مجتمع

هل زواج الفاتحة منتشر بين مغاربة العالم؟

الرباط اليوم

أكدت الإعلامية والباحثة في قضايا المرأة والهجرة بألمانيا، نادية يقين، أن زواج الفاتحة أو الزواج العرفي كما يطلق عليه في بعض الدول الأوروبية، يباركه بعض الأئمة في عدد من المساجد المشرقية، لافتة، في المقابل، إلى انخراط المساجد المغربية بألمانيا في منع توثيق مثل هذا النوع من الزواج الذي له تداعيات وتبعات تكون المرأة ضحيتها.

وأضافت يقين، في مداخلة عبر تقنية التناظر المرئي خلال جلسة علمية حول “توثيق الزواج عند مغاربة العالم”، أمس السبت بالرباط، أن زواج الفاتحة ليس بظاهرة جديدة على مغاربة العالم، مستطردة أنه “في الوقت الذي يبذل فيه المغرب جهودا كبيرة لاحتواء هذه الظاهرة والحد منها، نرى انتشار هذا النوع من الزواج بشكل كبير بين مغاربة العالم”، مستعرضة في هذا الصدد عددا من حالات الزواج بالفاتحة الذي لا يكتسي صبغة قانونية وإن كان أمام الشهود وموافقة الطرفين.

كما توقفت الباحثة عند أسباب اللجوء إلى زواج الفاتحة أو العرفي والمتمثلة على الخصوص في تعدد الزوجات الذي يعد تحايلا على القانون، والرغبة في تسوية الوضعية غير القانونية، مشيرة إلى أن هذا النوع من الزواج بدأ يعرف انتشارا كبيرا بين مغاربة المهجر منذ سنة 2015 بسبب موجة اللجوء الذي استقبلت ألمانيا بموجبها عددا كبيرا من اللاجئين والمهاجرين من عدة بلدان.

وبخصوص تداعيات هذا النوع من الزواج، تطرقت يقين إلى المعاناة النفسية والاجتماعية التي تعيشها النساء المغربيات اللائي يلجأن للزواج العرفي في بلاد المهجر بسبب الخوف من القانون وضغط الأهل والإحساس بالدونية وقساوة الظروف.

من جانبه، توقف محمد عسيلة، أستاذ باحث في علم الاجتماع بألمانيا، في مداخلة مماثلة، عند أسباب زواج الفاتحة وأشكاله وأضراره في سياق الهجرة (ألمانيا نموذجا)، لافتا إلى أن الواقع يفرض تناول هذا الموضوع من زوايا متعددة من خلال الوقوف عند إشكاليات الحياة في السياقات المتعددة ثقافيا وإثنيا ودينيا، والبعد عن الأسرة والعائلة الممتدة الحاضنة، والسعي لإيجاد بدائل لهذا البعد، إضافة إلى الاندماج والاستيلاب والخوف وتجارب الإقصاء والعنصرية والشعور بالاغتراب ونمو الإسلاموفوبيا.

وأكد الحاجة إلى معالجة هذه الإشكالية باتباع منهج متدرج ومتداخل المقاربات يجمع البعد المفاهيمي والفقهي والتشريعي – القانوني، وكذا البعد الديني والتديني والتاريخي والإبستمولوجي والنفسي، وذلك في إطار علاقة جدلية تقترن ضمنها التحديات المفاهيمية والحياتية وتأخذ السياق الأوروبي بعين الاعتبار (قانون الهجرة، قانون الأجانب، قانون اللجوء، قوانين التجمعات العائلية، قانون الطرد والتهجير، وقانون تسويات الوضعية القانونية والحصول على المساندة والدعم والمواكبة القانونية..).

وشدد في هذا الصدد على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الضغط النفسي والمعنوي للفتيات المغربيات في دیار المهجر اللائي يلجأن إلى زواج الفاتحة، داعيا في السياق ذاته إلى نشر الوعي وتفعيل دور المجتمع المدني داخل المساجد والجمعيات لمواكبة هذه الفئة من النساء قانونيا ودعمهن نفسيا.

أما محمد المختار العزاوي، الباحث بكلية الشريعة بجامعة ابن زهر بأكادير، فقد تناول زواج الفاتحة لدى المغاربة بفرنسا، مستعرضا في هذا الإطار عددا من حالات الزواج العرفي وتداعياته الاجتماعية، وأسباب اللجوء إليه والتي لا تختلف، بحسبه، عن تلك الموجودة في البلدان الأوروبية الأخرى.

وأكد أن الزواج بالفاتحة بات من الظواهر الاجتماعية التي شهدت في فرنسا، خاصة في الآونة الأخيرة، تطورا كبيرا وتزايدا ملحوظا سواء بين صفوف الجالية المغربية أو الجالية الإسلامية بشكل عام رغم عدم الاعتداد به من الناحية القانونية.

وبعدما أبرز أن عدم توثيق الزواج تترتب عنه مشاكل كثيرة كاختلاط الأنساب وضياع حقوق الزوجة والأبناء، أكد الباحث العزاوي أن توثيق الزواج بات أمرا لا مفر منه حفاظا على الحقوق، كما يظل التوثيق الوسيلة الوحيدة للحفاظ على الروابط الأسرية والوفاء بالحقوق الزوجية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى