RABATTODAYالرئيسيةوطنية

هل حققت حملات المقاطعة بالمغرب غاياتها؟

الرباط اليوم

تقترب حملة المقاطعة التي يخوضها مغاربة في حق بعض الشركات من نهاية شهرها الثالث، وهو ما يرى فيه الداعون لها بمثابة “نجاح”، في مقابل آخرون يعتبرون أنها “لم تحقق هدفها” بخفض الأسعار.

وتشهد حملة المقاطعة الشعبية حالياً زخماً أكبر بعد إعلان نشطاء توسيع نطاقها لتشمل منتجات شركات جديدة، للمطالبة بخفض أسعارها، وهو ما يشبه “عض الأصابع بين المنتج والمستهلك”.

ومنذ 20 أبريل الماضي، تشهد المملكة حملة شعبية لمقاطعة منتجات 3 شركات في السوق المحلية.

وشملت حملة المقاطعة أيضا شركات كبرى للمشروبات الغازية، وأسواق مرجان، بعد أن كانت مقتصرة فقط على محروقات إفريقيا، وماء سيدي علي، وحليب سنطرال، حيث أطلق نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الحملات للمقاطعة.

وبحسب نشطاء فإن مقاطعة هذه الأسواق التجارية الكبرى تأتي لدعم التجار الصغار.

وقال “نور الدين الحراق”، رئيس الجمعية الوطنية للمقاهي والفنادق، إن توسيع نطاق الحملة لتشمل مشروبات غازية يأتي لارتفاع أسعارها.

وقال محمد ياوحي، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن المقاطعة “تعبير حضاري من جانب الشعب، عن رفضه الظروف الاجتماعية الصعبة، وموجة الغلاء التي تضرب مجموعة من السلع والخدمات”.

وأضاف أن ما يفسر “الاستمرار المشروع” لهذه المقاطعة والإقبال الشعبي عليها، هو شعور المقاطعين بـ”عدم اكتراث” الحكومة والشركات، لمطالبهم.

ويؤكد ذلك “بوعزة الخراطي”، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بقوله إن ”فكرة المقاطعة حظيت بإقبال نظرا للضرر جراء ارتفاع الأسعار وانخفاض الجودة”.

وأضاف أن انخراط المستهلكين المغاربة في حملة المقاطعة ما هو إلا “تبلور للحق في الاختيار الذي يمنحه القانون المغربي للمستهلك في اختيار المنتج الذي يريد”.

وعن دعوات توسيع نطاق المقاطعة ، قال “الخراطي” إن جمعيات المجتمع المدني ستصطف وراء هذه الدعوات في حال كان لها ما يبررها من ارتفاع للأسعار، وانخفاض في الجودة.

وشدد في ذات الوقت على ضرورة الحذر من استعمال “سلاح المقاطعة” بشكل غير مبرر، خشية أن “يفقد هذا السلاح فعاليته”.

وهو ما يؤيده “محمد وايحي”، من خلال دعوته الى ضرورة أن تكون دعوات توسيع المقاطعة “مدروسة بشكل جديد وغير عشوائي”.

وأعلنت الشركات التي طالتها المقاطعة عن خسائر مالية، وسط جهود لتحسين صورتها في السوق.

وفي مايو الماضي، أعلنت شركة سنترال دانون بالمغرب خفض عملياتها بنسبة 20 بالمائة، كما سجلت عجزاً بحوالي 15 مليون دولار، وذلك في النصف الأول من العام الجاري، وزار “إيمانويل فابير” المدير العام لشركة “دانون” الفرنسية، المغرب قبل أيام.

وسعى إلى احتواء الأزمة بالقول إن زيارته تأتي من أجل “الاستماع لمطالب المغاربة وتغيير ما يمكن تغييره”، وهو ما اعتبره الداعون للمقاطعة بمثابة التأثير القوي.

نجاح للمقاطعة، وضرر للشركات المستهدفة، يقابله بحسب “ياوحي”، تعنت من قبل هذه الأخيرة، في الاستجابة لمطالب المقاطعين.

ويرجع ذلك إلى “اتفاق غير معلن، بين الشركات الكبرى في البلاد، لعدم الاستجابة لهذه المطالب خوفاً من امتداد المقاطعة حال نجاحها إلى منتجات أخرى”.

ويرى أن الشركات “تخشى الحكومة، أكثر من خوفها من المستهلك، لعدم رغبة الحكومة في خفض الأسعار، خشية من اتساع رقعة المقاطعة”، حسب قوله.

وسبق أن أعربت الحكومة عن “خشيتها” من أن تؤثر حملات المقاطعة على عمل الشركات، من دون موقف واضح بشأنها.

إذا كانت المقاطعة قد أصبحت واقعاً لا يمكن إنكاره في المغرب، فإن حل ما ترتب عليها من آثار، يتوقف بحسب “الخراطي”، على فتح حوار جاد مع المجتمع المدني، من أجل بحث مطالب المقاطعين، وإيجاد حل للوضع الراهن.

حل تستدعي الضرورة، إيجاده نظراً لما يمكن أن يترتب على المقاطعة حال استمرارها وتوسعها، من ضرر على الاقتصاد الوطني وعلى الشركات والعمال، وفق ياوحي.

ويرى ياوحي أن الحل لا يمكن تحققه إلا من خلال عرض الشركات لمعطيات محددة ودقيقة عن حجم الأرباح التي تسجلها، وخفض ما يمكن خفضه من أسعار مراعاة للقدرة الشرائية للمواطن.

وفي حال رفضت هذه الشركات “مصارحة الشعب بما لديها من معطيات”، فيؤكد “ياوحي” على ضرورة تدخل الحكومة المغربية، من خلال فتح السوق المغربي للمنافسة، وإعطاء تراخيص لشركات أخرى، بهدف كسر حالة “شبه الاحتكار” بالسوق وخلق نوع من التنافسية تؤدي إلى خفض الأسعار.

ودعا أكاديميون واقتصاديون مغاربة، مطلع الشهر الجاري، إلى تعليق مقاطعة مادة الحليب، لشركة فرنسية، لمدة 10 أسابيع بعد تعهد الشركة بخفض الأسعار.

جاء ذلك في بيان حمل توقيع نحو 40 أكاديمياً، إلى جانب اقتصاديين ورجال أعمال ونشطاء وإعلاميين.

وجاءت هذه الدعوة، بحسب البيان، على خلفية تعهد الشركة بخفض الأسعار.

غير أن الدعوة لم تحظ بالإجماع، وانتقدها نشطاء آخرون خصوصاً أن الشركات لم تخفض الأسعار بالفعل حتى اليوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى