أخبار العالم

ما تداعيات غزو أوكرانيا على المغرب؟

الرباط اليوم: مدار21

في خضم حديث الصواريخ والدبابات في أوكرانيا حاليا وتداعيات جفاف الأرض على إنتاج الحبوب داخليا بالمغرب،ساءلت مدار 21 خبيرين اقتصاديين حول الآثار المحتملة لهذه المغامرة الروسية التي أربكت اقتصاد العالم على المملكة.

الخبير الاقتصادي محمد الشيكر والخبير بالسياسات الزراعية العربي الزكدوني ذهبا معا إلى أن هذه الأزمة سترفع أسعار الطاقة والحبوب، معتبرين أنها تفرض مساءلة موقع زراعة الحبوب في استراتيجيات البلاد الفلاحية استباقا لمثل هذه الأزمات.

أوكرانيا التي استفاقت على سماء تحلق فيها مقاتلات الجيش الروسي وحقول تتحرك فيها دباباته، تعد إلى جانب روسيا وفرنسا في صدارة الدول التي يستورد منها  المغرب حاجياته من الحبوب والقمح بشكل خاص.

وسبق أن أكدت وزارة الزراعة الأمريكية  في تقرير خاص  أن أوكرانيا استطاعت أن تضاعف وارداتها من القمح  نحو المغرب في سنوات قليلة بشكل لافت.

تأثير الأزمة رهين بتوقيت التموين

الخبير الاقتصادي، محمد الشيكر ، اعتبر أن دراسة تأثيرات الأزمة الأوكرانية على الاقتصاد المغربي  مسألة تتطلب استحضار معطيات وعوامل مختلفة.

وأوضح الشيكر، في تصريح لمدار 21، أن المغرب يتأثر الآن بالجفاف أكثر من هذه الحرب وإن كانت لها تداعيات على أسعار الطاقة والحبوب بشكل عام.

وأشار إلى أن فكرة اللجوء إلى السوق قصد تأمين  حاجيات المغرب من القمح لا تتم بشكل اعتباطي وإنما على مدى معين وفي توقيت محدد، ف”أكيد أنه إذا اقتنى المغرب الآن هذه المادة سيقتنيها بسعر مرتفع، لكن ربما يتغير الوضع بعد ثلاثة أشهر مثلا”.

وأضاف أن هناك أيضا إمكانية “الذهاب لمزودين آخرين”، قائلا ” الحرب على أوكرانيا ستؤثر على القمح والمحروقات الذي تجاوز سعره الآن 100 دولار ، لكن تحديد كلفة كل هذا مرتبط بالظرفية العامة والمدة التي يغطيها مخزون الحبوب لديك والوقت الذي يفسحه أمامك لمراقبة السوق”.

وواصل “لعلها نقمة في طيتها نعمة”، مذكرا أنه “حين قررت أوربا محاصرة الاقتصاد الروسي تمكن المغرب من اختراق الاقتصاد الروسي في مجال تصدير البواكر والخضر..هكذا  قد تخسر من ناحية وتربح من أخرى”.

“يجب الاشتغال على فرضية الحبوب”

من جانبه، توقع الخبير المغربي في السياسات الزراعية ،العربي الزكدوني، أن يكون لهذه الأزمة بشرق أوربا “تأثير مباشر على تزويد السوق الوطنية حيث ستطرح إشكالات في تأمين حصة البلاد من الحبوب مع ارتفاع الأسعار المرجعية لهذه المادة”.

وتابع الخبير، في تصريح لمدار 21،  ” من جانب تكلفة القمح سترتفع بالنسبة للمغرب، ومن جانب آخر قد تكون هناك إشكالات ذات طابع لوجيستي ترتبط بسرعة تموين السوق الوطنية بظل أزمة شحن البضائع العالمية التي اندلعت في سياق الجائحة”.

وأضاف الزكدوني “بالنظر إلى الوضعية الراهنة للموسم الفلاحي بالمغرب سيكون هناك ضعف مهول جدا في الإنتاج الوطني للحبوب، وآثار الحرب الحالية على أسعار هذه المواد سيعقّد المسألة”.

وانتقد الخبير بالسياسات الزراعية “مخطط المغرب الأخضر لكونه لم يعط الاهتمام الكافي لتنمية قطاع الحبوب الذي يشكل أحد الروافد الأساسية للاقتصاد الفلاحي”، منبها إلى أن أهمية هذا القطاع تظهر بجلاء أكبر حين نعرف أن إنتاج الحبوب يعد ثاني فرضية بعد البترول التي يتم بناء عليهما إعداد قانون المالية.

وواصل “نظرا لكون السياسات المعتمدة في قطاع الفلاحة لم تولي العناية الكافية لقطاع الحبوب واتجهت لدعم منتوجات موجهة للسوق الخارجية تستنزف موارد مائية المغرب بحاجة إليها خاصة مع التقلبات المناخية، تبقى المملكة بحاجة إلى استيراد مواد أساسية مثل الحبوب والزيوت النباتية  (زيوت المائدة) التي تعد أوكرانيا أيضا من كبار مصدريها”.

ودعا الخبير في السياسات الزراعية إلى إيلاء العناية الكافية، انطلاقا  من الموسم القادم، لقطاع الحبوب باعتباره  أحد المكونات الأساسية للوجبة الغذائية للمغاربة ودعم الوحدات الإنتاجية الأسرية.

الحكومة: لا خوف على المخزون الوطني

وقللت الحكومة المغربية، اليوم الخميس، من حجم تأثير النزاع بين روسيا وأكرانيا على المخزون الوطني من الحبوب، مؤكدة أنه “لا خوف على المخزون الوطني من الحبوب جراء الأزمة بين أوكرانيا وروسيا”.

وأقر الناطق الرسمي باسم الحكومة والوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان مصطفى بايتاس بتأثير على مستوى الأسعار والدليل هو الارتفاع الذي شهدته أثمنة البترول اليوم بشكل ملحوظ، قبل أن يستدرك : لكن بخصوص الوضعية وتموين السوق الوطني” ليس هناك أي تأثير ربما سنؤدي الفاتورة مرتفعة نوعا ما بسبب ارتفاع الأسعار.

وتأتي التداعيات المحتملة لحرب بأوكرانيا على واردات الحبوب المغربية في سياق يتسم بأزمة تمس هذا القطاع الفلاحي بسبب الجفاف.

وحسب مؤشر “NDVI” لقياس الصحة الزراعية للأراضي الذي يعتمده مركز “غرو إنيتيلجينس”،  فالمناطق الخاصة بزراعة الحبوب بالمغرب في أدنى مستوياتها (الصحية) منذ سنة 2000.

خطر اقتصادي كبير

وسيكون المغرب مطالبا بإيجاد مصادر بديلة لتأمين حاجياته من القمح والذرة والشعير وسط هذه الحرب التي ألقت بظلالها على اقتصاد لم يتعافى بعد من تبعات جائحة كورونا.

وفي خضم الغزو الروسي لكييف، حذرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا الخميس من أن هذا الغزو يشكل “خطرا اقتصاديا كبيرا على المنطقة والعالم”.

وكتبت غورغييفا في تغريدة بتويتر “أشعر بقلق كبير حيال ما يحصل في أوكرانيا، وقبل كل شيء، حيال العواقب على أناس أبرياء. هذا يشكل خطرا اقتصاديا كبيرا على المنطقة والعالم. نحن نقي م التداعيات ومستعدون لدعم أعضائنا عند الحاجة”.

واجتاحت روسيا  أوكرانيا عبر عملية عسكرية  مزجت بين غارات جوية وتوغل بري أسفر عن سقوط قتلى من الطرفين، في وقت نددت فيه عدة دول بالغزو الروسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى