RABATTODAYالرئيسيةالرباط اليوم

قصبة رِبَاطْ الوداية في عهد السعديين .. من هنا بدأ التاريخ

Rabatoday Rabat
الرباط اليوم
من الغرائز التي طبع عليها النوع البشري في هذه الحياة –غريزة التدافع أو تنازع البقاء وحب الأثرة والسعي بكل الوسائل لفرض السيطرة على الغير واستعباده ما وجد لذلك سبيلا.
ظاهرة من هذا القبيل لا تلبث تهيج غضب الإنسان الحر، وتثير فيه الانتقام والأخذ بالثأر جاهدا في ابتكار الطرق وتهيئ المخارج التي من شأنها أن تزيح الضيم والعار، وتجعل حدا للطغيان والجبروت وكل ما يحاول النيل من الكرامة المقدسة ممعنا في التفكير المغيا في النهاية بوجود الحلول المنتجة.

من بين هذه العوامل يوفق لتكوين دوافع وقائية يستطيع العيش بواسطتها في مأمن من نوائب الحياة فيهتدي لاختراع السلاح درأ لما يعترضه من أخطار، وما يمكن أن يسطو عليه في دنياه من أهوال الحيوان أو جنس الإنسان المجبول في مجموعه على السطو والظلم، وكان في مجمل ذلك ومقدمته تكتل الجهود وتوحيد الصف رغبة في التعاون وحفظا لجلب السلامة والسعادة كحفر الخنادق، وتأسيس القلاع وبناء الحصون والقصبات توقيا من عوادي الدهر وخطوبه.

لهذه الغاية أسست قصبة الرباط –والقصبة تحمل في أصلها معنى القصر أو جوفهء من هذا قصبة العراق التي هي عبارة عن قرية واقعة وسط القصب حيث قبل التأسيس قصبا.
ولا يدع أن تمت بهذا المدلول إلى أصلها المادي الذي هو القطع والفصل عن الغير كان المكان المتخذ ليكون قصبة –قرية أو مدينة فصل عما حواليه من أجزاء. وقصبة الرباط هي بدورها من هذا القبيل.

تأسيس قصبة الرباط 
يرى بعض مؤرخي الأفرنج ممن علقوا على تاريخ ليون الإفريقي أن القصبة في عهدها الأول كانت حصنا حصينا بناه الرومان لغرض الدفاع عن مدينة شالة العتيقة، وهذا إن صح دليل على تاريخ القصبة في القديم وربما يؤيده ما جاء في جغرافية تيسو صحيفة 233 من أن ما وجد من قديم الآثار بموضع الرباط يدل على أن بنايات شالة كانت تمتد إلى قصبة لوداية وقسم الوادي.

أما مؤرخو الإسلام فغاية ما جاء عنه في تاريخ القصبة لعهدها الأول –أنها كانت قبل بنائها من جملة بقعة الرباطء عبارة عن رباط يرابط فيه المسلمون بقصد الجهاد والغزو ضد البلغواطيين. يقول ابن حوقل : وربما اجتمع في هذا المكان من المرابطين مائة ألف أسان يزيدون وينقصون.

وعند هؤلاء أن أول مؤسس لها كحسن ومعقل يتحصن به عندما ما يحدث حادث حصار حربي هو الأمير تاشفين بن أمير المومنين عندما ثار المهدي بن تومرت الهرغي السوسي على دولة المرابطين، وصار هو وخليفته عبد المومن الكومي ءيغزوان مراكش بجموع المصامدةء استدعى أمير المومنين على اللمتوني وده وولي عهده –تاشفين المذكور من الأندلس ليقاوم الثائر المهدي، فلما وصل تاشفين من الأندلس إلى المغربء أمر ببناء حصتين مشرفين على البحر، أحدهما بوهران، والثاني بحلق وادي سلا بالصفة المغربية وجعل لكل واحد منهما منفذا سريا إلى البحر بحيث إذا حوصر من فيهما وايس من الخلاصء نفذ من الباب السري إلى البحر وقتا تكون فيه سفن الأسطول راسية إزاء الباب تحمله إلى شاطئ الخلاص والنجاة.

القصبة في عهد السعديين 
في هذا العهد لم تحظ القصبة بما كان من اعتبار سابق حيث كان نظر الدولة مقصورا على استخدام حلق الوادي وجعله من أهم المراسي للصادر والوارد، وبذلك فقدت القصبة قيمتها التاريخية –نعم لم تلبث أن استرجعتها بعد أفول شمس الدولة الذهبية- دولة أبي العباس المنثور السعدي –وذلك عندما قدمت جاليات الأندلس على ولده زيدان فاتخذ منها جيشا جرارا جعل منه فرقة بالرباط لتحسينه وتحصينه، وأخرى بالقصبة لحراستها وحماية العدوتين من القائم عليه- عبد الله بن الشيخ السعدي ورتب عاملا من قبله، وبعد ضعف زيدان وتلاشي دولته ثم عبد الله بن الشيخ كذلك.

قام المجاهد أبو عبد الله العياشي بأمر سلا وأعمالها ما عدا الرباط والقصبة اللتين كانتا تحت حكم –الأندلسيين الذين تم لهم بفضل استعدادهم ومعارفهم- القبض على زمام استقلالهم مدة تناهز الثلاثين سنة رغم ما كان للعياشي من الطموح للاستيلاء عليهم إلى أن توفى العياشي، وبقيت سلا بيد رؤسائها كالرباط والقصبة، وأصبح الحكم في العدوتين معا جمهوري حيث لم يكن حكمهما للدولة سوى صورة، وصار الأوربيون أنفسهم لا يعتبرون من مملكة المغرب سوى مقاطعة سلا، وكم لهم مع رؤساء العدوتين من معاملات تجارية، ومعاهدات سياسية ما زال التاريخ يحفظها.

ا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى