أخبار العالم

هل يكون 2021 عام “عودة الروح” لحركة الطيران العالمية؟

الرباط اليوم
ليس هناك قطاع تأثر بجائحة كورونا مثل حركة الطيران. لكن رغم الصورة الكئيبة التي يبدو عليها هذا القطاع فهناك بصيص أمل، وربما تأخذ الأمور منحى آخر في العام المقبل. فهل يكون 2021 عام “عودة الروح” لحركة الطيران؟


رغم وصف الأمين العام لاتحاد النقل الجوي الدولي ألكسندر دي جونياك لـ 2020 بعام الفزع بالنسبة لحركة الطيران العالمية بسبب جائحة كورونا، إلا أن هناك إيجابيات لا يمكن تجاهلها. ويبقى هذا الوصف متحفظا بعض الشيء، لكن عندما نبحث نجد العديد من قصص النجاح الصغيرة وسط موجة الحزن هذه.

فعلى سبيل المثال تبقى شركة الطيران الإماراتية، التي تتخذ من دبي مقرا لها، دوما قامة كبيرة في القطاع تتميز بالنجاح ومعتادة على النمو. لكن هذا لم يحصل في 2020: طوال شهور لم تحصل رحلات جوية وقبلها كان تصورا لا يمكن اعتقاده ومنذ تلك اللحظة يتحسن الوضع. « في مجال الركاب حققنا إلى حد الآن 18 في المائة في عائدات السنة الماضية »، كما أعلن رئيس الشركة تيم كلارك في حديث مع دويتشه فيله.

لكن هذا لا يقوده إلى اليأس، لأن شركة طيران الإمارات وجدت حقل عمل آخر: نقل البضائع الجوي الذي كان إلى حد الآن مكسبا ثانويا لاسيما من خلال بيع القوة الاستيعابية في البضائع في داخل الطائرات. وفي هذه السنة الصعبة حيث قلما سُجلت رحلات ركاب أُلغيت بالتالي القوة الاستيعابية الموجودة في البضائع. وفي آن واحد توقفت سلسلة موردين بسبب مفعول الجائحة.

إيرباص لـ 40 طنا من المطاط

وجاء رد فعل شركة الإمارات مثل خطوط جوية أخرى مرنا وبدأت الشركة تزيل مقاعد الفئة الاقتصادية من طائراتها وتنقل عوض ذلك البضائع. « مبيعاتنا من خلال الشحن ارتفعت إلى الأعلى وقمنا إلى حد الآن بنحو نصف الأسطول بنقل كمية أكبر من خلال جميع الطائرات في السنة الماضية »، كما قال تيم كلارك.

« الكثير من العوامل تعود علينا بالنفع: كميات الشحن وأسعار الركاب هي أعلى بكثير وتكاليف الوقود أرخص من السابق. لكن عمليات الشحن هي التي تحافظ على بقائنا ـ وهي تمثل في هذه السنة نحو 60 في المائة من عائداتنا وأحيانا تصل تلك النسبة إلى 80 في المائة وفي السنة الماضية فقط عشرة في المائة، » كما يشرح رئيس طيران الإمارات.

ويذكر كلارك مثالا عمليا: مصنع سيارات في الولايات المتحدة كان يقوم بإنتاج الدواليب في تايلاند، لكن خط الإنتاج هذا توقف بسبب جائحة كورونا. والمصنع في أتلانتا كان بحاجة إلى البضاعة وذلك في الوقت المناسب ولذلك لم يكن الشحن عبر البحر بديلا. إذن تم طلب طائرة إيرباص 380A من أجل نقل 40 طنا في المطاط من بانكوك إلى أتلانتا. « نحصل حاليا على طلبيات غريبة لشحن جوي موات »، كما يقول تيم كلارك. « لكن هذا كان جد مربحا بالنسبة إلينا، لأنهم يسددون بالدولار وكان بالتالي معقولا إرسال طائرة إيرباص 380A في هذه المسافة الطويلة ».

خسارات عالية

إنها تطورات إيجابية صغيرة، لأن وضع القطاع الذي تتمثل أعماله لاسيما في نقل البشر وثانيا البضاعة في جميع أنحاء العالم كارثي أكثر من ذي قبل. لأن الناس حاليا ليس بإمكانهم في الغالب التلاقي على المستوى المحلي أو العالمي.

وبذلك اختفى مبرر وجود الطيران في العديد من المناطق بين عشية وضحاها في عام 2020 وذلك بعد سنة الأرقام القياسية أي عام 2019. وعوض 4.5 مليار راكب في ذلك الوقت، لم يكن في سنة الأزمة الحالية حتى نصفهم أي نحو 1.8 مليار من الركاب. وهذا التراجع بـ 60 في المائة جلب لشركات الطيران في العالم خسائر بنحو مائة مليار يورو.

عودة الطائرات

لكن من يسأل حاليا رؤساء شركات الطيران عن تقييمهم لعام 2021، فإنه يسمع ما يفاجئ: تفاؤل فاتر. « 2021 ستكون سنة أفضل »، يقول أمين عام اتحاد النقل الجوي بحيث أن هذا الاتحاد يتوقع « فقط » خسارة بـ 39 مليار دولار. « أنا متأكد أننا سنشهد خلال العام المقبل نموا واضحا »، كما أعلن أيضا رئيس شركة « لوفتهانزا » الألمانية للطيران كارستن شبور. وهو ينطلق من أن شركته ستتمكن العام المقبل في المتوسط من بلوغ نصف مستوى الركاب من عام 2019. في البداية أقل لكن « بالنسبة إلى الصيف والخريف نحسب حتى 70 في المائة »، كما قال شبور.

وحتى مارتن غاوس، المدير الألماني لشركة طيران البلطيق ينظر بتوقعات كبيرة نحو الأمام: « أنا متفائل من أن السوق ستنطلق من جديد في الخريف وأعتقد أن قطاعنا سيعاود الكرة في مارس بكل التقليصات الممكنة »، كما قال غاوس لـ DW.

قطاع الطيران لن يعود لسابق عهده

ويبدو أن سفريات العطل والسفريات الفردية ستشكل حصة الأسد من بين الطلب المتزايد في الوقت الذي ستتراجع فيه سفريات الأعمال. وترى شركة IdeaWorks للاستشارات أنه في أحسن الأحوال سيختفي 19 في المائة من حجم السفريات السابق وفي السيناريو الأسوأ سيختفي 36 في المائة منه. وسيطرح هذا إشكالية كبيرة بالنسبة إلى هذا القطاع الذي عاش دوما على الأشخاص الذين يدفعون أجورا كاملة وتعريفة جمركية رخيصة مدعومة بشكل متبادل.

أما رئيس لوفتهانزا فينظر إلى ذلك من زاوية أقل دراماتيكية ويقدر التراجع المتواصل لسفريات الأعمال من عشرة إلى 20 في المائة وحصة السفريات الفردية لدى مجموعة لوفتهانزا انطلاقا من اليوم ترتفع من 75 إلى 80 في المائة. والجانب الحاسم هو أن تندرج قوانين موحدة فيما يخص قوانين الأسفار في العالم، وهنا يراهن القطاع بقوة على عمليات التلقيح المقبلة. وينطلق شبور من أن الرحلات الطويلة المسافة ستكون ممكنة فقط للأشخاص الذين يتم الثبوت من عدم إصابتهم بكورونا أو شهادة تلقيح إلى أن يصل سكان العالم إلى مناعة كافية. وشركة الطيران الأسترالية أعلنت منذ نوفمبر أنه فور وجود لقاح ستدرج إلزامية التلقيح بالنسبة إلى الرحلات عبر القارات.

والاتحاد الدولي للنقل الجوي اقترح تطبيقا لجواز سفر تُخزن فيه نتائج الاختبارات وشهادة التلقيح لكل مسافر. ويؤكد تيم كلارك، الذي قضى أكثر من 35 عاما لدى شركة طيران الإمارات يؤكد بالقول: « سنقود شبكة طائراتنا إلى بريقها القديم. والاقتصاد العالمي قادر على المقاومة وتحمل في السابق انتكاسات قوية وعاود الكرة. وهذه العودة بالتحديد هي التي ستقوي نموذج عملنا ونقل الركاب عبر بوابة دوارة مركزية مثل دبي ».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى