RABATTODAYالرئيسيةوطنية

من العاصمة الرباط إلى الريف .. تاريخ لا بد ذكره

zF8yE
الرباط اليوم: عبد المجيد بهي

ترى كيف ينظر أهل الرباط إلى حراك الريف السلمي ضد الإستبداد والفساد و الطغيان والظلم ؟

لماذا هم صامتون حتى هذه الدرجة وكأنهم صائمون عن الكلام وغير معنيين بمصير هذا الشعب المقهور ؟

أليس من حق هؤلاء المساكين والفقراء أن تصان كرامتهم كما تصان كرامة النبلاء والوزراء والمدراء والسفراء ؟

هل هم حقا في خدمة هذا الشعب أم أن الشعب هو من يجب أن يكون في خدمتهم ؟

أسئلة كثيرة يطرحها هذا الصمت المريب اللذي ظل سيد الموقف منذ بداية حراك الريف إلى اليوم . بعد ثلاثة أشهر من الإحتجاجات والمسيرات اللتي جابت ولا زالت تجوب شوارع بلدات ومدن الريف ؛ لم يتخذ أهل الرباط أي قرار أو مبادرة للتجاوب مع مطالب الساكنة . هذا في الوقت اللذي كان الواجب الأخلاقي والسياسي والدستوري يحتم عليهم الرضوخ لإرادة الشعب والإعتراف بمسؤولية المخزن المغربي فيما تعانيه منطقة الريف من تخلف وتهميش وحرمان ( على الأقل احتراما لدستور 2011 وما علق عليه من آمال في صيانة كرامة الإنسان ).

إن هذا الموقف السلبي من الحراك ورفض التجاوب مع مطالبه يذكرنا بمنهجية تعاطي المخزن المغربي مع الإنتفاضات الإجتماعية اللتي عرفتها المنطقة منذ 1958 إلى يومنا هذا . حيث كان تعامله عنيفا وإجراميا في حق الساكنة ورافضا لأي اعتراف بأحقية ومشروعية مطالبها اللتي لم تتعدى إلى حدود الساعة سقفها الإجتماعي والإقتصادي . لذالك يمكن القول أن هذا الصمت حول ما يجري بالريف ما هو في الحقيقة إلا استمرارية للسياسية المخزنية العقابية اتجاه المنطقة وساكنتها .

لقد بعثر الحراك الإجتماعي السلمي والحضاري ؛ اللذي أشعله مقتل محسن فكري ؛ كل أوراق وحسابات المخزن اللذي حاول بكل الطرق والوسائل أن يحتوي هذا الحراك ويقبره : في البداية أشهر على لسان رجال الدين فتاوي التحريم ضد الخروج على الحاكم الشرعي والتخويف من الفتن وشرورها ؛ وبعد ذالك شرع في تخوين نشطاء الحراك واتهامهم بالسعي للإنفصال وخدمة أجندة خارجية . إلا أن ذالك لم ينقص من إيمان الشباب بعدالة قضيتهم وعزمهم على مواصلة المشوار حتى القضاء على الحكرة والقهر والإستعباد . ومن بين العوامل اللتي مكنت الحراك من الإمتداد في الزمان والمكان ؛ تقنية ووسائل التواصل الإجتماعي اللتي كان لها الفضل الكبير في استمراريته وامتداده حتى خارج الحدود ؛ حيث كان له صدا كبيرا في صفوف ريفيي الشتات اللذين سارعوا إلى التعبير عن تضامنهم ومؤازرتهم لأهاليهم وإخوانهم بالريف .

في خضم هذا الحراك أنكشفت أيضا حقيقة الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات المحسوبة على الصف الديموقراطي والوطني وبرهن على تخليها عن قضايا الجماهير المقهورة والمحرومة والمهمشة . بعد ثلاثة أشهر من الإحتجاجات والمسيرات الشعبية لم يتبلور أي خطاب سياسي أوحقوقي لدى هذه الهيئات لمساندة المقهورين والضغط على المؤسسة الملكية الحاكمة للإستجابة لمطالبهم في التوزيع العادل للثروة والحرية والكرامة . وهذا ليس اتجاه حراك الريف فقط وإنما اتجاه كل الإنتفاضات والإحتجاجات ضد الحكرة اللتي تنشب هنا وهناك على امتداد تراب المملكة .

في ظل غياب أي معارضة حقيقية ضد المؤسسة الملكية الحاكمة وسياساتها وتحول جل الأحزاب السياسية إلى دكاكين سياسية تتاجر بأصوات المواطنين ؛ يبقى الحراك الإجتماعي السلمي واستمراريته في الشارع هو البديل الوحيد من أجل لعب دور المعارضة القوية ضد خيارات المؤسسة الملكية وسياساتها اللاشعبية واللاوطنية . وأظن أن جيل الشباب اللذي تربى في أحضان الشيخ غوغل والفايس بوك وتويتر لن يقبل بأقل من الحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية والديموقراطية . وأستبعد قبولهم بحكايات القدماء وفتاويهم في وجوب الطاعة المجانية واللامشروطة للحاكم وحرمان الخروج عليه .

لم تعد لغة الصمت والتجاهل تنفع في ظل ترسخ الوعي السياسي لدى الشباب وإيمانهم بقدسية الإنسان وكرامته وتشبعهم بقيم الحداثة اللتي فيها تعلو قدسية الإنسان على كل القداسات الوهمية والمخترعة . وكل تماطل أو مناورة أوالتفاف حول مطالبهم من شأنه تعقيد عملية الإنتقال من دولة الإستبداد والإستعباد إلى دولة العدالة والديموقراطية وتعريض الوطن للخطر . لذالك فالحكمة والتعقل تقتضي من أهل الرباط اتخاذ قرارات شجاعة وكبيرة من أجل القطع مع الفساد والإستبداد والإستعباد .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى