مجتمع

هذه حقيقة زيادة أسعار الاستشارة الطبية

الرباط اليوم: متابعة

أعلنت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، السبت 15 ماي الجاري، عن تسجيل 81 إصابة جديدة بكوفيد 19، مقابل تعافي 12 شخصا، وذلك خلال الـ24 ساعة الماضية، الشيء الذي يبرز ابتعاد المغرب عن مراحل الخطر الذي كان يُحدق به، وبالتالي بات أكثر قدرة على الإقبال على حياة طبيعية خالية من كافة الإجراءات الاحترازية، من قبيل الكمامة وجواز التلقيح.

وفي هذا السياق، تستضيف الأيام 24، الطيب حمضي، طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية بالمغرب ونائب رئيس الفدرالية الوطنية للصحة، لإزالة اللُبس في جُملة من النقاط التي يثيرها المُواطن المغربي، ولتوضيح الأمور الصحية القائمة في المغرب.

  1. بداية دكتور، هل فعلا قرّر الأطباء في المغرب زيادات في أسعار الاستشارة الطبية؟

بالقطع، ليس هناك أي قرار أو نية من طرف الأطباء من أجل الرفع من ثمن الاستشارات الطبية.

غير أنه كُلما تم الحديث عن مراجعة التعريفة المرجعيةّ، يتم تغليط الرأي العام، لأن الرفع في التعريفة المرجعية لا تعني أبدا الزيادة في سعر الاستشارة، لكنها فقط تتعلق بالمُستردات المالية من كافة شركات التأمين وغيرها، للمؤمنين في حالة الاستشفاء أو العمليات الجراحية، فإن الأطباء يُطالبون بالتعويض وفق التعريفة الحقيقة للأشخاص.

لأنه مثلا مريض قام باستشارة طبية بـ150 درهم أو قام بعملية جراحية بـ6000 درهم، فإن هذه المؤسسات المُكلفة بالتأمين، لا زالت تعتمد على التعريفة التي كانت مُعتمدة في سنة 2006، والتي يتوجب أساسا مراجعتها كل ثلاثة سنوات، بالتالي إن الأطباء يُطالبون باسترجاع المؤمن لـ80 في المائة من الأسعار الحالية، بينما شركات التأمين لا زالت مُعتمدة على أسعار 2006، وهو ما يجعل المرضى المغاربة يتحملون 50 في المائة، في الوقت الذي يجب أن يتحملوا فقط 20 في المائة.

  1. طيب، في ظل تناقص تفشي فيروس كورونا في المغرب، لماذا لم يتم إقرار رفع كافة التدابير الاحترازية من قبيل الكمامة والجواز الصحي على غرار باقي الدول؟

إن الوضعية الوبائية في المغرب تسمح بتخفيف عدد كبير من الإجراءات، غير أنه في الواقع لا بد من أمور أن تظل إجبارية، مثل استلزام أي شخص يريد الدخول إلى المغرب توفره إما على جواز التلقيح، أو اختبار PCR، وكذا في كافة السفر الدولي، أما بخصوص باقي الإجراءات الأخرى فيجب على المغرب التخفيف منها، مثل الكمامات.

نلاحظ اليوم في المغرب، ابتعاد جُل الناس عن ارتداء الكمامات، وكذا انطلاق حفلات الأعراس، وصلاة الجمعة، ولله الحمد لا نُسجل أي ضغط على المنظومة الصحية، ونسب الوفيات قلت كثيرا، فأصبح المعدل تقريبا هو وفاة واحدة كل ثلاثة أيام، وأغلبهم في سن متقدمة أو ذوي أمراض مزمنة.

من الجيد رفع الناس للإجراءات الوقائية، غير أنه لا يجب أن ننسى أنه رغم ذلك، يظل للكمامة دور هام في حماية الأشخاص المتقدمين في السن، أو ذوي الوضعيات الصعبة، أو غير الملقحين بثلاث جرعات؛ كل هذه الفئات يستوجب عليها الاستمرار في التباعد وارتداء الكمامة وتفادي التواجد في التجمعات الكبرى.

  1. إذن كيف يمكن النهوض بالمنظومة الصحية والتحسين من جودة خدماتها؟

اليوم مع القرار الملكي القاضي بتعميم التغطية الصحية على كافة المغاربة، أصبحت مسألة النهوض بالمنظومة الصحية شيء هام لا نقاش فيه، لأنه لا يمكن لنا تعميم التغطية بدون منظومة.

ومن أجل ذلك هناك عدد من المداخل، فأولا يجب أن يكون لدينا في المغرب المجلس الأعلى للصحة، على غرار قطاع التعليم، لأن الصحة ميدان استراتيجي يجب أن يتوفر على تخطيط لمدة 25 سنة، فنجد أنه كلما أتت حكومة لا يتم وزير الصحة مُخطط الوزير الذي كان قبله، وبالتالي يجب توحيد الرؤية.

ثانيا، لا بد من مراجعة المنظومة الصحية، لتُصبح مُعتمدة بالأساس على طب القرب، والوقاية، والعلاجات الأولية، لأننا مُجتمع نمضي نحو ارتفاع نسب الشيخوخة والمًصابين بالأمراض المزمنة، وبالتالي فإنه لن نستطيع مواجهة الأمراض المستقبلية إلا بالوقاية اليوم.

كذلك، لا بد من التركيز على الحكامة، لأنه لا يعقل أن نجد طبيب عام يقوم بعملية جراحية كل يومين، ونجد طبيب مُختص يقوم باستشارة كل يوم، وبالتالي نجد جُملة من المشاكل القائمة في المستشفيات، من قلة الأطقم التمريضية، وتغيب الأطباء؛ وفي المقابل نجد كذلك أنه في القطاع الخاص، نجد أطباء يشتغلون فقط بـ10 في المائة فقط من قدراتهم، لأن القدرة المادية لجُل المرضى لا تجعلهم يتوجهون إلى الطب الخاص.

بالتالي، يجب ترشيد استعمال كافة الأطباء الذين نوفر عليهم في المغرب، وذلك على قلتهم؛ فضلا على ضرورة تحسين وضعية الأطباء سواء في العام أو الخاص، للحد من هجرتهم إلى الخارج، إذ نجد أن ثلث الأطباء المغاربة قد هاجروا فعلا، وكذلك يجب أن يُصبح للقطاع العام جاذبية، وهو الشيء الذي سوف يقوي من المنظومة الصحية.

  1. وفي الختام نسألكم دكتور، عن كيف يمكن للعالم اليوم، أن يستعد على الوجه الأمثل لمواجهة كافة التحديات الصحية المستقبلية؟

إن العالم في سنة 1978 عرف أن الشيخوخة والأمراض المُزمنة ستكون كثيرة في المستقبل، الذي نعيش فيه حاليا، الشيء الذي يستدعي الوقاية الدائمة القبلية، وليس الانتظار إلى حين تفاقم الأمر الصحي.

يجب التركيز أساسا على الوقاية، لذلك فإنه عالميا يتم الاهتمام بالطب الأولي، ثم إنه في الفترة ما بعد الجائحة الحالية، وكذا توالي الجائحات كل ثلاثة سنوات، لا بد من الاهتمام بعملية الرصد الصحي، وعملية الإنذار، والتتبع الوبائي، فضلا عن التعاون الدولي في الإخبار بالفيروسات وكذا حلها؛ بالنظر إلى أن التعاون الحالي مُكتفي أن الدول الفقيرة تُخبر كافة المستجدات للدولة الغنية. وبالتالي نجد الدول الغنية تستبق إلى الإجراءات الوقائية وتترك العالم الثالث لحاله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى