سياسة

هل تكشف الحكومة عن “حفار قبور الحريات” داخلها؟

الرباط اليوم: محمد الشمسي

هل من الصدفة أن يتم الكشف عن مشروع قانون “قبر الحريات” ليلة الأربعينية” (أي بعد مرور 40 يوما من مصادقة الحكومة على القانون القاتل للحريات سرا ، فتاريخ المصادقة عليه كان في 19 مارس وتاريخ الكشف عن التفاصيل كان بتاريخ 28 أبريل) ؟، هل تم تسريب مشروع “وأد الحريات” لجس نبض الشارع ومعرفة وزن الحرية في أجندته ومدى استعداده للدفاع عن هذه الحرية في ظل التهافت على العدس واللوبيا في زمن كورونا؟، أم كان التسريب عملية انتقامية من داخل الجهاز الحكومي نفسه لإلحاق الأذى بجهة معينة، وإظهارها للشعب أنها تبتز الدولة بوسائلها الخاصة والقوية لدفعها إلى حمايتها؟، هل تم استغلال جائحة كورونا والحجر الصحي وحالة الطوارئ الصحية ، التي لا يمكن معها تنظيم مسيرة أو وقفة أو احتجاج، للقيام بغزوة وحشية ضد سكان” العالم الافتراضي” واجتثاثهم بقانون وحشي وبدائي لم يقو على وضعه حتى “الإنقلابيون” في الأنظمة العسكرية؟، هل يوجد ضمن حكومة انتخبها شعب شخص أو عدة أشخاص تسمح لهم ضمائرهم بافتضاض طهارة الحرية من أجل “بضاعة” فانية أو “خدمة” زائلة أو “شركة” عابرة، حتى ولو كانت تلك المسودة مجرد شخابيط ؟، أيعقل أن مجلس الحكومة وفي غمرة اكتساح الفيروس لكل دول العالم التأم فقط لجر الحريات نحو حبل المشنقة بدافع من الغل والانتقام ؟، أيعقل أن تسن الحكومة قانونا موغلا في التطرف “ما فيه عا عامين وثلاث سنين وربعة وخمسة ديال الحبس”، فقط لأن الفاعل حرر مكتوبا أو تسجيلا على حاسوب أو هاتف ذكي، وهو لم يختلس مالا عاما، ولا زور صفقة عمومية ولا أفسد عملية انتخابية باستغلال فقر أو هشاشة أو جهل ولا اشترى ذمما ودخل البرلمان مشوها، وهو لم يعترض سبيل المارة بسيف، ولا صنع حزاما ناسفا.


فمسودة مشروع قانون رقم 22.20 تتكون من 25 مادة، بربرية ومغالية ليس فقط في عقوباتها، ولا في مصطلحاتها ، بل حتى في كيفية بناء أركان الجرائم التي استحدثتها ، لنتأكد أنها وُشِمت بمخالب وأنياب الثأر من “قبيلة السوشل ميديا”، فعند قراءة مواد المسودة يغالب المرء قيء ورعب، حيث سعى ” حفار قبر الحريات” في الحكومة إلى إخضاع “الكوكب الأزرق” لاحتلال وهيمنة هيئة رقابة ــ لم يكشف عن تركيبتهاــ تعد الأنفاس وترخص لها، وعندما وجد نفسه سيصطدم بالجسم الصحافي سارع إلى إخراج الصحافة من قبر الحريات هذا، بمعنى أنه إذا كانت نفس الجريمة مرتكبة من طرف شخصين أحدهما صحفي والثاني مجرد مدون أو مغرد، فالصحفي يستفيد من قانون الصحافة ، والمغرد أو المدون “مشا فيها كفتة”، في سعي من “حفار قبور الحرية” لكسب ود الصحافة وضمان عدم إشعالها لنيران الثورة، ، ثم إن “حفار قبر الحريات” هذا بليد ومغفل و “مدايرش لا ميزاجور”، من خلال مسودته، فقد أنشأ جرائم وعقوبات سبق لقوانين أخرى تفصيلها وتحديد عقوباتها، مثل نشر الخبر الزائف وإفشاء الأسرار، وحماية المعطيات الخاصة، وجرائم التحريض على العنف ، فمن يريد الوصول بسوق القوانين إلى حد التضخم والتعارض ؟.


لقد كنا نراهن ان تحفر الحكومة قبورا للتخلف والفقر والبطالة والأوبئة فإذا بها تغدر بالشعب وتحفر حفرة له ولحرياته ، فهل تكون لها الشجاعة في كشف هوية حفار قبور الحريات داخلها؟ والكشف عن من يحميه ويحرضه؟ ..ذلك هو السؤال إن رغبت الحكومة في تزكية نفسها وتطهيرها من رجس مشروع مقزز ومنبوذ لم يخطر حتى على بال ” هتلر” في زمانه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى