سياسة

العثماني: ندخل الانتخابات لنفوز بولاية ثالثة

  • حاوره: محمد كريم بوخصاص

على بعد أقل من مئة يوم من انتخابات الثامن من شتنبر الحاسمة، تُسلط الأضواء على حزب العدالة والتنمية أكثر من غيره لكونه في صدارة المشهد الحزبي منذ 2011 ولخوضه معركة الولاية الثالثة المثيرة لصداع الرأس، لذلك اخترنا إجراء حوار مع الدكتور سعد الدين العثماني رئيس الحكومة والأمين العام لحزب الإسلاميين، الذي لم يخفِ عزمه الدفاع عن حظوظ حزبه في كسب الولاية الثالثة غير المسبوقة في التاريخ السياسي الحديث للمملكة، وخلال أطوار الحوار أجاب العثماني بهدوئه المعهود عن بعض الأسئلة لكنه خرج عن طوعه وهو يجيب عن أخرى، فجاء الحوار على شكل مواجهة هنا تفاصيلها الكاملة.

 لعل أول سؤال يفرض نفسه لكي نستهل به حوارنا هو كيف كانت زيارة وفد «حماس» بقيادة رئيسها إسماعيل هنية للمغرب؟ وهل حققت الأهداف المرجوّة؟

> شكرا على إتاحة فرصة هذا الحوار. بالنسبة لزيارة وفد حركة حماس بقيادة رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، فهي الأولى من نوعها التي تتم على هذا المستوى، وقد جاءت بعد توجيه الدعوة إليهم في بداية فبراير الماضي، حيث بقينا على تواصل معهم حتى تيسر لنا الاتفاق على موعد الزيارة، بسبب التطورات التي عرفتها الساحة الفلسطينية منذ تلك الفترة، وفي مقدمتها الانتخابات الداخلية للحركة والانتخابات الفلسطينية التي تأجلت لاحقا، ثم الأحداث التي شهدها القدس الشريف والعدوان على قطاع غزة.

لقد كانت الزيارة ناجحة بكل المقاييس وحققت كل النتائج المرجوة منها، بل حققت أكبر مما كنا نتصور، لأنها كانت ببعد وطني وإن جاءت بدعوة من حزب العدالة والتنمية، وكانت مندرجة في سياق توجهات المملكة المغربية المعروفة بدبلوماسيتها الهادئة في مناطق النزاع والصراع والتوتر، وستمكنها من القيام بدور إيجابي في دعم المصالحة الوطنية بين الفلسطينيين، وأيضا دعم نضالات الشعب الفلسطيني ومقاومته من أجل إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف، وهو الهدف الذي لا يمكن للمغرب ملكا وحكومة وشعبا أن يتخلى عنه.

 أفهم من كلامكم أنكم وجهتم الدعوة لقيادة حماس لزيارة المغرب بعد توقيع اتفاق التطبيع، هل غيرت هذه الزيارة الموقف الذي عبرت عنه الحركة في ذلك الوقت والذي كان سلبيا تجاه المغرب؟

المهم هو أن يحصل لديهم فهم للسياق المغربي، وهذا ما تحقق في هذه الزيارة، ثم أن تبقى العلاقة بين الحزب والحركة متينة، كما تعكسها الزيارات السابقة لمسؤولي الحركة للمغرب، وحضورهم في عدد من المناسبات كما حصل سنتي 2012 و2017 بزيارة خالد مشعل.

صحيح أن العلاقة بين الحركة والحزب ليست جديدة، لكن سياق وتوقيت الزيارة لهما أهمية خاصة، وكما لاحظتم فرغم أن الحزب هو من دعا الحركة فإن الزيارة كانت ذات بعد وطني، ففضلا عن استضافة جلالة الملك للوفد مع عدد من الضيوف الآخرين، وفي مقدمتهم أفراد من الجالية الفلسطينية في الرباط على مأدبة عشاء، فقد التقى الوفد بعدد من المسؤولين السياسيين المغاربة وفعاليات من المجتمع المدني المناصرة للقضية الفلسطينية باختلاف توجهاتها السياسية والفكرية والإيديولوجية.

وقد برهن نجاح الزيارة على الميزة النادرة التي يتميز بها المغرب، والمتمثلة في تضافر جهود الجميع كلما تعلق الأمر بالقضايا الكبرى مثل قضية الصحراء المغربية وقضية فلسطين.

التنسيق مع زعماء الأغلبية كان يتم في فترات متباعدة

 لم تعد تفصلنا عن موعد الانتخابات سوى ثلاثة أشهر، هل مازال هناك تنسيق بين مكونات الحكومة أم انفرط عقد الأغلبية؟

لا أبدا، الحكومة مازالت تشتغل في انسجام كامل، والدليل هو أن كل اجتماعات المجلس الحكومي تتم وفق جداول أعمال غنية وتصدر عنها قرارات مهمة.

 هل مازال هناك تنسيق مع زعماء الأغلبية؟

> التنسيق مع الأغلبية كان يتم أصلا في فترات متباعدة وليس أسبوعيا أو شهريا، لكن الأهم أننا قررنا في الحكومة مجتمعين أن نشتغل إلى آخر يوم، لأن مسؤوليتنا ستبقى حتى تعيين حكومة جديدة، وقد تعاهدنا أن نواصل تنزيل كل الأهداف التي حددناها أول مرة في البرنامج الحكومي.

تقنين الكيف.. مازال رأيي أن الأولى كان التصويت بـ”نعم”

 بعد تصويت برلمانيي حزبكم ضد تقنين الكيف، كيف ستتعاملون كرئيس للحكومة مع هذا الملف خلال ما تبقى من الولاية الحكومية؟

فريق العدالة والتنمية عبر عن موقفه، وأحيي أعضاءه لأنهم درسوا الموضوع بموضوعية واتخذوا القرار بعد التصويت السري في لقاء خاص، ونحن نحترم قرارهم الذي لم يكن ضدا في قيادة الحزب بل بإذن منها.

 (مقاطعا) لكن قيادة الحزب مع التقنين؟

أنا مازال رأيي أن الأولى التصويت بـ«نعم» على التقنين، لكني لست ديكتاتوريا في حزب ديكتاتوري، أنا أمين عام في حزب ديمقراطي، وهذا ما يميز حزبنا عن عدد من الأحزاب الأخرى، والموقف الذي عبر عنه فريقا الحزب بمجلسي النواب والمستشارين لن يغير من الأمر كثيرا، فمشروع القانون صادق عليه البرلمان بغرفتيه ونحن في الحكومة ملزمون بتطبيقه.

 ألم يتم ذلك بضغط من الأستاذ بن كيران؟

>  هو عبر عن موقفه، لكن ليس هذا هو السبب الحاسم، وإذا اختزلنا الأمر في ذلك فكأننا نحتقر برلمانيي الحزب ونقول إنه ليس لديهم رأي. بالعكس، عندهم رأي عبروا عنه وقدموا حيثياته التي يمكن الرجوع إليها.

العودة إلى الحياة الطبيعية ليست قرارا بيدنا والفيروس يفاجئنا في آخر لحظة

 أقدمت الحكومة في الأسابيع الماضية على تخفيف الإجراءات الاحترازية، هل نحن على مشارف العودة إلى الحياة الطبيعية بشكل تام؟

> لا يمكن لأحد الجزم بذلك، رغم النجاحات المحققة بفضل تعاون الجميع بقيادة جلالة الملك على مستوى التحكم في الوباء ومواجهة تداعياته، وأيضا على مستوى تنزيل الحملة الوطنية للتلقيح ضد الفيروس، حيث نتلقى أسبوعيا التنويه من مسؤولين دوليين. وقد وصل عدد الملقحين بلقاح واحد على الأقل ما يقرب من عشرة ملايين مواطن ومواطنة يشكلون 30 في المائة من مجموع الفئة المستهدفة، ويتجاوزون مجموع الملقحين في الدول الإفريقية جميعها.

لكن رغم هذين النجاحين فإن الفيروس متحول ومتقلب لا يمكن التنبؤ بالتطورات التي سيكون عليها مستقبلا، لذلك يجب الاستمرار في الحيطة والحذر والتزام المواطنين بالإجراءات الوقائية الفردية مثل ارتداء الكمامة في الأماكن العامة، وتجنب السلام والمصافحة والعناق، وتجنب الازدحام، وغسل الأيدي بشكل منتظم.

 النجاح في التحكم في الوباء لا يوازيه نجاح على مستوى مواجهة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للجائحة، حيث مازال عدد من المواطنين يئنون تحت وطأة الإغلاقات دون أن يستفيدوا من أي تعويض مثل العاملين في المقاهي والمطاعم، المتضررين من الإغلاق في رمضان؟

> دعنا لا ندخل في التفاصيل، لأن هناك الكثير مما يُقَال في هذا الموضوع، والمهم بالنسبة إلينا هو تواصل صرف الدعم الموجه للمستخدمين في القطاعات التي شملتها قرارات الإغلاق، مثل قطاعات السياحة والثقافة والفن وغيرها حتى نهاية الشهر الجاري (يونيو 2021)، حيث يستفيد مستخدمو هذه القطاعات المتوقفون عن العمل من دعم بقيمة 2000 درهم شهريا، ويتم التكفل عن طريق صندوق كوفيد-19 باقتطاعاتهم الخاصة بصندوق الضمان الاجتماعي.

عمليا، لم يعد اليوم أي قطاع معنيا بالإغلاق، وإن كنا نعلم جيدا أن عددا من القطاعات المتضررة لن تعود في القريب إلى الوضعية التي كانت عليها قبل الجائحة، لكن نعول على تحقيق انتعاشة اقتصادية بعد التخفيف من إجراءات التنقل والتجمع، وبعد استئناف الرحلات إلى خارج المغرب، مما سيفتح المجال أمام عودة المغاربة المقيمين بالخارج إلى أرض الوطن، خاصة بعد مبادرة جلالة الملك بتخفيض تكاليف نقلهم، حيث تصل أفواج منهم عن طريق البحر والجو، إضافة إلى بدء تدفق السياح الأجانب، ويتوقع أن ترتفع الوتيرة في القادم من الأيام كما يظهر من ارتفاع نسبة حجوزات الرحلات القادمة للمغرب في الأسابيع المقبلة، وحسب المكتب الوطني المغربي للسياحة، ستستأنف 42 شركة طيران، بما في ذلك 4 شركات جديدة، أنشطتها في المغرب بعد استئناف الرحلات الجوية التي تربط المغرب بـ 43 دولة.

كل هذا سيسهم في تحريك الأنشطة الاقتصادية وعودة الحياة لجميع المهن المرتبطة بالسياحة مثل النقل السياحي والمرشدين السياحيين والصناعة التقليدية والفنادق، ومن ورائها لعدد من المجالات الاقتصادية الأخرى.

إجمالا، هناك بوادر خير في الأفق، ولا أخفيك أن تلقيح 30 في المائة من المواطنين المستهدفين يمنحنا الكثير من الأمان كي نزيد خطوات نحو الأمام.

 على ذكر حملة التلقيح، هناك فئة من المواطنين مازالت ترفض أخذ اللقاح، كيف ستتعاملون معها؟

عددهم محدود جدا، وأظن أنهم مع الوقت سيقتنعون بالتلقيح.

 في موضوع عودة مغاربة العالم، يعم غضب عارم المغاربة الوافدين من الدول المصنفة في اللائحة «ب» بسبب الإجراءات التعجيزية التي فرضتها الحكومة، ألن تراجعوها؟

> هذا التصنيف مرتبط بتوصية لوزارة الصحة مستمدة من المعلومات التي تقدمها منظمة الصحة العالمية ورأي اللجنة العلمية الوطنية التي تضم 20 خبيرا من تخصصات مختلفة لها علاقة مباشرة بواقع الجائحة، أي أن هذه الإجراءات المتخذة مرتبطة بتوصيات ذات طابع علمي وليس سياسيا أو اعتباطيا. لكن هذا التصنيف سيخضع – كما أعلنا سابقا – للمراجعة مرة كل أسبوعين، وقد تتم مراجعته حتى قبل حلول الموعد المفترض إذا اقتضى نظر الجهات الصحية والأمنية ذلك، وهذه المراجعة يمكن أن تكون في اتجاه الفتح والتيسير أو في اتجاه التشديد.

في انتظار ذلك أقول للمغاربة الوافدين من البلدان المصنفة في اللائحة «ب» أن شكاياتهم تحظى باهتمامنا، لكننا ندعوهم إلى أن يتفهموا الوضعية التي تعرفها بلادنا، ومازال أمامنا مزيد من الوقت لمراجعة الإجراءات قبل حلول عيد الأضحى.

 المشكل أن المغاربة يتخوفون من أن تتخذوا قرار تشديد الإجراءات الاحترازية خلال عيد الأضحى على غرار ما حصل في عيد الفطر؟

الأمر لا يعود إلى قرار نمكسه بيدنا، وأقول للمواطنين الذين يتساءلون دائما عن إصدار الحكومة قرارات في آخر لحظة، إن الفيروس بدوره كثيرا ما يفاجئنا في آخر لحظة.

 جل قرارات التشديد السابقة أعلنتم عنها خلال الليل، لذلك لا يمكن أن نتصور أن الفيروس يفاجئكم دائما في ذلك التوقيت؟

> عندما يقع حدث في النهار فإنه يحتاج إلى مدارسة قبل اتخاذ قرار بشأنه، ويلزم أن يخضع للتشاور بين كل المتدخلين حتى يحصل التوافق، لأن كل متدخل له دور معين في تنفيذ القرار وفي تقديم نظرة عنه، لذلك نحرص أن يكون الجميع حول الطاولة أثناء اتخاذ القرار، ليس بالضرورة أن يكونوا عمليا على طاولة واحدة، لكن المقصود أن الاستشارة تكون موسعة للوصول إلى نقطة التوازن وإصدار القرار في الوقت الذي يصبح فيه جاهزا.

وكما أن قرارات صدرت في وقت متأخر من اليوم فإن أخرى صدرت في وقت مبكر، آخرها قرار السماح بتنظيم رحلات استثنائية لعودة الجالية المغربية المقيمة بالخارج ابتداء من 15 يونيو الماضي، حيث صدر القرار قبل نحو 15 يوما من الموعد المقرر لمنح فرصة للمواطنين وشركات الطيران والملاحة البحرية لتنظيم الحجوزات وأخذ الاحتياطات اللازمة.

لكن هناك وضعيات استثنائية تطلبت منا اتخاذ قرارات استثنائية، وهو ما وقع لكل دول العالم، فالإغلاقات الأولى التي اتخذتها جميع الدول بما فيها المتقدمة كانت تصدر في نفس اليوم، لأن أي تأخر في استصدار القرار كان سيعطي فرصة للفيروس للفتك بمواطنين، لذلك يحتاج الأمر أحيانا اتخاذ قرار في نفس لحظة إدراك الخطر.

عن استقالة الرميد: مازلنا في حوار معه

 في الشأن المرتبط بحزبكم، كان مثيرا للانتباه استقالة المصطفى الرميد وتنحيه عن الحزب، أين وصل موضوع الاستقالة بعد إعلان الأمانة العامة تشبثها بالرجل؟ وألا يعكس ذلك تفاقم الأزمة الداخلية للحزب؟

> ليست هناك أزمة داخلية متفاقمة داخل الحزب، لأن الأزمة تعني توقف مؤسسات الحزب عن أداء دورها وعقد اجتماعاتها بشكل منتظم كما ينص على ذلك النظام الأساسي، وهو ما لم يحصل مطلقا، فكل مؤسسات الحزب تشتغل بوتيرة عادية. صحيح هناك بعض الاستقالات لكنها قليلة جدا، وتعتبر مسألة عادية في الحياة السياسية، إذ لا يوجد حزب في العالم لا يعرف استقالات بين الفينة والأخرى إما لأسباب ذاتية أو موضوعية، وكما أن الانتماء إلى الأحزاب طوعي فإن مغادرتها طوعية أيضا.

بالنسبة للأستاذ الرميد، فصحيح أنه ابتعد عن حضور لقاءات الأمانة العامة منذ فترة، وناقشنا هذا الموضوع داخل الأمانة العامة والتي اتخذت موقفها المتمثل في إعلان تشبثها به، ونحن مازلنا في حوار معه.

 لا يمكنك أن تنفي أن استقالة الرميد ليست عادية، خاصة أن قبلها كانت استقالة الأستاذ ادريس الأزمي..

> (مقاطعا) استقالة الأزمي مختلفة، لأنها كانت من المسؤولية فقط.

 نعم، ما قصدته أن استقالات قيادات بهذا الوزن تعبر عن مشكل ما، بغض النظر إن كانت من الحزب أم من المسؤولية؟

صحيح هؤلاء ليسوا أشخاصا عاديين.

 ألا تكرس هذه الاستقالات المسار السلبي الذي صار فيه الحزب منذ بلوكاج 2016 والذي كان من تداعياته أن الحزب لم يعد «شاد في راسو» كما كان في السابق؟

> المهم أنه «شاد» بما يكفي كي يخوض المعارك المقبلة، وهذا هو المهم في نظري دون الدخول في التفاصيل، لأن العدالة والتنمية حزب مؤسسات وليس حزب أشخاص ويجب أن نفهم هذه الخاصية، والأحزاب الديمقراطية الحقيقية هي التي يعود فيها الرأي الأول والأخير إلى المؤسسات وليس إلى الأشخاص رغم أهميتهم.

 لا يمكن أن تنفي أن بعض المستقيلين أو المبتعدين عن الحزب هم من الأشخاص الذين كانوا فاعلين في العمليات الانتخابية السابقة؟

> (صمت لبرهة) صحيح…

 لكن هذا الخلف الذي تتحدث عنه لا يجد الأبواب مفتوحة في وجهه، ولا أدل على ذلك من رفض المجلس الوطني الأخير حصر الترشح للمهمات الانتدابية في ولايتين؟

> إن نسبة التجديد في فريقي الحزب بالبرلمان عالية جدا، وقد أُعلنت أرقام بهذا الشأن سابقا، وهي تقترب من الثلثين، فعدد البرلمانيين في فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب الذين ينتخبون لأول مرة هو 81 نائبا من 125، أي حوالي 65 بالمئة، إلا إن كنت تريد تغيير جلد الحزب كاملا فذلك غير صحي. ونفس الأمر بالنسبة للأمانة العامة فنسبة التجديد داخلها عالية أيضا، وهذا الأمر هو تحصيل حاصل لأنه منصوص عليه في وثائق الحزب، حيث ينص النظام الأساسي على تخصيص نسبة لا تقل عن 25  في المائة للنساء وللشباب الذين تقل أعمارهم عن 40 سنة نسبة لا تقل عن 20  في المائة، من عدد الأعضاء المنتخبين في جميع الهيئات التقريرية والتنفيذية للحزب.

وفي الأخير فإن الحزب مطالب سواء في تحركه السياسي أو الانتخابي أن يضمن عنصري الاستمرارية والتجديد.

هناك أمر آخر يجب الانتباه إليه، وهو أن مسطرة اختيار مرشحي الحزب لا تخضع للمزاج فقط، ودور الأمانة العامة فيها محدود، لذلك قد يكون مفيدا أحيانا ترشيح عضو اختارته القواعد ثلاث مرات أو أكثر، فالراجح أن الذين اختاروه يدركون أنه الأقدر على كسب الرهان وتعبئة أعضاء الحزب بحماس.

 المشكل أن هناك برلمانيين بالحزب يتقدمون للانتخابات البرلمانية منذ سنة 1997؟

> نعم هناك برلمانيون منذ 1997 لكن عددهم محدود جدا كما قلت، كما أن الحزب وأعضاءه متشبثون بهم، وهذا موضوع نقاش مستمر في هيئات الحزب. والرأي الآخر يقول: هل نريد الديمقراطية ولا نريد نتائجها، فالنتائج قد تعجب أحيانا ولا تعجب أحايين أخرى.

 لديكم «سُنة» حَصر ولايات المسؤولية في مرتين، لماذا لا تطبقونها على المهام الانتدابية أيضا؟ ثم ماذا يمكن أن يقدم وزير بقي في منصبه ولايتين أو برلماني قضى أربع أو خمس ولايات؟

> أنا لا أفهم لماذا تريد الديمقراطية ولا تريد مخرجاتها. وبالمناسبة فإن وزراءنا لا يتم اختيارهم من الأمين العام أو من الأمانة العامة للحزب، بل يتم ذلك من طرف لجنة ثلثي أعضائها منتخبون من المجلس الوطني بالتصويت السري، وفي المرة السابقة احتل الوزراء الذين اختيروا المراتب الأولى في تصويت سري لأعضاء اللجنة بعد نقاش مستفيض، مما يعني أن الحزب اختار بعمومه هؤلاء الوزراء، وهذه قمة الديمقراطية.

الولاية الثالثة: نحن لسنا مهيمنين ولا يجب طرح الأسئلة المزيفة

 عينكم على رئاسة الحكومة مرة أخرى في الانتخابات المقبلة، ألا ترى أن تصدر الحزب للانتخابات من جديد ليس في صالح الدولة، وهذا النقاش أثير حتى داخل حزبكم قبل أشهر؟

> رأيي أن من مصلحة بلادنا أن تتقدم الديمقراطية المغربية خطوات إلى الأمام، وأن تتكرس أكثر دون تسجيل تراجعات، وهذا ما سينفع البلاد وسيجعل ثقة المواطنين في المؤسسات تزداد، خصوصا في ظل انخفاض معدل الثقة ورضا المواطنين في المؤسسات المنتخبة، كما أكد ذلك تقرير النموذج التنموي الجديد، ثم إن التنمية تتكرس أكثر عندما تكون الديمقراطية مكتملة الأركان وفي ظل وجود ممثلين اختارهم الشعب بحرية ويمثلونهم حقيقة.

فكيف نقول إن من مصلحة البلاد ألا تكون هناك ديمقراطية ! هذا غير مفهوم، لذلك أُمنِيتنا كما عبرنا عن ذلك في مذكرتنا أن تجرى الانتخابات المقبلة بشكل يشرف بلادنا ويعيد ويكرس أجواء الثقة، وليس مهما حينذاك من يكون الفائز سواء كان هذا الطرف أو ذاك.

 لكن هيمنة حزب لعقد ونصف على المشهد السياسي قد لا تكون مفيدة بالنسبة لبلد بالكاد يخطو نحو الديمقراطية..

> (مقاطعا) الله يجزيك بخير لا تستعمل عبارة «الهيمنة» لأن ذلك يصب في صالح أطروحة خصوم الديمقراطية. ليست هناك أي هيمنة. نحن طرف مساعد، صحيح نحن الحزب الأول لكن الهيمنة تعني تشكيل الحكومة من طرف حزب واحد له أغلبية مطلقة، وهذا غير حاصل في التجربة المغربية.

بدوركم كنتم تتهمون الأصالة والمعاصرة سابقا بأنه جاء ليهيمن على المشهد السياسي؟

> حزب العدالة والتنمية احتل المرتبة الأولى في مجلس النواب لكنه بعيد عن تحقيق الأغلبية المطلقة، كما أن له فريقا صغيرا في الغرفة الثانية، واحتل المرتبة الثالثة على المستوى الوطني في الانتخابات الجماعية، إذن أين هي الهيمنة؟

إن مصطلح «الهيمنة» يروجه خصوم الديمقراطية ويجب ألا نسمح لهم بالإساءة للديمقراطية المغربية وتبرير أي تراجعات. وكما تعرف، فقد قاومنا بشدة التعديلات الأخيرة في القوانين الانتخابية غير الديمقراطية وغير المنطقية والتي لا تنسجم مع أسس النظام الديمقراطي كما هو موجود في الأدبيات الديمقراطية وكما هو معمول به في مختلف دول العالم.

لقد كانت التعديلات المتعلقة بالقاسم الانتخابي شاذة جدا، وتتعارض مع توجه سابق لهذه الأحزاب نفسها في مطلع الألفية الجديدة، بسن تشريعات تضمن أغلبية برلمانية منسجمة تمكن من تشكيل حكومة منسجمة، بعد أن عانت عند تشكيل حكومة التناوب من كثرة الأحزاب التي بلغت أنذاك سبعة، لذلك أتساءل: ماذا وقع حتى جاء هؤلاء بهذه التعديلات؟ الجواب عن هذا السؤال هو عمق المشكل، لأن لا جواب عنه سوى مواجهة حزب العدالة والتنمية الذي لم يقووا على هزيمته.

 كيف تفسر أن الأحزاب كلها اجتمعت على تعديل القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين بدل الأصوات الصحيحة؟

> هذا سؤال مهم جدا، «الله يجازيك بخير» وجه إليهم هذا السؤال لأنهم المعنيون بالإجابة عنه، لقد قالها باحثون بشكل صريح: إنهم «حاروا مع هذا الحزب» الذي لم ينقص جماهيريا وسياسيا وشعبيا رغم حجم الأوهام التي باعوها، ومازال يمتلك حظوظا وافرة لتصدر المشهد السياسي مرة أخرى، لذلك جاؤوا بالقاسم الانتخابي على أساس المسجلين في الانتخابات البرلمانية، وقاسم آخر على أساس عدد المصوتين في الانتخابات الجماعية مع إلغاء العتبة، مما سيجعل الجماعات تشهد أكبر عملية بلقنة في تاريخ المغرب. فالمجلس الجماعي المشكل حاليا من ثلاثة أو أربعة أحزاب سيصبح مشكلا من عشرة إلى أربعة عشر حزبا، فعن أي مصالح للموطنين أو تنمية سنتحدث !!

هذه هي الأسئلة الحقيقية التي يجب أن تطرح وليس الأسئلة المزيفة التي تعطينا أجوبة مزيفة.

 تتحدثون كأنكم مقتنعين بتصدركم لنتائج الانتخابات؟

> (مقاطعا) النتائج يعلمها الله.

 ألا تُخوفكم نتائج النقابة التابعة لكم والتي تراجعت بشكل كبير في انتخابات اللجان الثنائية ومندوبي الأجراء؟

> النتائج مازالت لم تعلن رسميا.

 أتحدث عن النتائج المعلنة حتى الآن؟

> ما أعلن هي نتائج القطاع العام.

 هي مؤشر واضح على هزيمة النقابة، خصوصا في قطاع التعليم؟

> نعم في قطاع التعليم، لكن هناك تقدم في قطاعات أخرى.

 وفي المحصلة هناك تراجع في جل القطاعات؟

> لكن لماذا تربط نتائج النقابة بنتائج الحزب، لم يسبق أن تم الربط بينهما طيلة العقود الماضية.

 (مقاطعا) لقد كانت مؤشرا إيجابيا في 2016 عندما حققت النقابة نتائج جيدة..

> نحن لدينا الثقة الكاملة في المواطنين، وسندخل الانتخابات كي نحصل على المرتبة الأولى، فلا أحد يجتاز الامتحانات كي لا يحقق النجاح. من الحمق مطالبة حزب العدالة والتنمية بالمشاركة في الانتخابات، وتعبئة المواطنين، كي لا ينجح.

لا يهمنا عدم النجاح إذا كان ذلك اختيار المواطنين، أما شيء آخر فلا يمكن.

لم نناقش موضوع التحالفات بعد

 على بعد أسابيع قليلة من الانتخابات، كيف تنظرون إلى تحالفكم المستقبلي خصوصا أنكم تَبدون أقرب من أحزاب المعارضة؟

> لا يوجد مشكل في التحالف مع أحزاب المعارضة، فهي أحزاب وطنية.

  هل بدأتم نقاش التحالفات؟

> لم نناقش الموضوع بعد، وسيحصل ذلك مباشرة بعد الانتخابات. وبالمناسبة فإن التحالفات مسألة تخضع لبيداغوجية خاصة ولنقاش داخل العدالة والتنمية، وتتطلب رؤية ودراسة عميقة لمعرفة الأصلح للوطن والحزب.

  ألا يمكن أن تظهر من الآن؟

> هذا مبكر، والسؤال سابق لأوانه تماما.

   ألا يوجد لديكم تصور في شكل العلاقة المستقبلية مع التجمع الوطني للأحرار؟

> هذا الأمر له علاقة بنتائج الانتخابات، نقطة إلى السطر.

لهذا استثنينا إسبانيا من عملية «مرحبا»

 في موضوع الأزمة مع إسبانيا، تم استثناء الموانئ الإسبانية من عملية عبور مغاربة أوروبا، وإذا كان الأمر حصل السنة الماضية لظروف استثنائية، هل للأمر اليوم علاقة بالأزمة؟

> لاشك أن له علاقة جزئيا بالأزمة، لكن قبل ذلك دعني أوضح مسألة مهمة، وهي أن هذه الرحلات استثنائية وليست فتحا للحدود مع أي دولة، والهدف منها تمكين المغاربة المقيمين بالخارج وأيضا السياح من القدوم للمغرب، وقد بدأت هذه العملية بموانئ معينة قبل أن تتوسع تدريجيا بإدخال ميناء بالبرتغال، وسنرى بناء على التطورات مسألة إدراج موانئ أخرى في المستقبل، وهذا الأمر خاضع للنقاش، وهو أمر يدبر بين عدد من القطاعات إلى جانب رئاسة الحكومة وليس قطاعا واحدا، وهي وزارات الصحة والشؤون الخارجية والتعاون والداخلية والسياحة والنقل والوزارة المنتدبة المكلفة بالجالية.

 ما يهمنا هو السؤال حول الأزمة، هل هناك تطور جديد أم مازالت الأمور كما كانت عليه؟

> لا يوجد أي تطور إلى حدود الساعة، وكما قلت مرارا فإن إسبانيا بلد جار له علاقات تاريخية مع المغرب، تطورت بشكل كبير في فترات معينة. نأسف كثيرا لهذا التوتر الذي وقع بين البلدين، لكن المغرب لا يمكن إلا أن يدافع عن مصالحه الحيوية، وهناك مصالح عليا هي خط أحمر بالنسبة إلينا لا تخضع للتفاوض والتهاون كما هو الشأن بالنسبة لمصالح دنيا.

والسيادة الوطنية والوحدة الترابية هي من المصالح العليا التي دأب المغرب على الدفاع عنها بشراسة وقوة وبدون أي تساهل أو تهاون، وهناك إجماع وراء جلالة الملك على خوض هذه المعركة والدفاع عن حقوق المغرب.

الآن المشكل مع إسبانيا هو أزمة ثقة، ونحن نريد أن تكون العلاقات في المستقبل مبنية على أسس متينة ولا نريد أن تقع نكسات كما تقع بين الفينة والأخرى.

منهجيتنا الخاصة  في الملف الليبي

 باختصار، عدم الذهاب إلى مؤتمر برلين الثاني، هل له علاقة بالأزمة مع ألمانيا؟

> بالمناسبة، حتى من قبل لم نشارك في المؤتمر.

 من قبل لم يتم دعوة المغرب، لكن اليوم وجهت إليه الدعوة..

> المغرب لديه منهجيته الخاصة في التقريب بين الفرقاء الليبيين ومساعدتهم ومساندتهم. صحيح يمكن أن يتعاون مع شركائه، لكن مساره مستمر، وكما ترى فإن الوفود الليبية تأتي باستمرار إلى المغرب الذي ما زال يمكنه أن يضطلع بدور في المراحل المقبلة. وسواء شارك في هذا المؤتمر أم لم يشارك فإنه لن يؤثر في ممارسة المغرب دوره البناء في المسألة الليبية كما لن يزيده أي وزن سياسي، لذلك يتخذ المغرب قراراته بطريقة حرة ومستقلة وسيادية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى