وطنية

هدى مزيد.. أستاذة تتحدى كل شيئ من أجل “اقرأ”

الرباط اليوم: هدى مزيد

صبيحة يوم الثلاثاء 4 شتنبر 2018 بدأ فصل جديد من حياتي، كأستاذة للتعليم الابتدائي، بعد نصف عام من التكوين والتدريب، جميلة هذه الصفة وثقيلة مسؤوليتها، يمتزج فيها العمل بالواجب، مهنة ورسالة، متعبة ونبيلة…
مع الساعة السادسة صباحا خرجت من بيت اختي الكائن بحومة عواطف متجهة نحو شارع الرباط لاستقل الحافلة المتجهة من مدينة طنجة صوب جماعة الاحد الغربية
ركبنا بالحافلة مع الساعة 6.45 دقيقة رفقة بعض الاستاذات خريجات فوج 2018، مررنا بطريق معبدة وكأن زلزالا هز جوانبها، قطعنا كل من مدشر الدعيدعة، ومدشر حجر النحل، الذي يفصل بينهما سكة الحديد، وصلنا الحد الغربية بعد ساعة من الطقطقة والغبار، لتبدأ رحلة البحث عن خطاف يقلنا لمجموعة مدارس الرفايف.


كل عيون الساكنة تراقبنا في صمت ويتهامسون فيما بينهم : انهم الاساتذة الجدد … ونحن في غمار هذا الصمت، كان هناك ضجيج من الاسئلة يهز ادمغتنا .
اي اتجاه نسلك ؟ وبكم ؟ وكم يبعد هذا المدشر ؟
وراء بيت مهترء بائسة جدرانه اصطفت مجموعة من السيارات او بالاصح بقايا سيارات، انهم ما يعرف بالخطافين، عالم مجهول سندخله …
اتجه صوبنا رجل اسمر طويل شعره مشعكك، سألنا اي اتجاه تريدون؟ اجبناه مدشر الرفايف…
ركبنا في سيارة من طراز بيجو او بالاصح اطار سيارة شهدت الحرب العالمية الاولى والثانية انها ما اطلقنا عليه اسم محاربة السيد عبد الخالق، انه رجل في عقده السادس تجاعيد وجهه تختصر رحلة كفاحه الطويلة في هذه الحياة .. ابتسم بخفة واسترد قائلا : مرحبا بالاساتذة الجدد وبدلناها اياه بالمثل.
وصلنا لمدشر الرفايف مدشر بناياته المتواضعة، محاطة بنبات الصبار، اراضيه فلاحية شاسعة لا حدود لها…
ها هيا مركزيتنا المحاذية للطريق تبعد فقط بضع خطوات عن اقرب بيت…
فتح السي لحسن الباب رجل بشوش الوجه من ساكنة الدوار جلبابه الجبلي الابيض زاده وقار…
اجتمعنا بالمدير لتبدأ رحلة اخرى نحن الاربعة، رحلة الفرعيات….
هدى مزيد ومريم م. ونبيل و شيماء م. اربعة اساتذة بفرعية الدحيحات…


اسند الي القسم الخامس والسادس مزدوج، احسست بثقل المسؤولية لاول مرة، مسؤولية امام الله وامام الوطن وامام أولياء امور هؤلاء المتعلمين الذين يحبون ابناءهم ويأملون في المدرسة ان تكون خلاصهم…وتبادرت الى ذهني كل صور ماضيّ الطفولي ورحلة المعرفة التي بدأتها من فرعية مدشري ارزوقن ببلدتي تافرسيت الريفية، مرورا بمدرجات الجامعة بطنجة…وصولا الى هنا…هنا حيث الواقع، حيث ينتظرنا الجد والعيون البريئة، مع اطفال كنا ذات مرة نحن ايضا مثلهم…
مع بزوغ فجر الاربعاء 5 شتنبر 2018 اتجهت والاساتذة صوب فرعية الدحيحات جنود و جنديات الوزرة البيضاء، مسلحون ومسلحات بالمعرفة وما راكمناه من مدارك في مركز التكوين ومسارنا الدراسي والاستماتة التي استمديناها من مُثُلنا ومن كانوا لنا قدوة ..


اوقفنا الخطاف بمدخل المدشر واسترد قائلا: “غي سمحولي منقدرش ندخلكوم طريق مكرفسة، تبعو هاد بيستا تخرجكوم ندحيحات”، اضطررنا للسير على الاقدام في طريق ممتلىة بالحصى والاحجار المتفاوتة الحجم، جوانبها محددة بنبات الصبار نصف ساعة من دون ان نرى اثر لبشري، فقط اصوات كلاب تنبح من بيوت بعيدة ومتباعدة. وصلنا للفرعية بعد ساعة من المشي…
التحقنا بأقسامنا، نظرت في عيون تلامذتي، فرأيت الامل يشع من عيونهم البريئة، لتبدأ رحلتي الثالثة رحلة التحدي والمعرفة…
يتبع…

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى