سياسة

كيف يتجاوز المغرب وألمانيا “الأزمة”؟

الرباط اليوم

دخلنا الأسبوع الثاني، منذ تسريب صورة رسالة منسوبة لوزير الخارجية، ناصر بوريطة، بتعليق الاتصال مع السفارة الألمانية والمنظمات الألمانية في الرباط، جراء “خلافات عميقة تهم قضايا مصيرية”، دون أن تخرج مجددا القنوات الرسمية، بأي توضيح أو بلاغ رسمي حول ما يجري في الكواليس بين الرباط وبرلين، لتجاوز “الخلافات”، في الوقت الذي تشدد تصريحات بعض المسؤولين في حكومة المستشارة ميركل، على قوة العلاقات القائمة مع المملكة المغربية، دون التطرق للدوافع والأسباب جراء ما حدث.

وكان ملفتا للانتباه، أن رسالة وزير الخارجية ناصر بوريطة الموجهة للحكومة، لم تذكر تفاصيل الخلافات التي أدت إلى تعليق علاقات التواصل مع سفارة برلين والمؤسسات التابعة لها، لكن أغلب المتتبعين والمحللين، ذهبوا إلى القول بأن تعليق الرباط علاقاتها مع السفارة الألمانية، له علاقة بقضية الصحراء، بسبب اعتراض برلين على صيغة الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وسعيها لعرقلة ذلك الاعتراف، وبادرت إلى طلب اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي وكانت عضوا غير دائم فيه، الأمر الذي أثار غضب المغرب.

وبينما رفض ناصر بوريطة الحديث لوسائل إعلام، عن خلفيات هذا قرار المغرب اتجاه سفارة ألمانيا بالرباط والمؤسسات التابعة لها، أكد مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية المغربية، لوكالة “فرانس برس”، أن المملكة تريد الحفاظ على علاقاتها مع ألمانيا.

وأضاف ذات المسؤول، مفضلا عدم نشره اسمه، أن القرار هو “بمثابة تنبيه يعبر عن استياء إزاء مسائل عدة”.

وفي الوقت الذي أكدت فيه الحكومة الألمانية، أنه بنظرهم، لا يوجد سبب لفرض قيود على العلاقات الدبلوماسية. ألمانيا والمغرب تعاونتا عن كثب منذ عدة عقود، وهذا بنظرنا في مصلحة البلدين، تساءل متتبعون، عن أبرز الخيارات التي هي موجودة أمام المغرب وألمانيا من أجل معالجة الخلافات.

في هذا الصدد، يرى محمد سليم، المحلل السياسي، أن الخلافات القائمة بين الرباط وبرلين، هي أزمة تراكمات وليست وليدة اللحظة، ومن بينها نشير إلى أنه مع الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، كان الاتحاد الأوروبي، كان سيحذو حذو الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص قضية الصحراء المغربية، لولا الضغط الذي قامت به ألمانيا ولقي تجاوبا كبيرا من إسبانيا، في المقابل كان المغرب يطمح إلى أن يعرض على أعضاء اتحاد القارة الأوروبية، تعاونا أمنيا في مجال مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات والهجرة”.

واعتبر المحلل السياسي، في تصريح لـ”الأيام24″، أن المقترح المغربي، لم يتم التجاوب معه بالطريقة الأمثل، معتبرا أن ألمانيا تبني سياستها الخارجية على البراغماتية وحماية مصالحها الاقتصادية والسياسية وحاليا هي القلب النابض للاقتصاد الأوروبي، مع أنها ليس لها أي تأثير دولي كبير، من غير التأثير الذي يرتبط بالمصالح الاقتصادية”.

وأوضح سليم، أنه “لو لاحظنا ففي المغرب فيوجد الكثير من المشاريع المشتركة مع ألمانيا، منها مشاريع في مجال الطاقة المتجددة، والمزارع الريحية، ومشروع الهيدروجين الأخضر، الذي سيكون مشروع كبير، حتى مشروع القانون حول الاستعمالات المشروعة لنبتة القنب الهندي، الرامي إلى خلق إطار تشريعي لتطوير فروع للقنب الهندي لأغراض طبية واستخدامه في الصناعات والتجميل، ستسهر عليه شركة ألمانية، ومثل هذه المشاريع تكون طويلة الأمد وليس مشاريع مرتبطة بمرحلة معينة”.

ورأى المحلل السياسي، أن “أهم سبيل الوحيد لحل هذه الخلافات بين المغرب وألمانيا، هي المصالح الاقتصادية بين البلدين، والدخول في حوار من أجل وضع النقط وتعزيز التعاون بينهما، خصوصا أن ألمانيا في حاجة إلى المغرب والعكس صحيح، رغم أن الرباط لديها بدلاء كبار ويظهر ذلك جليا في كبرى الشركات التي تستثمر في مشاريع طاقة المتجددة وغيرها.

وأكدت الحكومة الألمانية، يوم الأربعاء الماضي، أنها استدعت السفيرة المغربية في برلين لمشاورات “عاجلة” بعد إعلان الرباط تعليقها التواصل مع السفارة الألمانية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية كريستوفر برغر في مؤتمر صحافي حكومي في برلين “استدعينا السفيرة المغربية لمشاورات عاجلة في وزارة الخارجية لتوضيح تقارير بشأن أحداث في المغرب”.

وأشار المتحدث ذاته، إلى أنه “بنظرنا، لا يوجد سبب لفرض قيود على العلاقات الدبلوماسية. ألمانيا والمغرب تعاونتا عن كثب منذ عدة عقود، وهذا بنظرنا في مصلحة البلدين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى