RABATTODAYالرئيسيةتمارة اليوم

ساكنة تمارة تستعد للإنتفاض .. لا مستقبل لا تنمية

3457529_3_9108_manifestation-contre-la-grace-accordee-par-le_fd511c7f5984129c624772cfe13f6177
الرباط اليوم
إنجاز: عبد الحليم لعريبي

بعد إحصاء القاطنين بدور الصفيح بتمارة، قصد إعادة إيوائهم بدور السكن اللائق، تتنامى “البراريك” العشوائية من قبل المخالفين لقوانين التعمير طمعا في الاستفادة من أكثر من شقة. وبعد تقاعس المسؤولين في الاستجابة للوعود التي قدموها إلى القاطنين، تفاجأ العديد من ملاك البقع المخصصة لمشاريع استثمارية بتشييد سكن عليها.

رغم تطورها العمراني المتزايد وقربها من الرباط، وتهافت الشركات الكبرى على الاستثمار فيها، مازالت الأحياء الصفيحية تنخر جسد تمارة، والتي بدأت تستهوي في السنين الأخيرة، أسر الفئات الميسورة والمتوسطة للعيش فيها، والهروب من صخب الرباط، لكن ما زاد من تشويه جمالية عمران هذه المدينة هو تنامي السكن العشوائي بمحيط الأحياء القصديرية، وفوق أراض يملك أصحابها وثائق موقع عليها من قبل الموثقين.

استيلاء على أراضي المهاجرين

رشيد الكحلي مهاجر مغربي بإيطاليا، قضى 23 سنة بالمهجر، وعاد إلى مسقط رأسه بتمارة، وهو يحمل فكرة مشروع سياحي وسط المدينة، لكنه سرعان ما اصطدم أثناء تفقده لبقعته الأرضية بأكواخ صفيحية مشيدة فوقها، “وجدت براكة فوق أرضيتي”، يقول هذا الشاب الذي قضى أزيد من ثلاثة أشهر، وهو يتردد على مصالح عمالة الصخيرات تمارة، لحل مشكل الترامي على أرضه.
قاطنو منطقة “طلعة الشيخ الضاوي” الصفيحية، الذين يحلمون بالاستفادة من إعادة إيوائهم بسكن يحفظ لهم كرامتهم، إسوة بقاطني دوار “صحراوة” الذي استفاد سكانه من شقق، عبر حلمهم بتشييد “براريك” جديدة طمعا في الحصول على مكاسب أخرى.
اختار المخالفون لقوانين التعمير تقصي معلومات عن الملاك الأصليين للبقع الأرضية، القاطنين بعيدا عن تمارة، أو من المهاجرين، قصد الترامي عليها وخصوصا أثناء الليل.
وأمام تأخر المسؤولين بالمصالح المختصة بجهة ولاية الرباط سلا زمور زعير، في إعادة ترحيل ساكني هذه المنطقة إلى مناطق أخرى، تلتجئ العشرات من الأسر القديمة إلى تفريخ أكواخ أخرى بغرض الحصول على أكثر من شقة، بعد إعلان البرنامج المزمع تنفيذه قرب سوق الجملة الجديد للخضر والفواكه. “الدولة تركت السكان يعبثون بأراضي ليست لهم” يقول المهاجر المذكور إن صوته لم يصل بعد إلى الجهات المختصة ببلدية المدينة وعمالتها، رغم توجيه رسالة إلى يونس بلقاسمي عامل عمالة تمارة -الصخيرات.

ستائر وتمويه

ستائر على “براريك” يبدو أن تفريخها كان في رمشة عين، شيدتها أسر طمعا في الحصول على شقق تزيد مساحتها عن 58 مترا مربعا، أو الاستفادة من شقتين تحت ذريعة وجود أبناء، ومنازل صفيحية أخرى لم يتم التصريح بها أثناء عملية الإحصاء التي قامت بها المصالح المختصة التابعة لعمالة الصخيرات تمارة.
وطمعا في الحصول على امتيازات من قبل قاطني دور الصفيح بـ”طلعة الشيخ الضاوي”، تفاجأ موظف بعمالة الصخيرات-تمارة، ببناء كوخ صفيحي فوق بقعته الأرضية التي يمتلكها بوثائق قانونية. هذا الكوخ شيد بسرعة من قبل أحد أفراد العائلات القاطنة بالمنطقة، رغم تردد المالك الأصلي بين الفينة والأخرى على بقعته الأرضية.
تفريخ السكن الصفيحي أصبح هاجس أغلب الأسر القاطنة بالدواوير التي تنتظر الترحيل، لكن أحلامها سرعان ما تتبخر يقول “مرافقنا”، حينما تلجأ السلطات المختصة إلى الاعتماد على الإحصائيات القديمة في طريقة توزيع الشقق على المستفيدين.

أملاك موثقة في خبر كان

التجأعشرات المواطنين الذين بادروا إلى اقتناء بقع أرضية بوثائق رسمية، إلى توثيقها بمكتب موثق لتفادي الوقوع في مشاكل مع الورثة أو قاطني الدور الصفيحية. يقول رشيد الكحلي إنه بعد اقتناء بقعته الأرضية المحددة في حوالي 200 متر مربع، قام بإجراءات البيع بمكتب موثق، والتي لم يشر فيها الأخير إلى وجود سكن فوقها، لكن رغم الوثائق القانونية التي يتوفر عليها هذا المهاجر حسب قوله، إلا أنه عجز عن استرجاع ما ضاع منه، رغم تقديم شكايات تظلم إلى عامل الإقليم.
رشيد الذي خبر مهن الفندقة بإيطاليا، أراد نقل تجربته إلى مسقط رأسه. وبعد قضائه أزيد من ثلاثة أشهر تائها بين مصالح عمالة المدينة وبلديتها، قرر العودة إلى إيطاليا، بعدما فشل في تجريب كل الطرق، ولازال ينتظر تحرك السلطات المحلية.
صالح الكحيلي، وهو شقيق رشيد، والذي قضى هو الآخر سنوات في بلد المهجر، اقتنى منذ سبع سنوات بقعة أرضية، فاصطدم أثناء تفقده بوجود “براكة”، رغم أن عقد الشراء الموقع عند الموثق لا يتضمن أي سكن عشوائي عليها، إلا أن الواقع كان شيئا آخر يقول صالح حينما اشتكى إلى جهات مسؤولة. هذا المهاجر الذي أدى الضرائب لمصالح بلدية المدينة منذ سنوات، مازال ينتظر إلى اليوم الحصول على رخصة للبناء على قطعته الأرضية، رغم لقائه بعامل المدينة الذي وعده بحل مشكلته. “جئنا نستثمر في البلاد لكن الظروف غير مواتية” يقول صالح الذي يستعد لإطلاق مدرسة خاصة قرب المدينة، أنه رغم تبسيط المساطر التي أعلنتها مجموعة من القطاعات الحكومية في حل مشاكل المهاجرين العائدين والراغبين في إحداث مقاولات، إلا أن عراقيل الإدارات المسؤولة ما زالت تعترض أحلام هذه الفئات.

دواوير تنتظر إخراجها من البؤس

“الصهد، جمايكا، الفوارات”…دواوير البؤس مازال قاطنوها يعيشون على أحلام الوعود التي أطلقتها الجهات المسؤولة أثناء الزيارات الملكية الأخيرة إلى المدينة، إلا أن هذه الوعود أصبحت بمثابة خبر كان، بعدما بدأت الأسر تفقد الأمل في سكن يحفظ لها كرامة أبنائها.
أحمد واحد من قاطني دوار “جمايكا”، انتظر سنوات رفقة عائلته للخروج من كوخ صفيحي يؤوي سبعة أفراد، حياة هذه العائلة تظهر تناقضات كبيرة ومفارقات غريبة بين هذا الدوار الصفيحي والمناطق المحيطة به، إذ تظهر مظاهر الثراء على وجوه أفراد فئات متوسطة تمكنت من تزيين مساكنها الجديدة قرب الدوار، بينما يلازم الفقر والتهميش عائلة أحمد وقاطني الدوار الذي يعود تأسيسه إلى عقود خلت.

عائلات تترقب إحصاء جديدا

بعد تشييدها مباني عشوائية فوق بقع مهاجرين وملاك كبار، تواظب مثل هذه العائلات على المكوث طوال النهار فيها، تحسبا لوجود لجنة إحصاء جديدة. بعد وصولنا إلى “طلعة الشيخ الضاوي”، نهضت عجوز بسرعة، وهي تحاول الاقتراب منا لجس نبضنا، ومعرفة سبب مرورنا قرب السكن الذي شيدته في ظروف غامضة، وبدا أنها تريد تقديم معلومات حول حالتها الاجتماعية.
العجوز التي كست التجاعيد وجهها، منذ سنوات، وتبدو عليها مظاهر البداوة، من قدماء قاطني الدور الصفيحية بالمنطقة، وبنت منزلا جديدا طمعا في استفادة ابنتها المتزوجة منه.

ترحيل دوار صحراوة… تدخل أمني واستنكار حقوقي

حينما قامت المصالح المختصة بترحيل قاطني دوار صحراوة، رفضت بعض العائلات مغادرة مساكنها، بحجة عدم استفادتها من أكثر من شقة، ما دفع بالسلطات المحلية إلى الهدم بالقوة، وقوبل هذا التدخل بالاستنكار من قبل عدة هيآت حقوقية، تتمثل في العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان والجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنظمة الديمقراطية للشغل والمركز المغربي لحقوق الإنسان وجمعية الصداقة للتنمية والبيئة وجمعية أمل بتمارة وجمعية السلام للتجارة التقليدية والعصرية.
وأصدرت هذه الجمعيات بيانا مشتركا، أكدت فيه أن عملية إعادة إسكان قاطني دور الصفيح بدوار صحراوة تم في ظروف غير إنسانية، من خلال الاستعمال المفرط للقوة وإرغام السكان على الهدم والرحيل، وحدوث تجاوزات في عمليات الاستفادة بإقصاء واضح ومفضوح للعديد من الحالات في إطار تصفية حسابات وسلوكات انتقامية صادرة عن قائد الملحقة الإدارية الثالثة وصلت إلى حد الاعتقالات والمحاكمات.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى