سياسة

عن أي نجاحات يتحدث أخنوش بعد تقارير عن اختلالات خطيرة لمشروع المغرب الأخضر؟

الرباط اليوم

يستمد عزيز أخنوش طاقته الحيوية في الحملة الانتخابية ل 8 شتنبر الجاري، مما يسوقه من إشهارات حول نجاحات المغرب الأخضر والأزرق، إعلانات هيمن بها على المشهد الإعلامي، وتفوق حتى على الدولة في نشر منجزات المرافق العمومية، مما يشكل خطرا على البلاد ويخلق شبه دويلة لأخنوش داخل الدولة.

ما تنشره آلته الإعلامية من مواد إشهارية حبذا لو كان استعملها لفائدة الدولة وقضايا الوطن عندما تعرض لمواجهات خارجية مع الاوروبيين ومع الجزائر والبوليساريو، ولكن رغبته في الهيمنة على الدولة وتوسيع مصالحه جعلته يحرك كل موارده لذلك.

ولنبدأ من المغرب الأخضر. ففي تقريره السنوي برسم سنة 2018، سلط المجلس الأعلى للحسابات الضوء على بعض مكامن الضعف والاختلالات في القطاع الفلاحي الذي يسيره عزيز أخنوش منذ حوالي 15 سنة. هذا الأخير، يطمح أن يتبوأ حزب التجمع الوطني للأحرار، مكانة الصدارة في الانتخابات الحالية.

وتعد وزارة الفلاحة والصيد البحري، أحد الوزارات الأكثر عرضة للانتقاد في تقرير المجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2018.

ويشير المجلس الأعلى للحسابات إلى نواقص قطاع الصيد البحري من انعدام الرؤية وضعف تحقيق الأهداف الاستراتيجية لبعض المشاريع وضعف نسبة إنجازها وكذا نقائص في التركيبة المالية للمشاريع المسطرة ونقائص على مستوى التتبع والقيادة. كما وقف على ثغرات سلسلة الزيتون التي لم تف بوعودها لغياب تتبع فعلي لمشاريعه. ليتطرق إلى الاختلالات التي تشوب تسيير وادارة المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.

مخطط الصيد البحري “اليوتيس” ، بدون لجنة للقيادة الاستراتيجية أو لجنة للتتبع العملياتي
وبالنسبة لمخطط الصيد البحري، رغم التصريحات المتكررة للوزير، فان الميزانيات المخصصة ومصادر التمويل ومخطط تنفيذ مختلف المخططات المبرمجة لم يتم تحديدها قط.

والأدهى من هذا أن معظم الأهداف الاستراتيجية المسطرة لهذا المخطط لم يتم بلوغها. اذ لم تتبوأ المملكة مكانة مهمة في السوق العالمي من حيث حجم المبيعات ويظل السوق الداخلي محدودا أيضا، إذ لم يتم حث المغاربة على استهلاك المنتوجات البحرية.

و هكذا جاء في التقرير أنه “رغم المجهودات المبذولة في مجال الترويج لاستهلاك المنتجات البحرية داخليا، والتي كلفت أزيد من 33مليون درهم، وفي الوقت الذي يناهز استهلاك السمك 20كيلوغرام سنويا لكل نسمة كمعدل عالمي، لا يزال هذا الاستهلاك في المغرب ضعيفا بحيث لا يتجاوز 13,6كيلوغرام سنويا لكل نسمة، مع تسجيل فوارق بين الوسطين الحضري والقروي” .

أسباب هذه الاختلالات؟ غياب لجنة للإدارة والتتبع العملياتي أو حتى لجنة وطنية للصيد البحري، حيث يشير التقرير الى “أنه إلى حدود سنة 2017، لم تتشكل بعد اللجنة الوطنية للصيد البحري المنصوص عليها في مخطط أليوتيس والتي كان ينتظر أن تضطلع بأجرأة المشاريع الاستراتيجية” .

“ومن أجل قيادة استراتيجية أليوتيس، تم اعتماد نمط تدبيري مبني على إدارة المشاريع والذي حدد القيادة في أربعة مستويات. غير أنه لم يتم إحداث أي من الهيئات التي تم التنصيص عليها لأجل القيادة الاستراتيجية وكذا لأجل تنفيذ المخطط. ويتعلق الأمر خصوصا بلجنة القيادة ولجنة التتبع (القيادة الاستراتيجية) وخلية القيادة العملية” .

وقد اوكلت وزارة اخنوش مهمة إعداد مخطط اليوتيس لشركة خاصة، ويذكر التقرير انه “بعد أن تم إسناد صفقة إعداد مخطط أليوتيس لمكتب للدراسات سنة 2008 بمبلغ 8,97 مليون درهم، لجأت الوزارة المكلفة بقطاع الصيد البحري سنة 2010 إلى نفس المكتب لإنجاز الصفقة المتعلقة بالتخطيط ومواكبة وتتبع تنفيذ المخطط المذكور بمبلغ 15,59مليون درهم” .

بالإضافة إلى ذلك، “نال نفس مكتب الدراسات سنة 2015 الصفقة المتعلقة بإعداد حصيلة إنجاز المخطط وذلك بمبلغ 12,51مليون درهم” .كما أوكلت الوزارة مهمة مواكبة وتتبع وتقييم المخطط لذات الشركة وهو أمر يؤثر على موضوعية الخلاصات والتقارير الخاصة بالمخطط.

وجاء في التقرير أن”  هذا التركيز ينطوي على مخاطر ترتبط بالتنافي الذي يطبع الخدمات المسندة للمكتب المذكور، مما قد يؤثر بالتالي، على موضوعية تحاليل وخلاصات تقاريره بالنظر إلى تدخله في جميع مراحل المخطط منذ الإعداد مرورا بالتنفيذ ووصولا إلى مرحلة التقييم” .

وفيما يتعلق بقطاع زراعة الزيتون فإنه يتمتع بأولية في مخطط المغرب الأخضر، وقد جاء في تقرير المجلس الأعلى للحسابات أن هذا المخطط قد أولى “اهتماما بسلسلة الزيتون لجعلها رافعة للتنمية الفلاحية وللرقي بها إلى مصاف السلاسل الحديثة الفعالة والأكثر تنافسية. وقد تجسد ذلك من خلال إبرام عقد -برنامج خاص بتأهيل سلسلة الزيتون بغية توحيد جهود الإدارة والمنظمات المهنية لتنفيذ خطط عمل تتعلق بالقطاع، وتحديد التزامات مختلف الأطراف المعنية وكذا تنسيق مهامها على أرض الواقع” .

وقد تم توقيع هذا العقد بين الحكومة والفدرالية البيمهنية المغربية للزيتون في شهر أبريل 2009، ليشمل الفترة الممتدة بين 2009 و2020. وقد سجل المجلس صعوبة ىاهيل الفيديرالية البيمهنية للزيتون نظرا ”  لوجود تأخير في حصول هذه الأخيرة على اعتراف الدولة كممثلة خاصة لسلسلة الزيتون، حيث لم يتم الحصول على هذا الاعتراف إلا في غضون شهر ديسمبر 2017. وقد ترتب عن هذا التأخير غياب تمثيليات جهوية لهذه الفدرالية في العديد من الجهات، والتي تخول لها تعزيز مشاركتها في تنفيذ الأهداف المسطرة في إطار العقد” .

أما في ما يخص النسيج التعاوني، يظل هذا الأخير الحلقة الأضعف في هذه السلسلة وغير مؤهل للمساهمة في تطويرها.

وقد عاين المجلس تطورا غير مستقر لانتاج الزيتون ولمردوديته وتزايدا في مساحة زراعة الزيتون تهيمن عليه الفلاحة البورية. كما وقف على غياب التتبع وعدم وضوح الرؤية حول انعكاسات الدعم العمومي المخصص لتجهيزات السقي الموضعي.

وتنبغي الإشارة في هذا الصدد إلى أن المديرية المالية التابعة لوزارة الفلاحة، حسب ما جاء في التقرير ”  لاتتوفر على أية بيانات تتعلق بالتنفيذ الميداني والمالي لمشاريع دعم السقي الموضعي الخاصة بمزارع الزيتون، مما يؤشر على غياب تتبع فعلي للمشاريع المذكورة” .

وفيما يتعلق بالمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، فإن التقرير رصد أنه مؤسسة غير مستقلة وبدون موارد كافية.

وقد أسس المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، سنة 2009، بموجب القانون رقم 25.08، وهو مؤسسة عمومية تحت وصاية الوزارة المكلفة بالفلاحة، تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي وتمارس اختصاصاتها لحساب الدولة في مجال حماية صحة المستهلك والحفاظ على صحة الحيوانات والنباتات.

وقد عاين المجلس عدم استقلالية المكتب عن سلطة الوصاية، لذلك فإن “نمط الحكامة الحالي الذي يضطلع فيه وزير الفلاحة بمهمة رئاسة مجلس إدارة المكتب يمكن أن يخلق حالة تعارض بين هاجس الحفاظ على النظام العام من جهة،وقدرة المكتب على تقديم آراء شفافة تستند حصريا على الحقيقةالعلمية” .
كما سجل جطو غياب سياسة عمومية متكاملة في مجال سلامة السلسلة الغذائية. وحسب التقرير “من الضروري وضع نظام واضح للمسؤوليات والمراقبة وتوفير كل المعلومات الأساسية للمستهلك (كالمحتوى وتركيبة وجودة المنتجات الغذائية). في هذا الإطار، سجل المجلس أن حلقات كثيرة من السلسلة الغذائية لا تشملها مراقبة المكتب (كأسواق الجملة للفواكه والخضر والمذابح التقليدية للدواجن (الرياشات)” .

“وفي ظل كثرة المتدخلين في مجال مراقبة المواد الغذائية وغياب التنسيق، تستمر الوضعية الحالية التي تتسم بتشتيت المسؤوليات. هذا وقد سجل جطو في تقريره، “وجود خصاص كبير في الموارد البشرية للمكتب بالنظر لحجم المهام الموكلة إليه خصوصا أن عددا كبيرا من موظفيه أحيلوا على التقاعد في السنوات الأخيرة” .

وفي ظل هذه المعطيات سجل المجلس عدة ثغرات في تسيير هذا المكتب من بينها : غياب مراقبة المواد الغذائية التي تحتوي على عناصر معدلة جينيا وعدم توفر الوسائل الملائمة لإتلاف المواد المحجوزة “فقد لاحظ المجلس من خلال زيارات متعددة لأماكن الذبح (المجازر الجماعية والمذابح القروية)، أن هذه المنشآت لا تتوفر على الوسائل الضرورية التي تمكنها من الاستجابة للمتطلبات القانونية المنصوص عليها بخصوص إتلاف المحجوزات. وهكذا لوحظ أن أغلب المجازر البلدية لا تتوفر على محرقة، أو أنه لا يتم تشغيلها نظرا لارتفاع تكلفة استهلاك المحروقات بحسب المسؤولين (المجزرة البلدية بتمارة على سبيل المثال). أما بالمذابح القروية فالوضع أصعب، حيث لا تسمح ظروف الذبح والسلخ فيها بالقيام بهذه العملية بشكل صحي” .

كما سجل غياب مراقبة بقايا المبيدات في الفواكه والخضروات الموجهة للسوق المحلية، اذ يذكر جطو في تقريره انه “على عكس المنتجات المعدة للتصدير (التي تمر بالضرورة عبر محطات التعبئة)، والتي تخضع لمراقبة صارمة لبقايا المبيدات الزراعية، فإن المنتجات الموجهة للسوق المحلية لا تشملها هذه المراقبة. وهكذا، لم يتم إنجاز سوى مخطط واحد لرصد بقايا المبيدات في الفواكه والخضر والنباتات العطرية وذلك من قبل موظفي الأقسام الإقليمية لمراقبة المنتجات النباتية أو من أصل نباتي. ويكتفي هذا المخطط بالمراقبة عند نهاية سلسلة التسويق فقط” .

وسلط التقرير الضوء على عجز السلطات الصحية إزاء عدم احترام الأسواق الممتازة والمتوسطة لبعض المقتضيات التشريعية الصحية، وهكذا لاحظ المجلس”  أن الأسواق الممتازة والمتوسطة تقع غالبا في حالة مخالفة لبعض الأحكام التشريعية المتعلقة بسلامة المنتجات الغذائية، حيث تقوم مصالح المراقبة الجهوية للمكتب بضبط انتهاكات خطيرة ومتكررة، لا سيما في مجالات توريد المنتجات الغذائية، وإخبار المستهلك وتدبير المنتجات المنتهية الصلاحية” .

كل هذا ناهيك عن استنزاف الفرشاة المائية ووجود اختلالات في تعليف الماشية، إضافة إلى كون أخنوش لم يسهر على الاهتمام بسكان العالم القروي أصحاب الأولية في الأراضي، بل جلب كبار مستثمري الحواضر إلى للاستفادة من أراضي بمئات الآلاف من الهكتارات، فهل لأخنوش وجه بمواجهة الفلاحين الصغار وسكان البوادي والجبال بعد كل هذا؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى