رياضة

ليلة إنقاذ زياش على يد ساحرة وملاك (قصة)

الرباط اليوم

لا تعلم أنت على أي درجة من السعادة أو الشقاء عندما تُولد بعيدًا عن بلدك أو بمعنى أدق وطن والديك الذي هو موطنك الأصلي بكل تأكيد، فأنت مرشح للطمس والظلم في أي لحظة، وتكون نسبة تحول حياتك إلى جحيم بسبب أحد الأحداث أكبر بشكل مخيف.

وما نتحدث عنه بالأعلى عاشه النجم المغربي حكيم زياش الذي منذ أن أدرك الضوء الأول في حياته وجد نفسه في هولندا، حيث الحياة السريعة والأحداث المتلاحقة التي قد تقضي عليك إن لم تقرر مجاراتها.

المشهد الأول.. كابوس مخيف (صيف 2003 – درونتن – هولندا) 

ولد حكيم في عائلة مغربية تعيش في هولندا ولديه 9 أشقاء، حيث إنه يأتي في آخر الترتيب من حيث القدوم إلى الحياة، وبالتالي يملك الخبرة الأقل في تحمل الصدمات والمرور بكوابيس مخيفة.

عاش حكيم مرتبطًا بوالده الذي منح طفله الأصغر حبًا لا يقارن ليعوضه عن مرارة الغربة التي سيكتشفها بالتدريج، كما كان الابن يحاول التكيف على الأجواء الهولندية ويذهب للاشتراك في بعض دورات كرة القدم التي تنظم في درونتن.

إلا أن الأب لم يعد بصحة جيدة لمرافقة نجله إلى المباريات، حيث أن الإصابة بالتصلب اللويحي، جعلته بالكاد يستطيع الحركة أو تناول الطعام.

كان حكيم يحب والده أكثر من لعب كرة القدم، ولذلك فضل التواجد بجوار فراشه عن الاستمرار في خوض المسابقات التي تنظم في درونتن.

في إحدى الليالي فضل حكيم السهر بجوار فراش والده المريض، إلى أن غلبه النعاس وذهب إلى غرفته لأخذ قسط من الراحة.

لم يهنأ حكيم بنوم هادئ ولو لساعات قليلة، حيث إن صوت الصراخ والبكاء اخترق كابوسه إلى أن أيقظه من الفراش منتهبًا.. ما الخطب!

الصوت يأتي من غرفة الوالد.. والجميع يتواجد بالداخل وهنا أدرك حكيم أن الأمر قد انتهى، وأن الظل الوحيد الذي يقيه من شمس الغربة قد ذهب بلا عودة.

المشهد الثاني.. ليالٍ ظلماء (شتاء 2003 – درونتن – هولندا)
ارتبكت حسابات حكيم أو بمعنى اختفت فكل الخطط والأحلام تبدأ وتنتهي عند خطوات وكلمات الأب الذي كان يعرف طفله على المجتمع الهولندي خطوة بخطوة لغياب الصداقات ومنازل العائلة في الغربة، ما جعل صاحب العشر سنوات يشعر بأن أباه هو الملاذ الوحيد للحياة.

مشهد رؤية والده ممددًا على الفراش كجثة هامدة بلا روح لا يغادر ذاكرة حكيم، بل قضى له على كل شيء جميل عاشه قبل ذلك، وجعله يتخذ قرارات طائشة بعدم الذهاب إلى المدرسة، كما أبلغ والدته: “كرة القدم لم تعد تعني لي أي شيء”.

كان يخرج صاحب العشر سنوات للتجول بمفرده في مدينة درونتن بلا هدف، ما أسقط حكيم في فخ تجربة المخدرات وشرب الكحول دون إدراك لخطورة الطريق الذي بات يسيره، إلا أن ظهر ملاك الإنقاذ.

رغم مشاركات حكيم القليلة في دورات الكرة، إلا أن موهبته كانت واضحة للعيان، وهو ما أدركه عزيز دوفيقار الذي كان أول مغربي يحترف بالدوري الهولندي، ومن قرر مد يد المساعدة للطفل الصغير.

لعب دوفيقار دور الأب البديل لحكيم، ونجح في إخراجه بسرعة من طريق الانحراف، ودفعه للعودة مجددًا إلى ساحات درونتن، لإظهار موهبته.

المشهد الثالث.. إشراق شمس زياش (صيف 2007 – هيرينفين – هولندا)

رغم الإحباط الكبير الذي عاشه حكيم بسبب وفاة والده، ولكنه بات يحصل على طاقته من والدته التي خرجت للعمل أغلب ساعات اليوم، لإنقاذ الأسرة من الضياع، ما دفع زياش للالتزام في الذهاب إلى مسابقات كرة القدم وتطوير موهبته إلى أن أنضم إلى أكاديمية هيرينفين في صيف 2007، وهنا وضع الشاب المغربي قدمه على أولى خطوات قصة نجاحه.

ولم يكن حكيم قد تعافى تمامًا من حادثة وفاة والده وما تبعها من الخروج بمفرده لمواجهة أهوال التعرف على مجتمع غريب، وهذا أثر عليه جزئيًا في أكاديمية هيرينفين، حيث دخل في عدد من المشاجرات مع زملائه، إلا أن الملاك الذي ظهر فجأة في حياته أبى أن يحيد الطفل الموهوب مرة أخرى عن الطريق، ولذلك كان يتدخل دوفيقار لإنهاء أي أزمة تحدث.

عامان ولد خلالهما حكيم من جديد، وبات جزءًا من المجتمع الهولندي، بل أصبح مصدر الدخل الأول لأسرته، فموهبته في ذلك الوقت باتت تقدر بخمسة ملايين يورو قيمة انتقال من أكاديمية هيرينفين إلى نادي تفينتي أنشخيده، ومنذ هذه اللحظة شق زياش طريقًا مع الساحرة المستديرة لم يعد خلاله أبدًا خطوة للخلف، لا سيما بعدما نجح في رفع عبء العمل عن والدته التي تقدمت في العمر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى