RABATTODAYالرئيسيةسـلا اليوم

سلا التاريخ .. عين على تاريخ الطائفة اليهودية بسلا

MAIN_Jewish-Men__Christopher-Rose_Flickr
الرباط اليوم
كتب الباحث الأنجلو ساكسوني كنيت بروان عن تاريخ الطائفة اليهودية بسلا، في عمله الذي ترجمه عن الإنجليزية محمد حبيدة وأناس لعلو تحث عنوان «موجز تاريخ سلا» ضمن منشورات أمل، موضحا أن أغلب السكان، النصارى واليهود والمجوس جاؤوا إلى حاضرة سلا ودخلوا في الدين الإسلامي، وكان ذلك عندما فتح مولاي إدريس منطقة أبي رقراق.
لكن تشير روايات عديدة أن اليهود لم يعتنقوا كلهم الإسلام. إذ التجأ بعضهم إلى جنوب المغرب. وقد حافظ تراثهم الشفوي على ذكرى إقامتهم المبكرة بسلا وبقاء آخرين بالمنطقة، ربما كانوا من العناصر التي قدمت إلى المدينة للعيش بها عندما قام بنو العشرة بإعادة بنائها.
ويرى المؤرخ الدكالي محمد ابن علي، بخصوص أصل يهود سلا، أنهم كانوا يقيمون بها منذ ما قبل مجيء العرب. وقد تواصل تطورهم بعد الفتح الإسلامي في أحد أهم الأحياء وأفضلها، وهو الكائن قرب مدرسة الطب المرينية، أي حومة باب حساين الحالية.
ويبرز في هذا البحث أنه عقب سقوط غرناطة عام 1492م. هاجر اليهود من إسبانيا إلى سلا، كما إلى مدن أخرى، وجلبوا معهم جملة من مظاهر الرقي الأندلسي. ويذكر أيضا أن ما يقارب 400 أرملة يهودية استقر بهن الحال بسلا إلى جوار أبناء دينهن، إثر طردهن من البرتغال عند نهاية القرن 16.
أما فيما يخص اشتغال هذه الأخيرات يقول: «كُنّ يمتهنّ الطرز «الصقلي» ويشتغلن مع بعضهن البعض ويُعلّمن فنهن لنساء المدينة، منهن المسلمات واليهوديات». ويضيف المؤرخ ابن علي أن اليهود عاشوا في رخاء كبير بالمدينة من القرن 3 إلى 18، بحكم احتكارهم للتجارة والمعاملات المصرفية وقيامهم بمهام مخزنية هامة مثل السفارة لدى أمم أوربا. فقد حظوا بثقة السلاطين. وأبرزهم موشي بن عطار المنتمي لعائلة سلاوية معروفة بالتجارة، فقد شغل وظيفة المصرفي العام لدى السلطان مولاي إسماعيل، في بداية القرن 18، ووقع معاهدة 1721 مع الإنجليز، باسم السلطان، وكان في نفس الوقت نقيب الطائفة اليهودية بالمغرب. ولا يزال منزله، «دار بن عطار»، الذي يشبه القصر، قائما اليوم بسلا، وسط حومة باب حساين، حيث تحول إلى مدرسة للبنات.
ويشير نفس المؤرخ، أيضا إلى إمكانية وجود مقبرة يهودية قديمة بالمدينة. فقد عثر في حدائق بطانة، بجهة الشرق، على شاهدة تحمل تقييدا عبريا: «هنا يرقد جثمان عمران بن حيوت، أمين المال للملكة الشريفة».
تؤكد النصوص التاريخية المتوفرة في هذه الصورة العامة والدراسات المتعلقة بمختلف الطوائف اليهودية بالمغرب أهمية سلا كمركز للعلم والثروة. لكن يبدو أن يهود سلا وبخاصة وجهائهم، غلب عليهم التنقل بين حواضر شمال أفريقيا وأوروبا. فقد أثرت أوقات التوتر السياسي على نحو سلبي في وضعهم. فغيلان، مثلا الذي حكم منطقة الغرب خلال الستينات من القرن 17، كان قد أساء معاملتهم وأجبر بعضهم على مغادرة المدينة. وعلى العكس من ذلك كان السلطان مولاي الرشيد، الذي استرجع سلا عام 1667، «أكبر أصدقاء شعب بني إسرائيل» حسب ما تورده المصادر لكن كان لهذه الحركية وجه آخر.
فعندما تتدهور الحالة الاقتصادية في مدينة ما، كان اليهود يهجرونها في اتجاه مدينة أخرى. هكذا مثلا في نهاية القرن 17 حينما أصابت المجاعة مدينتي مكناس وفاس حلوا بسلا حيث كانت الأزمة أقل حدة. ويرى المؤرخ جون لوي مييج أن حركية بني إسرائيل وشبكاتهم مكنتا اليهود المغاربة من أن يلعبوا دورا أساسيا في الوساطات بين المغرب وأوروبا خلال القرن التاسع عشر.
غير أن لهذا الدور جذورًا تاريخية. ويقدم النشاط الاقتصادي ليهود سلا ما بين القرن 16 و 18 نماذج كثيرة على ذلك. لكن قد يكون في الأمر ضلالة كما هو واضح من هذا النص الفرنسي لسنة 1681 الذي يزعم بأن اليهود كانوا بسلا أوفر عددا من المسلمين وأن جل تجارتهم كانت بيدهم. ويبدو أن تجارة الأسلحة كانت قد أصبحت حكرا على اليهود المارانوس القادمين من شبه الجزيرة الإبيرية في نهاية القرن السادس عشر. والملاحظ أن طائفة بني إسرائيل السلاوية كانت مقسمة إلى شطرين:
الأول، يمثل القادمين الجدد من إسبانيا، والثاني، قدماء المدينة. وهو انقسام يوازي، لكن بحدة أقل الانشقاق بين الموريسكيين داخل المجموعة الإسلامية. لقد تميز اليهود المنحدرون من أيبيريا المعروفون تحت اسم المهجرين، «مكور شيم»، بسلوك خاص: لباس رومي وإحساس بالتفوق الثقافي. ومن ثم نظر إليهم يهود البلد البلديون، «توشفيم»، كجماعة متكبّرة، شاذة وحظيرة لدعمها حركة ساباتي زيفي التبشيرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى