RABATTODAYالرئيسيةالرباط اليوم

من الخرطوم إلى الفلسفة في الرباط.. قصة حب أبقت طلحة في العاصمة

1366796117
الرباط اليوم: فرح الباز
تحدث الصحافي السوداني المقيم في المغرب، طلحة جبريل، خلال استضافته في برنامج “حديث رمضاني”، أمس الجمعة (1 يوليوز) على إذاعة “ميد راديو”، عن أيامه الأولى في الرباط، حيث درس الفلسفة في جامعة محمد الخامس.
وقال طلحة جبريل، الذي كان يمتهن مهنة النجارة في بلده الأم، إنه بعد حصوله على البكالوريا استفاد من منحة دراسية كانت تقدمها وزارة التعليم العالي السودانية، مشيرا إلى أن اختياره المغرب من بين الدول التي تشملها المنحة الدراسية “كان بالصدفة ودن أي سبب يذكر”، مضيفا: “ولكن يبدو أنه كان اختيار جميلا رغم أنه كان بالصدفة”.
ويحكي الصحافي السوداني أن كل ما كان يعرفه عن المغرب أمران، الشيء القليل الذي درسه عن تاريخ المغرب قبل الحماية، ومثل سوداني عن المغرب، قائلا: “أتذكر أنه في امتحانات البكالوريا طرح علينا سؤال حول حادثة في أكادير، وطلب منا أن نشرح ونحلل، ومثل شعبي يتردد في السودان عن المغرب، هو فاس ماوراها ناس، ومعناه أن المغرب أبعد مكان في العالم”.
وحكى طلحة أيضا عن أول يوم له في المغرب، سنة 1976، قائلا: “كنا 7 أشخاص، نزلنا في مطار النواصر، وجئنا عن طريق روما لأنه لا يوجد هناك خط مباشر بين السودان والمغرب، وبوصولنا لمطار النواصر، خرجنا من المطار واستقلينا سيارتي أجرة لإيصالنا إلى جامعة محمد الخامس، إلا أن سائقي الطاكسي اجتهدا وأنزلونا في شارع محمد الخامس في الرباط”.
ويسترسل الصحافي السوداني: “بدأنا نستفسر الناس عن مكان جامعة محمد الخامس، ولكن لم يكن أحد يستطيع أن يدلنا على المكان لأن الجامعة لم يكن لها مقر معروف كما هو عليه الأمر حاليا، وكان زميل لنا اسمه محمد عمر، وهو سفير الآن، قال لنا يبدو أنه قبلنا في جامعة وهمية”.
ويردف المتحدث: “صدفة التقينا طالبين فلسطينيين يدرسان في هذه الجامعة، فقالا لنا اذهبوا واستأجروا غرفة في فندق في المدينة القديمة في الرباط، وفي اليوم الثاني اذهبوا إلى الحي الجامعي مولاي إسماعيل، وفعلنا ما أشاروا علينا، فذهبنا بحقائبنا المهترئة إلى أحد فنادق السويقة، وقضينا الليل هناك، وفي اليوم الموالي اتجهنا إلى الحي الجامعي، وهناك التقينا برجل فاضل وهو فؤاد الحسيسن، رحمه الله، وكان آنذاك مدير للحي الجامعي”.
وعن اندماجه في المجتمع المغربي، يحكي طلحة قائلا: “المغاربة لديهم حفاوة للأغراب، ونحن لم نكن أغرابا بهذا المعنى المطلق، فنحن يجمعنا معهم الدين والهموم المشتركة، لم نجد مشاكل كثيرة مع الطلبة المغاربة، وساعدنا كثيرا في الاندماج، بلغة أخرى كانوا يعطفونا علينا، لأننا كنا غرباء وفقراء، ولكنت كانت لدينا إرادة وتصميم على الاندماج”.
وأوضح الصحافي السوداني أن المشكل الوحيدة التي واجهوها كطلبة سودانية داخل الحي الجامعي هي مشكل التواصل، قائلا: “نحن لم نكن نتقن الفرنسية نتحدث الإنجليزية واللغة العربية، فتخيل معي أن تكون في غرفة داخل الحي الجامعي، فتخاطب زميلك بالقول: يا صديقي أنا سأذهب إلى السويقة لأشتري بعض الأغراض تم أعود، فأرجوك أن تترك المصباح الكهربائي في حالة إنارة حتى إذا أتيت أتلمس طريقي إلى السرير”.
وأضاف طلحة أن حديثه ورفاقه باللغة العربية الفصحى كان يثير موجة ضحك هستيرية بين زملائهم المغاربة، فأطلقوا عليهم اسم “جماعة سيبويه”، خاصة أن مدير الحي الجامعي اقترح أن يسكنوا مع طلاب الطب والعلوم بهدف الاستئناس باللغة الفرنسية، لأنه ستتاح لهم فيما بعد فرصة لدراسة الفرنسية في كلية التربية.
ويقول طلحة: “في الواقع لم نتعلم منهم الفرنسية، ولكن كانوا يعلموننا بعض الكلمات التي كانوا يلقنوننا إياها ليمزحوا ويضحكوا، فكانوا يعلموننا كلمات بذيئة أوغير مقبولة ونحن نرددها كالببغاء، وهم يجدون في ذلك متعة ومرحا”.
وعن الوضع السياسي داخل الحرام الجامعي خلال تلك الفترة، قال طلحة إن “المد اليساري كان هو الطاغي في الجامعة خاصة في كلية الآداب وتحديدا في شعبة الفلسفة، وكان هناك ما يسمى حلقيات النقاش، وكنا أسسنا اتحادا للطلاب وكانوا يقولون لنا بأن اتحادكم رجعي لأن نظامه الداخلي ينص على أنه نحن كطلبة سودانيين لا علاقة لنا نهائيا بما يحدث على الساحة السياسية المغربية، لأننا ضيوف وجئنا للدراسة فقط”.
ويتذكر الصحافي السوداني أنه، خلال تلك الفترة، كان هناك عدد من الأسماء البارزة داخل الجامعة وفجأة اختفت بعد أن تم اعتقالها بسبب الانتماء إلى منظمة إلى الأمام و23 مارس.
واعتبر طلحة أن بقاءه في المغرب دونا عن باقي زملائه الذين عادوا إلى السودان، كان بسبب عمله في مجال الصحافة، إضافة إلى حبه لزميلة له في شعبة الفلسفة.
وقال طلحة: “كنت رئيس اتحاد الطلبة السودانيين، وكنت في حوار مع جميع الجهات سواء في الكلية أو الحي الجامعي، ما ساهم في الإسراع في اندماجي في المجتمع المغربي أكثر منهم، إضافة إلى عامل هو الحب، فقد وقعت في حب صديقة وزميلة لي في كلية الآداب شعبة الفلسفة، كانت مغربية ومن أسرة ميسورة جدا من الدار البيضاء، واسمها نجية زيدان، كانت تدرس معي اللغة الإنجليزية كلغة تكميلية، وكانت معجبة جدا بطريقة نطقي للإنجليزية، وفهمي العميق للأشياء”.
وأضاف الصحافي السوداني: “بعد قدومنا إلى المغرب اكتشفنا أشياء كثيرة في مقدمتها شواية الدجاج وسمك السردين والياغورت والهاتف، ولكن عندما أتحدث عن الكتاب الإيطاليين كانت تصدم، وكانت تقول لي: واحد ما عمرو شاف دجاج كيتحمر وكيتكلم على تشارلز ديكنز، هذا تحول إلى حب، وهذا الحب جعلني أبقى في المغرب”.
وحول علاقاته النسائية الكثيرة قال طلحة: “أنا أشبه نفسي بفندق، يأتي من يقيم فيه مدة شهر أو سنة أو 4 سنوات، وفيه من يأتي ليسأل فقط عن الأسعار ويذهب، وفيه من يقول بأنه يحتاج أن يقيم فيه ليلة أو ليلتين، فقلبي فندق اتسع لكثيرين بدون شروط، لا أخفي ذلك ولا أتحرج منه”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى