أقلام وآراء

أردوغان ولعبة داعش.. من أجل إعادة رسم خريطة مصالح تركيا

الرباط اليوم

الحسين برة*

بعد أن عملت الولايات المتحدة الأمريكية على سحب قواتها من مناطق حدودية شمال سوريا، أطلقت تركيا في شخص رئيسها رحب طيب اردوغان، حملة عسكرية واسعة على الحدود مع سوريا على امتداد 130 كيلو متر، بين مدينتي تالبيض ورأس العين. الهدف المعلن من هذه العمليات العسكرية التركية حسب اردوغان هو إنشاء منطقة آمنة خالية من الملشيات الكردية لإقامة اللاجئين السوريين. تشارك في هذه العملية التي أطلق عليها اسم ”نبع السلام” وحدات من الجيش التركي وفصائل من المعارضة السورية.

إن التوغل العسكري التركي في شمال سوريا قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار والأمن وإقامة الفوضى وتغيير موازين القوى في المنطقة، كما أنه قد يحدث تغييرا ديموغرافيا وعرقيا في الشمال السوري، أو يؤدي إلى تطهير عرقي، خصوصا وأن تركيا تسعى جاهدة إلى منع قيام دولة كردية في المنطقة على الحدود السورية التركية، كما يؤدي هذا التدخل العسكري إلى ضم المناطق السورية الشمالية.

فرار الدواعش من السجون ومحاولة إعادة بناء التنظيم

إن العمليات العسكرية التركية في شمال سوريا أو ما أصبح يعرف بعملية نبع السلام تزامنت مع دعوة زعيم تنظيم داعش، أبو بكر البغدادي، قبل أسابيع في 16 شتنبر 2019، إلى إقصاء مقاتليه وعائلاتهم المحتجزين في السجون والمخيمات. ما جاء في رسالة البغدادي الآن ينفذها الرئيس التركي اردوغان بشنه هجوم عسكري ضد الأكراد في شمال سوريا وهذا يوحي بوجود فرضية أو شبهة تورط تركيا في دعم إرهابيين في سوريا والعراق.

لقد عمل التوغل العسكري التركي على قصف السجون التي يحتجز فيها أخطر عناصر تنظيم ”داعش”، هذه السجون تضم الجهاديين الذين تم اغتيالهم أثناء عملية نبع السلام، في القتال ضد داعش بعد سقوط آخر معاقل الدولة الإسلامية في سوريا.

كما أن المخيمات تأوي عشرات الآلاف من أفراد عائلات المقاتلين السوريين والعراقيين والأجانب (جلهم من النساء والأطفال)، التابعين لداعش ومن بين المخيمات نجد:

مخيم الهول: يضم حوالي 68 ألف شخص معظمهم من عائلات وأبناء داعش.

مخيم روح يضم 180 تقريبا معظمهم من عناصر داعشيين بالتنظيم الإرهابي

يشغل حاليا هذا الهجوم التركي على شمال سوريا لإعادة نشاط خلايا داعش النائمة إلى الواجهة خصوصا وأن قوات ”قسد” لا تملك القدرة والإمكانيات العسكرية لحراسة السجون والمخيمات التي توجد بها عناصر ”داعش” المقاتلون والقياديون.

إن فرار عناصر تنظيم داعش من سجون ”قسد” إبان الغزو التركي بات ينبئ بخطر في الأفق لعودة تنظيم داعش الإرهابي وإحياء دولة الخلافة  مرة ثانية. فداعش يمتلك الآن فرصة لاستعادة نشاطه وتنظيم صفوفه والبروز على الساحة مرة أخرى، في غياب مؤشرات قوية على إمكانية حسم هذه المعركة في الأمد المنظور.

التنظيم العنيف هذا، يستغل “الغزو” التركي لشمال سوريا أو ما يعرف بعملية نبع السلام للانتشار من جديد داخل تركيا وحدودها، ذلك أن تركيا بالنسبة لداعش ممرا آمنا للجهاديين للعبور إلى سوريا أو للتسلل إلى أوربا للعودة إلى أوطانهم بشكل غير مباشر.

التنظيم الداعشي يستغل الآن الأراضي التركية بعد فرار أبرز قياداته من سجون”قسد” كمحطة للقاءات، لتجنيد المقاتلين من جديد ورسم خريطة عمل جديدة للانتشار والعودة إلى القتال ونشر الأفكار المتطرفة داخل مناطق الصراع في سوريا والعراق.

إلى ذلك، تركيا تضم معظم معسكرات تدريب المقاتلين الأجانب  ومقاتلي تنظيم داعش. فأغلب المقاتلين الأجانب من دول أوروبا أو من دول إفريقيا الشمالية يتخذون الأراضي التركية كنقطة استراحة، أو توقف ينتظرون الفرصة للانضمام إلى مقاتلي تنظيم داعش.

أيضا تركيا يفترض أنها تستعمل وتضم عناصر تنظيم داعش الهاربة من سجون قسد للمشاركة وإسناد الغزو التركي ضد القوات الكردية نظرا لخبرتها الميدانية، كما أن تركيا قد تستغل تدهور العلاقات التركية والأوروبية في السنوات الأخيرة بغية استعمال المقاتلين الأجانب المنتمين إلى تنظيم داعش الهاربة من سجون قسد، وعددهم حسب إحصائيات وردت في تقارير خاصة يبلغ حوالي ثلاثة ملايين ونصف لاجئ، من أجل السماح لهم للعبور والتسلل إلى أوربا، كورقة ضغط يلوح بها  أردوغان لتنفيذ مخططاته وسياساته، ذلك بعدما فشلت دول أوروبا في مهمتها الرامية إلى إعادة مواطنيها من شمال سوريا وتقديمهم أمام العدالة.

باحث في القانون العام والعلوم السياسية

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى