد رفع الحجر الصحي جزئيا بما يضمن عودة الحياة بشكل تدريجي إلى طبيعتها، ويتجلى ذلك بفتح المجال أمام عودة بعض الأنشطة التجارية والصناعية لإطلاق ناعورة الاقتصاد، مع إمكانية فتح المؤسسات التعليمية في وجه المستويات الإشهادية، على أساس استمرار العمل بقاعدة “التباعد الاجتماعي” ووضع الكمامة، ويمكن في هذا السيناريو أن يستمر العمل بحظر التجول لفترة من اليوم لكن مع تقليص مدته، وفي هذه الحالة ـ يقول مصدر بوزارة الصحة – ينبغي أن يستمر انخفاض مؤشر سرعة انتشار الفيروس لما دون 1، وأيضا معدل التفشي الذي يستقر حاليا في 1.156، وأن تبقى عدد حالات الشفاء أكبر من حالات الإصابة حتى تستمر المنظومة الصحية في الأداء بشكل جيد، وتنتقل مع الوقت للتكفل بالمرضى الآخرين ويعود الولوج للعلاج متاحا لغير المصابين بكوفيد 19.

هذا السيناريو الذي يحاكي نموذج رفع الحجر الذي اعتمدته بعض البلدان الأوروبية هو الأقرب للتحقق، لكنه يصطدم بتحذيرات أطلقها خبراء عديدون، آخرهم عالم الأوبئة المغربي في الجامعة الأمريكية ماساتشوستس يوسف أولهوط، ووزير الصحة الأسبق الحسين الوردي، من احتمال حصول موجة ثانية من الإصابة تستغل أجواء رفع الحجر لتحقيق اختراق كبير للفيروس دون مقاومة.

وتبني هذه التحذيرات نظريتها على محدودية قدرة المغرب واستراتيجيته في مجال الكشف والتحاليل مقارنة بالدول الأوروبية، إذ رغم أنه أظهر قدرة على إجراء أكثر من 4000 تحليلة في اليوم، فإن ذلك ليس بكاف في هذه المرحلة التي تفرض توسيع الكشف ليشمل أكبر شريحة من المواطنين، وينضاف إلى ذلك العمل بقاعدة أن الأرقام المعلنة لا تمثل الحقيقة في الواقع، وهي ملاحظة غير مقصورة على المغرب بل تهم كل دول العالم، ويزكي هذه النقطة أن 84 في المائة من الحالات المصابة في المملكة بسيطة ولا تظهر عليها أعراض الإصابة بالفيروس، وفق ما أعلنته مديرية الأوبئة بوزارة الصحة، بل هناك قناعة عبر عنها البعض بأن ما تم اكتشافه إلى حدود اليوم هو أقل من 50 في المائة من الحالات الحقيقية.

السيناريو الثاني: سيء ومستبعد تحققه

تمديد الحجر الصحي لشهر آخر

تحقق هذا السيناريو رهين بحصول انتكاسة في الأرقام الإيجابية التي يسجلها المغرب خلال الأيام القليلة المقبلة، وهذا أمر مستبعد التحقق إلا إذا ظهرت بؤر محلية عديدة في ظل وجود مؤشرات عن تمرد المغاربة – خاصة في الأحياء الشعبية – عن الالتزام بالحجر الصحي، وذلك في ظل اقتراب حلول الأسبوع الأخير من رمضان الذي تزداد فيه النزعة الاستهلاكية للمغاربة استعدادا لعيد الفطر.

ويصطدم هذا السيناريو بعقبة الاقتصاد، حيث تظهر كل المعطيات المتوفرة أن الاقتصاد الوطني ربما لن يستحمل استمرار توقف عجلته لشهر إضافي، فهناك حاجة ملحة لإعادة الحياة جزئيا للاقتصاد الوطني، لذلك فحتى إن اضطر المغرب لتمديد الحجر الصحي فإنه لن يمدده إلى شهر، وقد يكون لأسبوع إضافي أو أسبوعين كأقصى تقدير، لضمان عدم حصول تبادل الزيارات بين المواطنين في العيد، مع ما يحمله ذلك من مخاطر انتقال العدوى.

السيناريو الثالث: جيد جدا لكنه مستبعد

رفع الحجر الصحي كليا مع استمرار إغلاق الحدود

يبقى هذا السيناريو مستبعدا في الفترة الراهنة، واتخاذ خطوة من هذا القبيل فيه مغامرة كبيرة لم تخضها حتى الدول التي تتمتع باقتصادات قوية ومنظومات صحية هائلة، لذلك فإن بلدا مثل المغرب كان سباقا إلى إغلاق الحدود على نفسه والتضحية باقتصاده لفائدة صحة مواطنيه لا يمكنه أن يغامر بكل المكتسبات المحققة، وهذا ما يجعل هذا السيناريو مستبعدا في المرحلة الراهنة حتى إذا حصل تطور إيجابي جدا في المنظومة الوبائية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى