اقتصاد

شركات المحروقات بالمغرب حققت أرباح باهظة لهذا السبب

الرباط اليوم

قال الحسين اليماني، منسق الجبهة الوطنية لإنقاذ مصفاة ” سامير”، إن أرباح الشركات الموزعة للبترول، تجاوزت تلك التي كشف عنها تقرير المهمة الاستطلاعية التي أنجزها البرلمان.

جاء ذلك بحضور شخصيات، من بينها محمد بنسعيد أيت إيدر ، للندوة التي نظمتها الجبهة الوطنية لإنقاذ مصفاة البترول، أمس الثلاثاء بالمحمدية، وهي الجبهة التي تضم خبراء واقتصاديين ومثقفين وهيئات جمعوية ونقابية وحزبية.

وعمدت الجبهة منذ تأسيسها في يوليوز من العام الماضي، إلى الترافع من أجل عودة مصفاة المحمدية، حيث وضعت ملفا حول وضعية سامير وتصورها للحل، بالديوان الملكي ورئاسة الحكومة والوزارات المعنية ورئيسي مجلس النواب والأحزاب السياسية.

الجبهة تؤكد أن مبادرتها الرامية إلى إنقاذ المصفاة الوحيدة، التي يتوفر عليها المغرب، لم تلق التجاوب المنتظر، من هيئات توجهت إليها، مشددة على أنها لن تكف عن التواصل والترافع حول الجدوى من الحفاظ على التكرير.

أرباح ضخمة

وذهب  الحسين اليماني، منسق الجبهة، في الندوة التي نظمت حول أسعار المحروقات وتكرير البترول، إلى أن شركات توزيع المحروقات، حققت بين 2016 و2018، بعد تحرير أسعار البنزين والغازوال، أرباحا في حدود 26 مليار درهم، وهو مستوى يتجاوز ما تجلى بعد الكشف عن تقرير اللجنة الاستطلاعية البرلمانية، حيث جرى الحديث عن أرباح في حدود 17 مليار درهم.

وأوضح أن المغرب يستهلك 9 مليون طن من المحروقات، وهي كمية أضحى يوفرها الموزعون بعد إقفال مصفاة ” سامير”، مشيرا إلى أن التقديرات تشير إلى أن أرباح الشركات وصلت إلى درهم في اللتر الواحد من الغازوال والبنزين.

وأضاف أن الشركات حققت في 2016، أرباحا في حدود 10 ملايير درهم، وهو نفس المستوى الذي بلغته في عام 2017، قبل أن تضطر إلى مراجعة أرباحها نحو الانخفاض في العام الماضي، حيث يتوقع أن تصل إلى 6 ملايير درهم، متأثرة بحملة المقاطعة .

ولاحظ أن شركة واحدة من بين  الشركات العاملة في قطاع التوزيع، انتقلت أرباحها في عام واحد من 300 إلى 900 مليون درهم، بل إن تلك الشركة، حققت أرباحا في النصف الأول من العام الماضي، تجاوزت 500 مليون درهم، ما يؤشر في تصوره على حجم ما جنته شركات توزيع المحروقات من أرباح بعد التحرير.

جاء ذلك في سياق حديث اليماني، عن الخسائر التي يتكبدها المغرب جراء التحرير وإقفال مصفاة ” سامير”، حيث أشار إلى أن السوق اليوم تتحكم فيه خمس شركات كبيرة بنسبة 81 في المائة.

المتحدث يؤكد على أنه في حال عادت ” سامير” للاشتغال، فإنها ستتيح غازوال منخفض بما بين درهم ودرهم وعشرين سنتيما، مقارنة بالسعر المعمول به في السوق، والذي  وصل إلى حوالي 9.52 درهم في الفترة الأخيرة.

ويعتبر اليماني، أن بلوغ ذلك السعر ممكن،على اعتبار أن المالك الجديد المنتظر، سيتسلم، بعد التصفية القضائية، مصفاة مطهرة من الديون التي وصلت اليوم إلى 43 مليار درهم. فلن يتحمل مسؤولية ماضي الشركة.

في الحاجة للدولة

غير أن اليمني  يرى أنه رغم حديث وزراء في الحكومة عن عدم إمكانية التدخل في ظل وجود مسار قضائي للشركة، فإن عودة المصفاة للتكرير لا يمكن أن يكون دون مباركة الدولة.

ويتصور أنه لا بد من قرار سياسي حكومي، يساهم في عودة المصفاة، التي شيدها المغرب منذ الستينيات من القرن الماضي، بالنظر إلى أنه لا يمكن لمستثمر أن يوفر ما بين 26 و30 مليار درهم من أجل تشغيل الآلة الإنتاجية، دون ضمانات من الدولة، على مدى خمسة عشرة عاما، على مستوى السوق والحماية.

ويشدد على أن حديث وزراء في حكومة سعد الدين العثماني، عن عدم إمكانية التدخل، مبرر واه، على اعتبار أن الدولة المغربية، تعتبر أحد الدائنين، بل إنها الدائن الرئيسي،  إذ على ذمة الشركة اتجاهها، عبر مديرية الجمارك والضرائب غير المباشرة، 14 مليار درهم.

واعتبر أنه لا محيد عن مشاركة الدولة في تسهيل الحل أو أن كون جزء من الحل، في السيناريوهات التي تقترحها الجبهة الوطنية لإنقاذ مصفاة  البترول الوحيدة التي يتوفر عليها المغرب.

وتوصي الجبهة الوطنية لإنقاذ مصفاة ” سامير”، من أجل استمرارية مصفاة ” سامير”، بالتفكير في خمسة سيناريوهات، حيث تنصح :  أولا، بإعادة بعث المصفاة في إطار نوع من التسيير الحر، في انتظار نهاية المسار القضائي، وتدعو، ثانيا، إلى اختبار إمكانية تحويل ديون الدائنين إلى رأسمال في الشركة، وتقترح، ثالثا، إحداث شركة مختلطة، تملكها الدولة والموزعين والبنوك، مع حضور الأجراء في مجلس الإدارة، وترشد، رابعا، إلى بيع المصفاة لمستثمر يستفيد من ضمانات الدولة، وتعرض على الدولة، استرجاع المصفاة، في ظل عدم احترام الطرف الذي استفاد من الخوصصة لالتزاماته.

وينتقد اليماني، ما ذهب إليه وزير في الحكومة، من كون الآلة الإنتاجية في المصفاة، لم تعد صالحة، مشيرا إلى أن مستثمرا كان يبدي اهتمامه بالمصفاة، طلب زيارة موقعها، من أجل الوقوف على حقيقة الأمر، بعد تصريحات الوزير.

وقال إن  حوالي 30 مستثمرا أبدوا اهتمامهم بمصفاة المحمدية خلال فترة التصفية القضائية، غير أنه يرى أنه لا يمكن للمستثمرين أن يمضوا في ترجمة نواياهم، دون ضمانات من الدولة المغربية.

فضيحة دولة

وعاد الاقتصادي محمد بنموسى، عضو الجبهة، إلى التذكير بما أسماه ” فشلنا الجماعي” في التعاطي مع المصفاة، سواء عبر قرار الخوصصة، التي لم تكن، في البداية، مدرجة ضمن اللائحة الخاصة بها، أو أثناء التفويت، عندما آلت إلى مستثمر سعودي، لم يكن له باع طويل في صناعة البترول.

وأشار إلى أن حالة ” سامير”، تؤشر على فضيحة دولة، على اعتبار أن العديد من الاختلالات، لم تتدخل مؤسسات الدولة والوزارات التي يهمها الأمر ، مثل الاقتصاد والمالية والطاقة والمعادن، من أجل تصحيحها، بعد تفويت المصفاة، خاصة بعد الحريق الذي دق ناقوس الخطر حول ما سيحدث بعد ذلك.

ولاحظ أن الإقفال والتصفية القضائية، وما واكبهما من تصريحات خاطئة حول التكرير، يؤشر على عدم استحضار أهمية التوفر على مصفاة في المغرب من قبل أصحاب القرار السياسي .

ويعتبر أن التخلي عن التكرير، سيكون خطأ استراتيجيا، على اعتبار أن السياسة الطاقية، لا يمكن أن تستقيم، سوى بالارتكاز على دعامتين، دعامة تتعلق بالطاقات الجديدة وأخرى تهم التكرير الذي يعتبر خيارا سارت فيه بلدان صاعدة لا تعتبر بلدانا منتجة للبترول.

بنموسي لا يري حلا خارج تدخل الدولة، سواء عبر شركة مختلطة تكون طرفا فيها مع الدائنين والبنوك والموزعين والأجراء أو التأميم، غير أنه يتصور أنه قبل ذلك يفترض اللجوء إلى التسقيف من أجل رجوع الأسعار إلى جادة الصواب.

ويقترح العودة عن قرار التحرير، مع حصر الأسعار في مستويات معينة، وإحداث صندوق لضمان التوازن عند حدوث تقلبات الأسعار في السوق الدولية. هذا لا يعفي الدولة من الأخذ بناصية التخزين، بهدف ضمان المخزون الاستراتيجي، الذي يفترض أن يؤمن تسعين يوما من حاجيات المملكة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى