سياسة

قضايا حارقة تنتظر حكومة أخنوش

الرباط اليوم: متابعة

في سياق مشحون بتبعات أكثر من سنتين من وباء كوفيد19، وما خلفه الارتفاع الكبير في أسعار المحروقات وانعكاسه على أسعار مختلف المواد الأساسية التي زادت من الاختناق الاجتماعي الذي تفجر في شكل حملة إلكترونية مستمرة منذ أسابيع، تُقبل حكومة عزيز أخنوش على افتتاح جولة أخرى من الحوار الاجتماعي خلال شتنبر المقبل.

المؤشرات كلها تشير إلى أن الدورة القادمة من الحوار الاجتماعي ستكون ساخنة بكل المقاييس، خاصة وأن مختلف النقابات تدخلها بانتظارات كثيرة، وسقف مطالب واضح، مع ما سيرافق ذلك من ضغوطات على الحكومة.

ملفات كثيرة عالقة منذ الجولات السابقة، تتعلق بمختلف الحوارات القطاعية، من التعاقد إلى التقاعد، إلى ورش الحماية الاجتماعية، والسجل الاجتماعي الموحد، والنظام الأساسي للوظيفة العمومية، وغيرها من النقاط المتشعبة، التي تجتمع كلها عند ضرورة تحسين الدخل والرفع من الأجور، وفق ما أكدته تصريحات مختلف النقابيين المستجوبين ل”مدار21″.

الزيادة في الأجور

وأوضحت خديجة الزومي، النائبة البرلمانية عن حزب الاستقلال وعضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، أن الزيادة في الأجور من أبرز الأولويات، خاصة مع “الغلاء الفاحش لمختلف المواد الأساسية، وهي العملية التي يجب أن تتم عبر ممرين أساسيين إما التخفيض من الضريبة على الدخل أو الزيادة مباشرة في الأجر”، وفق الزومي.

ومن جهته قال يونس فيراشين، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن هناك التزامات لاتفاق 30 أبريل، منها تخفيض الضريبة على الدخل، التي تعتبر مرتفعة بشكل كبير بالنسبة للأجراء، مشيرا إلى أن الزيادة في الأجور بالنسبة للموظفين من أهم القضايا أخرى التي تم تأجيلها لدورة شتنبر.

أما محمد زويتن، نائب الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، فأكد بدوره في تصريح ل”مدار21″ على أن الأحزاب المكونة للتحالف الحكومي سبق أن قدمت مجموعة من الوعود خلال الحملة الانتخابية، حول الزيادة في الأجور والاهتمام بالمسنين وذوي الدخل المحدود، وهي الوعود التي تم تأكيدها خلال الحوار الاجتماعي، “لكن لحد الأن لم تلتزم الحكومة والأحزاب المكونة لها بهذه الوعود”، وفق زويتن.

وتابع زويتن أنه “مع الغلاء الذي عرفته أسعار المحروقات وأسعار المواد الأساسية تم الإجهاز على القدرة الشرائية للمواطنين، ولا سيما ذوي الدخل المحدود، بينما لم تحرك الحكومة ساكنا ولم تقم بأي مبادرات تجاه الطبقة الشغيلة، والدليل على ذلك استمرار الغلاء الذي يؤدي ثمنه المواطن، في حين أن دول أخرى قامت بمبادرات تحسب لها”.

ولفت زويتن أن من بين الملفات العالقة هناك ملف الدرجة الجديدة التي لم يتم إحداثها بعد رغم الالتزام الحكومي، ذلك أن الموظفين يصلون إلى السلم 11 ثم تتوقف ترقيتهم، وكذا الزيادة في تعويضات الموظفين بالمناطق النائية، خاصة موظفي الصحة والتعليم، مثيرا كذلك “ملف السلم المتحرك للأجور” الذي طالب بإحداثه حتى يصبح بالإمكان مواكبة التطورات الحاصلة على مستوى غلاء الأسعار، مشيرا إلى أن الواقع يسجل ارتفاعا في أسعار مجموعة من المواد في حين تبقى الأجور ثابتة بالنسبة للموظفين في جميع القطاعات.

تعثر اتفاق 30 أبريل

بخصوص اتفاق 30 أبريل أكد يونس فيراشين أن هناك تعثر إلى حدود اللحظة في تنفيذ الاتفاق، داعيا إلى إخراج القرارات الخاصة بالتقاعد، لا سيما المتعلقة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والمتعلقة منها بتخفيض عدد الأيام الواجبة للعمل من أجلب الحصول على التقاعد، ومجموعة من القضايا الأخرى التي يفترض إخراج النصوص المتعلقة بها.

وأكد فيراشين أنه سيتم الوقوف خلال جولة الحوار الاجتماعي لشهر شتنبر على مختلف هذه النقاط، وسيتم التأكيد على ضرورة التزام الحكومة بكل ما يسفر عن الحوارات من تعاقدات، من أجل خلق الثقة في الحكومة وفي مؤسسة الحوار الاجتماعي بشكل عام.

وأوضحت الزومي من جانبها أن “الحاجة ليست للتشريعات بل نريد نيات حقيقية في التخفيف عن المواطن المغربي وتمكينه من العيش الكريم”، مفيدة أن “ما يهم أكثر هو تطبيق المحاور الأساسية في الحوار الاجتماعي، وعلى رأسها الزيادة في الأجر، وخلق فرص الشغل والحفاظ عليها لتجاوز ما خلفته تداعيات كورونا”، معبرة عن الحاجة إلى بلورة حقيقية لما عبرت عنه الحكومة في الحوار الاجتماعي وإعطاء المنافذ الكبرى للدولة الاجتماعية.

ورش الحماية الاجتماعية

في هذا السياق قال فيراشين أن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل “ثمنت منذ البداية ورش تعميم الحماية الاجتماعية”، مشيرا إلى ضرورة ضمان تمويل هذا الورش الذي يتطلب ميزانية ضخمة، وأن مصادر التمويل لا يجب أن تكون من جيوب المساهمين فقط في النظام الحالي، ولا على حساب القدرة الشرائية للمواطنين، حيث يتم الحديث على صندوق المقاصة باعتبارها من ضمن مصادر التمويل.

وتابع فيراشين أن هذا الورش يتطلب الحكامة، ذلك أن أكبر ملف للفساد في تاريخ المغرب كان في إحدى مؤسسات الحماية الاجتماعية، وهي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أكثر من 118 مليار درهم، داعيا كذلك إلى إشراك المنخرطين في التدبير، وأخيرا توفير البنيات الطبية التحتية لاستيعاب تنقيل 12 مليون من نظام “رميد” إلى نظام التأمين الإجباري عن المرض، لأن ذلك يتطلب مستشفيات عمومية مجانية وجيدة توفر الكرامة للمواطنين.

ومن جهتها عبرت الزومي عن أن انتظارات الاتحاد العام للشغالين بالمغرب تتمحور حول إخراج السجل الاجتماعي الموحد، لكي يذهب الدعم المباشر إلى الذين يستحقونه، مضيفة أن البدء في تحقيق ورش الحماية الاجتماعية والتعويضات التي سيستفيد منها 7 ملايين طفل، والزيادة في الأجور والمسك الاجتماعي يستجيب لانتظارات الاتحاد العام للشغالين بالمغرب.

انتظارات مؤجلة

وأفاد فيراشين أنه من أبرز انتظارات نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل خلال الدخول الاجتماعي المقبل أن دورة شتنبر “يجب أن تأخذ بعين الاعتبار الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمغاربة عامة وللطبقة العاملة والموظفين بشكل خاص، خاصة مع تأثيرات ارتفاع الأسعار بشكل مهول وتدهور القدرة الشرائية”. ما يتطلب، حسب رأيه، تحسين الدخل وحل إشكالية البطالة بعد أن تم الوصول إلى معدلات غير مسبوقة.

ولفت فيراشين إلى أن استمرار مجموعة من الحوارات القطاعية المفتوحة، يجب أن تكون فيها التزامات مالية حكومية من أجل تنفيذ هذه الاتفاقات، وخاصة ما يتعلق بالنظام الأساسي الجديد الذي يتطلب التزامات مالية من الحكومة خلال قانون المالية 2023، ولهذا ينبغي على هذا الأخير، حسب رأي فيراشسين، أن يأخذ بعين الاعتبار الحوارات القطاعية.

وتابع فيراشين أن هناك مجموعة من النزاعات الاجتماعية التي لم يتم حلها إلى حدود اللحظة، وهي نزاعات كبرى، مثل معمل “سيكوم” بمدينة مكناس، الذي يهم استمرار تشريد أزيد من 500 عامل دون حل إلى حدود اللحظة، بالإضافة إلى مجموعة من النزاعات الأخرى التي يفترض من وزارة الشغل عبر مديرياتها الجهوية، وزارة الداخلية، القيام بمجهودهما لحلها.

التقاعد قنبلة موقوتة

شبه محمد الزويتن في تصريحه ل”مدار21″ ملف التقاعد بالقنبلة الموقوتة، مضيفا أن صناديق التقاعد كشفت دراسات أنها كانت قريبة من الإفلاس، وأن الحكومة الحالية لم تضف أي إجراءات جديدة، وأن هناك حديث عن مشروع تمت إحالته على البرلمان يتضمن بعض الاقتراحات، ولا زال يخضع للدراسة على مستوى الحكومة، لكن مشكل التقاعد لا زال قائما.

مشكل التقاعد، وفق الزويتن، يتضمن شقين، القطاع العام والقطاع الخاص، بالنسبة لهذ الأخير يتكفل به الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لكن يسجل، حسب المتحدث نفسه، إلى اليوم أن هناك مواطنين يتقاضون أجور أقل من 1500 درهم، وعند وفاتهم يتقاضى ذوي الحقوق نصف المبلغ، متسائلا كيف يعقل أن مواطنين يبلغون من العمر ثمانون سنة يتقاضون 600 درهم أو أقل شهريا ولا يستطيعون تأمين حاجياتهم بعد سنوات من العمل.

وقال الزويتن إن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب يطالب الحكومة بتأمين الحياة الكريمة للمواطن المغربي، حيا كان أو ميتا، مطالبا بالحفاظ على تعويض يوازي الحد الأدنى للأجور “السميك” خلال فترة التقاعد.

إشراك النقابات

يعد إشراك النقابات من أهم الملفات التي تعتزم النقابات التشبث بها خلال الجولة المقبلة من الحوار الاجتماعي، لاسيما أخذ رأي النقابات في مشروع قانون المالية 2023 وإشراكها حول الموضوع.

ومن موقعه أفاد الزويتن أن سنتين من تبعيات فيروس كورونا، إضافة إلى واقع التوترات الأمنية والحروب التي أثرت على غلاء أسعار المحروقات والمواد الأساسية، كانت تفترض من الحكومة الاستجابة لمطلب النقابات بإحداث لجنة اليقظة الاجتماعية لمواكبة التداعيات الاجتماعية على العمال والموظفين والمقاولات والأسر، لكن الحكومة لم تقم، حسب رأيه، بإشراك النقابات ليتم معالجة الوضع والبحث عن الحلول بالرغم من كل التطورات السابقة، وهذا الملف لا زال مستمرا.

الأمن المائي والغذائي

كما سجل زويتن غياب مبادرات حكومية لدعم الفئات المتضررة من الجفاف وقلة التساقطات المطرية لهذه السنة، لا سيما فئة الفلاحين الصغار وأصحاب الفلاحات المعيشية، مما أثر على الفلاحة المغربية، حسب رأيه.

كما أن اختيارات الحكومة بخصوص الفلاحة، وفق تصريح الزويتن، أثرت على الأمن المائي والأمن الغذائي، ما يتطلب إعادة النظر في أولويات أنواع الزراعات والفلاحات المطلوبة، والتي تستحضر المواطنين بالدرجة الأولى، من خلال تأمين القوت اليومي بدل التوجه نحو الزراعات الموجهة للتصدير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى