اقتصاد

كورونا.. إلى متى سيصمد الاقتصاد الوطني؟

الرباط اليوم

أدت جائحة كورونا إلى تعطيل عجلة السياحة بالمغرب، وتعليق جزئي لأنشطة مصانع إنتاج وتجميع السيارات، وإيقاف عدد من القطاعات الحيوية في دورة الاقتصاد الوطني، التي مست حتى أنشطة الاقتصاد غير المهيكل، مما أدى إلى انكماش اقتصادي واضح. وحتى التوقعات الرسمية لا تبدو متفائلة بالحالة خلال هذا العام، إذ توقعت المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.6 بالمائة خلال 2021، مقابل توقعات بانكماش 7 بالمائة في 2020، وهو ما أكده تقرير البنك المركزي الذي حدد نسبة النمو خلال 2021 عند 4.7 بالمائة، مع معدل تضخم دون 1 بالمائة.

بالنسبة للخبير الاقتصادي نجيب ميكو: فقد «مر الاقتصاد الوطني من ظروف صعبة جدا جعلت الناتج الداخلي الخام ينخفض خلال سنة 2020 بما يناهز 8%، ونزلت بكل ثقلها على نسبة عجز الميزانية التي تجاوزت 10%، ورفعت عدد العمال المسرحين إلى ما يفوق المليون عامل، وأوقفت بشكل شبه تام قطاع السياحة الاستراتيجي والمدر للشغل المكثف والعملة الصعبة، وأضرت بعمق بقطاع النقل الجوي، ونالت من قطاعات وأنشطة اقتصادية واجتماعية عديدة جدا مست في الصميم دخل شرائح واسعة من المواطنين. مثلما انخفض الطلب الدولي على عدد كبير من سلعنا وخدماتنا بكل ما لهذا الانخفاض من وقع مباشر على الحركية الاقتصادية والشغل والعملة الصعبة بشكل خاص».

وأكد ميكو في تصريح لـ»الأيام» أن «الرهان الآن هو أن يبقى الاقتصاد العالمي واقتصادنا الوطني صامدين إلى حين تحقيق المناعة الجماعية». فيما شدد رشيد أوراز الباحث الاقتصادي بالمعهد المغربي لتحليل السياسات على أن «الاقتصاد الوطني سيعرف متاعب خلال 2021 مرتبطة بتداعيات انتشار فيروس كورونا» وأن «كل التوقعات تشير إلى أن الاقتصادات الوطنية لن تسترجع عافيتها قبل 2023، مما يعني استمرار ظهور تأثيرات الأزمة الصحية خلال 2021 و2022».

الركود الاقتصادي الذي عرفه المغرب خلال 2020 لم يعرفه منذ ربع قرن، لكن رغم توقعات الانكماش الكبير في الاقتصاد المغربي، إلا أنه لم يصل لمرحلة الهبوط الحاد مثل العديد من اقتصاديات العالم، التي سجلت انكماشا فوق 10 بالمائة، ويؤكد العديد من المحللين الاقتصاديين أن ما يبشر بخير هذه السنة في ظل الظروف الكارثية لفيروس كورونا هو أنها قد تكون إيجابية على مستوى معدل النمو بسبب توقع ارتفاع القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 11 بالمائة.

وبحسب مصادر جد مطلعة بوزارة المالية فقد بلغت تكلفة جائحة كورونا حتى دجنبر الماضي 3.5 مليارات دولار، من أجل تعويض العمال في القطاع غير الرسمي، و8 مليارات دولار من الخسائر الاقتصادية في فترة الحجر الصحي، فضلاً عن الكساد الذي عرفته المملكة. ووصل دعم القطاعات الاجتماعية الحيوية خاصة التعليم والصحة مبالغ غير مسبوقة لحيوية القطاعين في زمن تدبير وباء كوفيد 19، حتى أن ما يقارب 10 ملايير درهم توزعت بين شراء اللقاحات والأجهزة الطبية، وحسب تقرير لمركز السياسات من أجل الجنوب فإن الكساد سيؤثر على الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة بالمغرب، لأنه سيزج بحوالي مليون شخص في دائرة الفقر، بينما سيهوي بـ 900 ألف شخص تحت خط الهشاشة.

وبحسب آخر تقرير لصندوق النقد الدولي، فإن المملكة اتخذت «الخيارات الصحيحة لمواطنيها فيما يتعلق بالسياسة النقدية والوضع المالي للمغرب، واعتبر في أعقاب مشاوراته أن تفاعل الحكومة المغربية مكن من احتواء التداعيات الاقتصادية لوباء كوفيد 19. وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن مرونة الأداءات وانخفاض الواردات مكنا من احتواء احتياجات المغرب للتمويل الخارجي، متوقعا تحقيق المملكة نموا بنسبة 4,5 في المائة سنة 2021.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى