الرئيسية

شعار إرحل في الرباط..للإسلاميين أم لكل السياسيين؟

الرباط اليوم

الموقف الذي عاشه وزير الاتصال السابق مصطفى الخلفي في أحد الأسواق الشعبية بحي التقدم بالرباط وهو يضطر للانسحاب مسرعا فارا من بعض الشبان الذين يرددون شعار إرحل يتجاوز مستوى الإحراج الشخصي إلى أبعاد سياسية رمزية ينبغي التوقف عندها وتحليلها بعمق لاستخلاص دروس آن أوانها.

نحن نتحدث عموما عن وزير شاب لا يمثل بأي حال من الأحوال ظاهرة الريع والامتياز السياسي، فهو لا يزال في بداية مشواره الخاص. كما أن الأمر يتعلق بوزير سابق لم يعد له أي ارتباط رسمي بالحكومة الحالية التي يقودها حزب العدالة والتنمية.

كما أنه ينتمي إلى حزب لطالما ادعى أن قاعدته تمتد في الأوساط الشعبية، وأنه جاء ببرنامج سياسي وانتخابي ليدافع عن الفئات المسحوقة.

ويحدث هذا المشهد ونحن على بعد أقل من سنتين من الانتخابات التشريعية المرتقبة في العام المقبل.

وبعيدا عن نظرية المؤامرة التي قد تفترض أن ما حدث كان مدبرا من أحزاب منافسة فإن ما جرى يعيد تذكير الحزب الحاكم بأن شعبيته تآكلت، وأن تناول “البيصارة” في المطاعم الشعبية مع البسطاء والتقاط الصور معهم لم يعد ممكنا بسهولة بعد ما يقرب من ولايتين قضاهما الحزب على رأس الحكومة.

علما أن ما جرى للخلفي ليس حدثا فريدا فلقد سبق لسعد الدين العثماني أن تعرض للأمر ذاته في أحد التجمعات الخطابية، كما حدث أيضا مع رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران في استقباله بإحدى المدارس العليا من طرف الطلبة.

لكن هل إرحل التي رفعت في وجه مصطفى الخلفي ليست إلا للإسلاميين أم أنها موجهة لكافة السياسيين والمسؤولين؟ ماذا لو تعلق الأمر بزيارة مسؤول من حزب سياسي آخر؟ من المؤكد أن اليأس والعزوف الذي ينخر المجتمع المغربي لا يستثني أي تيار لكن آفة الإسلاميين أنهم “إسلاميون”.

أي أن الإيديولوجيا التي وظفوها منذ سنوات للوصول إلى السلطة أصبحت اليوم سلاحا موجها ضدهم على اعتبار أن الكثير من القواعد التي صوتت في السابق لصالحهم هي التي أصبحت اليوم تلعن استغلال الدين وتوظيفه سياسويا وانتخابيا بعد أن تبين للكثير منهم أن “ليس في القنافذ أملس”.

ولقد بدأ الحزب الإسلامي يدرك أن إيديولوجيته تحولت إلى ورطة مربكة ومكبلة، ومن هنا نفهم تلك الاختراقات المحبوكة التي حاولت أن تظهر أن هناك نقاشا داخليا حول مسألة الحريات الشخصية والرؤية المتحررة لقضايا الدين كالحجاب والعلاقات الجنسية والمواريث.

وإذا أضفنا إلى مشهد الوزير المطارد مؤشرا انتخابيا واضحا يؤكد أن هناك تراجعا كبيرا في شعبية الحزب تجسده الانتخابات الجزئية التي دخلها الحزب منذ 2017 وخسرها جلها إن لم نقل كلها، سندرك أن المطالبة بالرحيل رسالة موجهة أساسا للإسلاميين الذي تحملوا مسؤولية تاريخية لتدبير قرارات أثرت في معيش المغاربة وسيمتد تأثيرها للمزيد من السنوات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى