RABATTODAYالرئيسيةوطنية

مولاي الهمة و سيدي مزوار.. هم كذلك من خدام الدولة

Himma-Mezouar-Daoudi

الرباط اليوم

الجدل الذي أثير في المواقع الإجتماعية حول فيديو الهمة و مزوار في ملهى ليلي بدبي, و كمية المدافعين عن هذا التصرف كانت فوق التوقعات. و هنا لا بد من الإشارة أنه, و إن كنا سباقين لنشر هذا الفيديو, فنحن لا نصنع الإهتمام وليس لدينا القدرة على ذلك. وكنا فعلا نتمنى أن يهتم القارئ المغربي بأشياء أجدر في نظرنا كأخبار أخرى تمر مرور الكرام كأخبار وفاة مئات المغاربة كالذباب غرقا في سواحل ليبيا أو أخبار التهرب الضريبي و الحسابات المخفية في الخارج أو أخبار إستخدام مؤسسات عمومية لإنقاذ ثري نافذ من الإفلاس إلخ.

أولا وجب وضع الأمور في نصابها, فالهمة و مزوار هما من أعلى موظفي الدولة السياسيين, و الفيديو موضوع الجدل صُور لهما وهم في مهمة رسمية و ليس في عطلة خاصة. ومن موقعهما يقع الرجالان و تصرفاتهما تحت إطار التمثيلية الرسمية وهو ما يعني أنه يجب التحلي بشيء من المثالية في عدد من الجوانب (بما في ذلك طريقة اللباس) ولا يمكن خلط هذا بحرية شخصية مفترضة.

ثانيا هذان الموظفان ينتميان لنظام إسلامي يحكم بإسم الدين والإسلام, و يدعي رئيسهما أنه أمير المؤمنين و أنه حامي الملة و الدين و المسؤول الوحيد عن الإفتاء في الدين بل يذهب إلى حد الإدعاء بأنه حفيد للنبي, و يبرر حكمه بذلك. وبالتالي فقمة الفهاهة الإختباء وراء “الحرية الشخصية” في ظل نظام كهذا.

ثم يجب الإشارة إلى رياء مفضوح فإختلاف ردات الفعل, فقد سبق وأن تفننت المنابر الإعلامية الرسمية في التطفل على الحياة الخاصة للناس في عدد من الحلقات. بدءا من نشطاء 20 فبراير سنة 2011 الذين شُهر بهم و سرقت صورهم الشخصية, ثم مع معاذ الحاقد و هشام المنصوري و أطر جماعة العدل و الإحسان و حتى الوزير عبد القادر أعمار الذين إتهم بإقتناء قنينة خمر في فندق, أو الحياة الخاصة لزكرياء مومني و كيف سعت “الجهات المعلومة” لإبتزازه بصور خاصة إلتُقطت له خلسة داخل غرفته بفندق أو مصطفى أديب الذي شُهر بحياته الخاصة هو الآخر في الإعلام الرسمي, و الحالة الأكثر فضحا هي حالة الناشط الصحراوي النعمة أسفاري, والذي, بغض النظر عن أفكاره أو إنتماءه للبوليساريو من عدمه, يجب على أي شخص أن يحكم على الصور الخاصة التي نُشرت له في المنابر الإعلامية الرسمية مع زوجته, أو صديقته, والمسروقة من هاتفه الشخصي, و يقترح المنطق و يرجح العقل أن هذه الصور سُربت من طرف الشرطة بعد إعتقالها له و البحث في هاتفه. في كل هذه الحلقات لم نسمع ولو همسة قطة لكل من يدعون اليوم بأنهم “فرسان الحياة الشخصية”.

بعض “البزاقل” (ليس هناك مفردة أكثر دقة لوصف هذه النوعية) يفسر هذه الإزدواجية في المعايير بين الخوض في الحياة الشخصية لأعضاء من البيجيدي أو العدل والإحسان (رغم أننا إستعرضنا أن هذا الخوض يتجاوز حتى أعضاء مثل هذه الحركات) و التجافي والتسامح مع السلوكات (التي ليست حتى بحياة شخصية لأنها تمت في مهمة رسمية و لأن هؤلاء الناس يتولون مناصب عمومية سامية و تمثيلية الدولة في أسمى معانيها) التي رأيناها في فيديو مزوار و الهمة, يفسرونها بكون أن الفريق الأول هو إسلامي وبالتالي يجب التعامل معه على أساس معاييره و الفريق الثاني “حداثي” وبالتالي يجب التعامل معه بمعايير أخرى.

مثل هذه الإزدواجية في المعايير التي هي صلب عقيدة النفاق, هي نفس الإزدواجية التي تجعل القضاء أو الشرطة أو الإدارة تتعامل مع المواطن بحسب الفئة التي ينتمي إليها, هي نفس الإزدواجية التي تدعو لنبذ العنصرية مع بعض الأقوام في حين تغض الطرف عن العنصرية في الأقوال والأفعال, ضد الأمازيغ أو العرب أو الصحراويين في المغرب. هي نفس الإزدواجية التي تدعو لحرية الدين و المعتقد و في نفس الوقت تدعو لإضطهاد أو حتى قتل الشيعة, وهي نفس الإزدواجية التي تبكي و تصرخ عند وقوع هجمة إرهابية في فرنسا أو أمريكا و تتجاهل مثيلتها في العراق أو سوريا أو تركيا أو نيجيريا أو أفغانستان أو اليمن أو السعودية, و هي نفس الإزدواجية التي تدافع عن حرية إمرأة ما في إرتداء ما تريد و لا ترى عيبا أو مانعا في أن يتم إقصاء إمرأة من عمل لإختيارها لباس معين. وهي نفس الإزدواجية التي تدعو لحقوق أو تحرير المرأة وتجدها في الصفوف الأمامية للدفاع والتصفيق عن أكبر نظام قامع للمرأة في التاريخ طمعا في إكراميات هذا النظام, من وظائف و سفريات ومناصب…

ختاما لا نرى في هذا الموضوع ككل داعيا لكل الجدل الذي أثاره, فمن المعروف لدى الجميع مثلا أن نفس الملك الذي يدعي بأنه أمير المؤمنين و يحكم بإسم الإسلام هو أكبر تاجر للخمر في المغرب, الكل يعلم هذا ومنذ سنوات و لم يخلق لهم هذا الأمر أي مشكل في نفسه و عقيدته مع العلم أن الملك لا يحتاج أصلا لبيع الخمر و يمكنه بسهولة الإبتعاد عن مثل هذا النشاط إحتراما لمنصبه دونما أن يكون لذلك أدنى أثر سياسي أو أثر على جيب الملك و ثروته. جزء من الشعب المغربي منسجم بسيكولوجيا مع النفاق ويمارسه لا شعوريا, ولا يحب أن يتم الإشارة لهذا النفاق بطريقة مباشرة, وهذا الإحراج هو أصل و سبب كل الإهتمام الذي أثاره هذا الفيديو.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى