RABATTODAYالرئيسيةسياسة

سقراط يتساءل .. من المسؤول عن البلوكاج التنموي ؟

files
الرباط اليوم
محمد سقراط ـ باحث وناشط سياسي
ايها المحللون في برنامج “قضايا واراء ” امس على القناة الاولى العمومية حيث لم تكن لكم إضافة لما قيل، بل أعدتم اجترار الإطراء والتطبيل دون تحليل: خطاب الملك ليس في حاجة لتحليلكم حيث كان واضحا ومعبرا وساطعا سطوع الشمس، كفانا تحليلات كلها لغة خشب أصمت آذاننا؛ إن صاحب الخطاب كان واضحا ومحددا التشخيص والداء وجميع العلل التي اصابت الدولة والمجتمع …

لكن الخطاب انتقد ضعف ادوار مؤسسات اخرى تدور في فلك النسق السياسي المغربي بشكل محوري واساسي ( احزاب ، ادارة ، حكومة ، وزراء ، منتخبون ….) وكأن هذه المؤسسات منفصلة مركزيا وجزئيا عن جوهر النظام بدون تحديد مجال المسؤوليات لمكونات نظام الحكم ، وكأن المحور لا مسؤولية له لا من قريب ولا من بعيد .

لا وجود لفرق كبير بين الأمس واليوم، فخلاصات جون واتربوري… «أمير المؤمنين والنخبة السياسية المغربية»، حيث تلعب الملكية دورا رئيسيا وحاسما في النظام السياسي للبلاد، فيما تلعب الأحزاب السياسية دورا أقل، ذيليا في معظمه. للقصر دور حيوي، بل إنه محرك الحياة السياسية، ولا يمكن لفاعل آخر أن يصل إلى أي شيء في السلطة والتدبير العمومي دون القصر وتأشيرته .

حيث استطاعت الملكية أن تحول سلطتها التاريخية التي لا يجادل فيها أحد إلى سلطة سياسية؛ يقر جل أعضاء النخبة اليوم أنه لا مشروعية ولا منفذ إلى الحكم بدون القصر؛ لقد أصبح القصر محرك الحياة السياسية، ومنظمها، ولا يستطيع أحد أن يقوم بمبادرة دون أن يأخذ بعين الاعتبار ردود فعل القصر».

كما ارفق هذا التحليل الذي ما يزال سليما إلى غاية اليوم، صورة «كاريكاتورية» تضم شخصيات سياسية ترقص في حلبة «البالي» ذات الدلالات السياسية الغنية، سماها «البالي الوطني لهواة السياسة».

ويتزامن هذا التحليل اليوم مع بروز سؤال آخر في الساحة السياسية، ويتعلق باستقلالية القرار الحزبي والسياسي في الساحة الوطنية، ومن قتل الاحزاب وتواطأ لتشجيع فسادها وقتل نخبها واطرها ضدا على أجهزتها التقريرية ، والنقابات والاعلام والمجتمع المدني ؟

تمدد الدور البارز للمؤسسة الملكية ما زال قائما، ولا تزال تشكل مركزا قويا في النظام الدستوري والسياسي للبلاد، فضلا عن الأوراش الكبرى التي تحتكرها وتحجب مساحة التصرف فيها عن الحكومة، او تفوض لها فقط التصرف في التدبير اليومي للشأن العام الاداري الضيق. الملك هو من يعطي اطلاق جل المشاريع الضخمة اقتصاديا واجتماعيا وديبلوماسيا والترويج لها امام الشعب، وتتبع تنفيذها على مستوى الديوان الملكي أحيانا بحضور الوزراء وأحيانا بدونهم.

اين هي إذا الجهة المساهمة والشريكة في تدهور الاداء لخدمة الشعب والوطن ؟ من المسؤول؟ متى تنتهي مسؤولية القصر وتبدأ مسؤولية الحكومة، وبعدها (أو قبلها) المؤسسات العمومية، وبعدهما السلطة الترابية، وبعدهم المنتخبون والمصالح الخارجية؟

الأحزاب تآكلت وأصابها الوهن ولكن الكثير مما يقع لها مهندس له ومفبرك. هناك محاولة واضحة للإجهاز على الأحزاب للنفخ في وافد جديد اعتبر طريق الخلاص من بعبع الإسلاميين. صار الوافد بعبعا بنفسه، وذمرت الأحزاب وتقوى الإسلاميون وارتكن الكل الى الكولسة والبلوكاج والضرب من تحت الحزام وتصفية الحسابات والكذب والافتراء على الكل لتنفيذ خطة ولدت ميتة ودائما تنتج عكس ما يريده أصحابها.

تمركز القرار ومحاولة إعادة هندسة الحقل السياسي وتنامي دور المتحكمين الجدد وأد الانتظارية والخوف. المؤسسات العمومية تستحوذ على أغلب القرارات وتنفيذ السياسات ويتم التحكم فيها من طرف مربع صغير قريب من مركز القرار. والوزراء والأحزاب والمنتخبون أعطي لهم دور المتفرج، أو الموقع، أو المطبل أو المزمر. وحين لا نسير الأمور على ما يرام دور كبش الفداء.

من المسؤول؟ سؤال يحير الشارع ويؤرق النخبة ويبقى مطروحا إلى حين إعادة النظر في توزيع الأدوار وفي منظومة الحكامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى