الرباط اليوم

شاه إيران ورئساء دول إفريقيا.. هذه الشخصيات زارت الرباط للاستشفاء

الرباط اليوم: متابعة

 

الملوك والرؤساء يمرضون كما يمرض عامة الناس. وإذا كان مرض المواطن يدخل في إطار الشأن الخاص، فإن مرض المسؤول الأول في البلد يعد من الشأن العام، ولذلك تحرص دول العالم المتقدم على إطلاع الرأي العام بالحالة الصحية للرئيس أو الملك أو الزعيم سدا لأبواب الإشاعة. وهذا عكس ما يحدث في مجمل المنطقة العربية وبلدان دول العالم الثالث التي يعد فيها مرض الرئيس أو الملك سرا من أسرار الدولة.

منذ أمد بعيد، ظل المغرب قبلة لعدد كبير من الرؤساء والملوك والقادة العرب والأجانب، حيث يفضلون قضاء إجازاتهم المرضية في ربوعه، ومنهم من اختار العلاج طوعا أو إلزاما في مصحاته، نظرا لما يتمتع به من كفاءات طبية واستقرار أمني بالدرجة الأولى والقرب من أوربا وتنوع مقوماته الطبيعية والحضارية، ناهيك عن كرم الضيافة التي يحظى بها ضيوف المملكة طوال مقامهم في المغرب.

كثير من القادة يختارون الابتعاد عن هموم السياسة، وانتزاع لحظات للعلاج والنقاهة من بين أوراق أجندة مثقلة بالالتزامات المهنية، صحيح أن طنجة ومراكش وأكادير تملك جاذبية أكبر من باقي المدن المغربية إلا أن إفران لها نصيبها من جاذبية استقطاب سياح وضيوف ليسوا ككل الضيوف للضرورة الصحية تحفهم الحماية الأمنية والرعاية الطبية والعناية الإلهية في حلهم وترحالهم.

 

بونغو يبدأ العلاج في الرياض ويستأنفه بالرباط

في بداية الأسبوع الماضي، قام الملك محمد السادس بزيارة لرئيس جمهورية الغابون، علي بونغو أونديمبا بالمستشفى العسكري الدراسي محمد الخامس بالرباط، واطلع الملك محمد السادس، خلال هذه الزيارة، على الحالة الصحية لعلي بونغو أونديمبا، الذي يمضي مقاما طبيا بالمغرب من أجل إعادة التأهيل الطبي والنقاهة. جدد الملك محمد السادس متمنياته بالشفاء العاجل لرئيس جمهورية الغابون، الزيارة جسدت عمق العلاقات التي تجمع المملكة المغربية وجمهورية الغابون، وكذا روابط الصداقة والتضامن القوية القائمة على أخوة عميقة وتاريخية بين الشعبين وبين قائدي البلدين.

تحول المستشفى إلى نقطة جذب لشخصيات بارزة في الحزب الحاكم بالغابون، فضلا عن أعضاء في الحكومة، وتضم قائمة ضيوف الرئيس الغابوني أيضا رئيسة المحكمة الدستورية، ماري مادلين مبورانتسيو، ومدير ديوان الرئاسة، بريس لاكريش أليهانغا، سيما وأن غياب الرئيس وخضوعه للعلاج في السعودية قد أثار جدلا واسعا في الغابون، وصل إلى حد انتشار إشاعات كالنار في الهشيم.

اللجنة الاستشارية للحزب الديمقراطي الغابوني طالبت بتوضيح مصير الرئيس الغابوني لطمأنة الشعب. من جهته قال إيك نغوني المتحدث باسم الرئيس الغابوني إن الأطباء أوضحوا إصابته بإرهاق شديد وطلبوا منه ملازمة الفراش.

وقالت زوجة الرئيس الغابوني سيلفيا بونغو عبر وسائل التواصل الاجتماعي إنها وعائلتها متأثرة بشكل كبير بالعدد الهائل من الصلوات والدعوات، وقامت بتغيير صورتها في حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي من صورة ملونة مشتركة مع زوجها الرئيس إلى أخرى بالأبيض والأسود، فيما أكدت «فرانس بريس» أن الرئيس بونغو أصيب بسكتة دماغية، وهو ما تبين أنه مجرد افتراء.

واختفى الرئيس الغابوني عن عدسات الكاميرات بعد يوم من وصوله إلى السعودية في الـ23 من أكتوبر الماضي للمشاركة في المؤتمر الدولي «مستقبل الاستثمار» بالعاصمة الرياض، فقالت وكالة «الأناضول» في مراسلة لها إن بونغو البالغ من العمر 59 عاما «أصيب بالشلل بعد فترة قصيرة من وصوله إلى الرياض، وتم نقله إلى غرفة العمليات ودخل في حالة غيبوبة اصطناعية لم يستفق منها».

وبعد فترة وجيزة من نقل بونغو إلى المستشفى، تم تشكيل آلية ثلاثية للحكم من قبل رئيسة المحكمة الدستورية ماريا ماديلينا مبورانتسو، ومدير شؤون الحكومة الرئاسية بريجا لوكروتشا عليهانغا، ومدير الحرس الرئاسي الأخ غير الشقيق للرئيس العقيد فريدريك بونغو.

 

رئيس غينيا ووزيره يعالجان بالمغرب بعد محاولة انقلاب

في مثل هذا الشهر من عام 2009، صدر بلاغ طبي موقع من الجنرال علي عبروق، مفتش مصالح الصحة للقوات المسلحة الملكية المغربية، قال فيه إن الوضع الصحي للرئيس الغيني موسى كامارا يبعث على الارتياح، بعد إجراء عملية على مستوى الجمجمة لإصابتها برضوض، وذلك في أول إعلان عن وضع كامارا بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها من قبل عدد من جنوده.

وكان النقيب موسى داديس كامارا، رئيس المجلس الوطني للديمقراطية والتنمية بجمهورية غينيا، قد أدخل إلى المستشفى العسكري بالرباط وخضع لعملية جراحية على مستوى الجمجمة. وأكد المتحدث باسم رئيس المجلس العسكري الحاكم في غينيا أن محاولة اغتيال الكابتن كامارا كانت محاولة انقلاب، نفذها مساعده الذي كان يريد تولي السلطة، وأكد أحد الحراس الشخصيين ألقى بنفسه لحماية الرئيس، فقتلوه وضربوه واقتلعوا عينه، وقتل السائق أيضا، ومن جهة أخرى أكد المتحدث أن الوزير المكلف بمكافحة المخدرات والجريمة المنظمة تييغبورو كامارا موجود هو أيضا في المغرب للعلاج.

وقالت صحيفة «لوسوار» الغينية، استنادا إلى مصادر متطابقة بأن وفدا غينيا يضم مسؤولين كبيرين وصل إلى الرباط، للقاء زعيم النظام العسكري في غينيا موسى داديس كامارا، الذي يعالج بعد إصابته برصاص أطلقه عليه مساعده.

وقالت المصادر ذاتها إن هذا الوفد يضم وزير الخارجية ألكسندر تسيتسيه لوا ووزير الإسكان بابكر باري، فيما أكد سفير غينيا في الرباط مامدوبا دياباتيه لوكالة «فرانس برس» مجيء الوفد الرسمي مرفوقا بأفراد عائلة كامارا.

وأضاف السفير أن ألكسندر تسيتسيه لولا، وزير الخارجية، سيجري محادثات مع الرئيس الغيني الذي تتحسن صحته يوميا، في الوقت الذي أعلن فيه عسكري غيني قام بالانقلاب نفسه رئيسا جديدا للبلاد، وبعد عام من توليه الرئاسة أصيب في محاولة اغتيال فنقل إلى المغرب حيث ظل يعالج وابتعد عن المسرح السياسي.

في 23 دجنبر 2008 وإثر وفاة الرئيس لانسانا كونتي (الذي حكم البلاد بقبضة من حديد منذ 1984) أعلن كامارا في بلاغ تلفزيوني استيلاء الجيش على السلطة وحل الحكومة وجميع مؤسسات الدولة وتعليق العمل بالدستور. وبعد سنة فقط من استيلائه على الحكم تعرض كامارا لمحاولة اغتيال إثر إطلاق الرصاص عليه من قبل أحد الجنود. وبعد علاجه في المغرب سافر إلى بوركينا فاسو واستقر بها.

 

موبوتو.. مات بالسرطان بعد طول علاج في المغرب

في السابع عشر من شهر ماي من سنة 1997، أطاح زعيم المتمردين في جمهورية الكونغو الديمقراطية (الزايير سابقا)، بالرئيس الأسبق موبوتو سيسي سيكو وأعلن نفسه رئيسا لتلك الجمهورية، احتفل الكونغوليون بنهاية «الديكتاتور» سيسي، المتهم بتبديد وسرقة ثروة الزايير من مناجم الماس، فيما اختار الرئيس المطاح به منفاه في المغرب قبل أن يوارى الثرى في العاصمة الرباط، أما الرئيس كابيلا، الذي كان وراء الانقلاب فقد اغتيل على يد أحد أفراد حرسه، وتولى بعده ابنه جوزيف مقاليد الحكم في البلاد.

طرد لوران كابيلا موبوتو سيسي سيكو من السلطة في الزايير، بعد حكم دام 32 عاما، اختار الاستقرار مع أسرته بالمغرب، حيث توفي متأثرا بمرض السرطان بعد وقت قصير من إطاحة المتمردين بحكمه في 16 ماي، بادر لوران إلى تغيير اسم البلاد فأصبحت جمهورية الكونغو الديمقراطية، لكن كابيلا اغتيل قبل أن ينعم بالحكم كما مات موبوتو قبل أن ينشئ حكومة في المنفى ويستعد للرد على الانقلاب بانقلاب عن بعد، سيما وأن سيسي استولى بدوره على السلطة سنة 1966 بدعم من بلجيكا والولايات المتحدة الأمريكية، بعد الإطاحة بالرئيس جوزيف كاسا فوبو أول رئيس للكونغو المستقلة، ثم غير اسمه من جوزيف ديزيه إلى موبوتو سيسي سيكو قبل أن يغير سبل تدبير الشأن السياسي في هذا البلد.

علاقة موبوتو بالمغرب ترجع لبداية السبعينات، حيث ظل يتردد على العاصمة الرباط ويقضي فيها فترات طويلة، بل إنه في عام 1977 تدخلت القوات المغربية لمواجهة انتفاضة مسلحة في هذا البلد.

نجح لوران كابيلا في اقتحام كينشاشا وتنحية موبوتو الذي هرب إلى الطوغو ثم توجه إلى منفاه بالمغرب، وفي إحدى مصحات العاصمة ظل يخضع سرا لحصص العلاج الكيماوي ضد السرطان، فغاب عن الأنظار إلا من لقاءات متنافرة مع الملك الحسن الثاني الذي كان يعاني بدوره من إجهاد. في 7 شتنبر 1997 أعلنت المصحة نبأ وفاة موبوتو متأثرا بمرض السرطان ودفن في مقبرة مسيحية في العاصمة المغربية الرباط. وفي 2007 أوصى المجلس التشريعي في جمهورية الكونغو الديمقراطية باستعادة رفات موبوتو سيسي سيكو ودفنه في ضريح في الكونغو.

 

شاه إيران.. من مطار سلا إلى المصحة

حين طردت ثورة الخميني شاه إيران رضا بهلوي من طهران خائبا، واختار التوجه إلى المغرب عبر مصر، بدأت شظايا الانفجار الشعبي في إيران تصيب المغرب بسبب وجود الشاه فيه، حيث هوجمت السفارة المغربية في طهران، لأن الثوار الإيرانيين غضبوا لهذا الاختيار الذي وضع المغرب في موقف حرج، قبل أن يصرح الملك الحسن الثاني لمحطة تلفزية أمريكية بأن وجود الشاه ضيفا عليه لا يمنع من وجود علاقات سياسية مع إيران. بل إن اجتماعا لعلماء المغرب في مدينة وجدة في ماي 1979 بحضور مستشار الملك أحمد بن سودة أرسل برقية تنويه وإشادة للإمام الخميني، كما حيت رابطة علماء المغرب أية الله الخميني واعتبرت الثورة «حركة مباركة»، لكن بعد مرور عام على الثورة الإيرانية أصدر هؤلاء العلماء فتوى شرعية ضد الإمام الخميني بسبب «أقواله وتصريحاته التي يعتبرونها مناقضة لعقيدة التوحيد».

يروي الحسن الثاني في كتاب «ذاكرة ملك» كيف اتصل بشاه إيران لدى وصوله إلى القاهرة، حيث رحب به في المغرب إذا أراد قبول استضافته فيقول: «اتصلت بالشاه تلفونيا لما وصل إلى القاهرة وقلت له إنني يا رضا حزين لما أصابك، ومهما يكن فاعلم أنك إذا أردت المجيء إلى المغرب، فستجد أبوابه مشرعة لك، وسوف يسرنا غاية السرور أن نستقبلك، ويمكنك أن تمكث في المغرب ما شئت من الوقت، خاصة وأن وضعك الصحي يقتضي علاجا».

بعد أسبوع فقط على الدعوة الهاتفية، اختزل شاه إيران، المطاح به، إقامته في مصر وانتقل إلى المغرب، وهو ما أشار إليه في كتابه «جوابي للتاريخ»، حين أكد أنه كان ينوي التوجه إلى الولايات المتحدة بعد توقف قصير في المغرب، لكن الولايات المتحدة خذلته حين تماطلت في السماح له بالدخول إليها حتى استفحل داء السرطان الذي كان ينخر جسده. بل إنه توجه من مطار سلا إلى مصحة للعلاج، فيما ظل الملك يلتقيه يوميا في الأيام الأولى لوجوده بالرباط، وكانا يتحادثان عن مشاكل العالم العربي وفي الشأن الصحي، قبل أن يتسبب في الإحراج للحسن الثاني بسبب طول مقامه في المغرب، سيما بعد التحاق أبناء رضا بوالدهم في المغرب، في فترة كان فيها المغرب يتأهب لتنظيم اجتماع مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية في مدينة فاس، وكان الحسن الثاني يتخوف من أن ترفض الدول الإسلامية إرسال وزراء خارجياتها إلى المغرب لحضور المؤتمر كما جاء في كتاب «ذاكرة ملك» إذا استمرت ضيافة الشاه، بل إن منظمة التحرير الفلسطينية دخلت على الخط وهددت باختطاف الشاه من المغرب، كما ورد في كتاب «الشاه: منفى وموت شخصية مزعجة» للصحافي البريطاني وليام شاوكروز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى