سياسة

حزب “الوردة” يدعو الحكومة إلى فتح حوار وطني حول الثقافة

الرباط اليوم

دعا الفريق الاشتراكي بمجلس النواب رئيس الحكومة عزيز أخنوش، خلال جلسة المسائلة الشهرية حول موضوع الثقافة، إلى فتح حوار وطني حول الثقافة يقوم بتحيين المعطيات المتعلقة بالشأن الثقافي على ضوء تداعيات الجائحة، وتنبثق عنه المحددات الكبرى للسياسة العمومية.

وقال عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشنراكي في مجلس النواب خلال تعقيبه، “فلا يعقل أن تنسحب الحكومات المتعاقبة من فضاءات النقاش العمومي، وأن يظل رصيدنا الوطني متوقفا في ثلاث مناظرات حول الثقافة المغربية الأولى سنة 1986 والثانية سنة 1992 من تنظيم وزارة الثقافة، والثالثة سنة 2015 من تنظيم اتحاد كتاب المغرب، الفاعل الثقافي التاريخي الوازن، الذي نستغرب عدم استقباله إلى اليوم من طرف السيد وزير الثقافة رغم استقباله للعديد من الجمعيات الثقافية المختلفة”.

وجاء في تعقيب شهيد، “لقد استمعنا إليكم بإمعان، السيد رئيس الحكومة، في كل ما تقدمتم به حول تدبير الشأن الثقافي الوطني، وسنتقدم إليكم بجملة من الملاحظات والاقتراحات التي نأمل أن تتعاملوا معها بالمنطق التشاركي ما دامت غايتنا، سواء كأغلبية أو كمعارضة، هي خدمة الثقافة المغربية”.

مضيفاً، “إن من بين المنطلقات الأساسية التي ينبغي استحضارها في مقاربة السؤال الثقافي التوجهات الملكية ذات البعد الاستراتيجي، فقد تبنى جلالة الملك محمد السادس حفظه الله في خطاب أجدير التاريخي رؤية متجددة للهوية المغربية تقر بكل مقومات التاريخ الجماعي المغربي وتدمج الروافد المتعددة المشكلة للهوية الثقافية الوطنية، بما في ذلك الأمازيغية التي اعتبرها جلالته ملكا لكل المغاربة بدون استثناء، ومكونا ثقافيا أساسيا في المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي”.

وتابع ذات المتحدث، “كما أنه، وبفضل المبادرات الملكية الحكيمة، حققت بلادنا خلال المرحلة الفارطة مكتسـبات مهمـة فـي المجال الثقافي والإبداعي، وخاصة البنيات الثقافية الكبرى التي تم تشييدها من قبيل المكتبـة الوطنيـة للمملكـة المغربيـة ومتحـف محمـد السـادس للفـن الحديـث والمعاصـر وأرشيف المغرب وتأهيل المدن العتيقة والمسرح الكبير للرباط ومسرح محمد السادس بوجدة ومسرح طنجـة الكبيـر والمسـرح الكبيـر للـدار البيضـاء وغيرها. وهو ما يفرض على الحكومة وضع برنامج متكامل لاستغلالها، مع توفير الموارد المالية وتكوين الأطر والكفاءات الثقافية الضرورية لتنشيطها بشكل مستمر، وقد تمكنت بلادنا من تحقيق تحول مهم في مسارها الثقافي باعتماد دستور 2011 الذي أكد على تشبث ‎المملكة المغربية “بصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الأفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية”. وشدد على “تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية جمعاء”. كما اعتبر، في فصله الأول، الوحدة الوطنية المتعددة الروافد من الثوابت الجامعة التي تستند إليها الأمة المغربية في حياتها العامة”.

وأشار إلى أنه، “من الضروري تبني رؤية استراتيجية واضحة المعالم في المجال الثقافي. فقد اكتفت الحكومة بتقديم برامج وإجراءات محدودة على المدى القريب. والحال أننا في أمس الحاجة إلى استراتيجية شاملة، متوسطة وبعيدة المدى، تقطع مع المشاريع الثقافية الظرفية والمنهجية الانتقائية التي تفاضل بين الحقول الثقافية والفنية. كل وزير للثقافة يأتي ليعطي الأفضلية لقطاع على حساب باقي القطاعات، منهم من يفضل المجال السينمائي، ومنهم من يفضل الحقل المسرحي ومنهم من يعطي الأسبقية لصناعة الكتاب. لكن ما أحوجنا إلى التعامل مع كل المجالات الفنية والثقافية بالإنصاف والمساواة”.

وقال شهيد، “إننا، في الفريق الاشتراكي، ندعو إلى فتح حوار وطني حول الثقافة يقوم بتحيين المعطيات المتعلقة بالشأن الثقافي على ضوء تداعيات الجائحة، وتنبثق عنه المحددات الكبرى للسياسة العمومية. فلا يعقل أن تنسحب الحكومات المتعاقبة من فضاءات النقاش العمومي، وأن يظل رصيدنا الوطني متوقفا في ثلاث مناظرات حول الثقافة المغربية الأولى سنة 1986 والثانية سنة 1992 من تنظيم وزارة الثقافة، والثالثة سنة 2015 من تنظيم اتحاد كتاب المغرب، الفاعل الثقافي التاريخي الوازن، الذي نستغرب عدم استقباله إلى اليوم من طرف السيد وزير الثقافة رغم استقباله للعديد من الجمعيات الثقافية المختلفة”.

ودعا إلى أن “تبادر وزارة الثقافة بشراكة مع اتحاد كتاب المغرب ومختلف الفاعلين المعنيين إلى تنظيم دورة جديدة للمناظرة الوطنية حول الثقافة المغربية، إن الثقافة المغربية، في لحظة التحول التنموي، لا تحتاج إلى الاكتفاء بإجراءات معزولة بعضها عن بعض كما ورد في برنامجكم الحكومي وقانون المالية لسنة 2022.. فقد أعلنتم في برنامجكم الحكومي عن عشرة التزامات، من ضمنها تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية من خلال إحداث صندوق خاص لها، لكأن حل معضلات المجال الثقافي متوقف على الموارد المالية فقط، فالميزانيات مهمة لدعم الثقافة الوطنية، لكن الأهم هو الإرادة السياسية والجرأة الواضحة في أجرأة تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية. الأهم هو تأطير الموارد البشرية المؤهلة لتدريس الأمازيغية وتوظيفها لهذا الغرض، لا أن يتم توجيهها إلى تدريس مواد أخرى لا علاقة لها بها، وهو ما نسجله للأسف في العديد من المؤسسات التعليمية”.

وتابع شهيد “تحدثتم، السيد رئيس الحكومة، في إطار تدعيم ركائز الدولة الاجتماعية، عن إعطاء الحكومة في المجال الثقافي الأولوية لإدماج تراثنا الثقافي في الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمواطنات والمواطنين”.

مضيفاً، “نحن متفقون معكم على هذا التوجه العام، لكننا محتاجون إلى أفعال ملموسة تدل على صدق النوايا. فهل سنصدق، مثلا، الالتزام بدعم وبناء الرأسمال التراثي كرافعة اقتصادية في الجهات التي تختزن العديد من الكنوز الحضارية، ونحن، للأسف، نرى المآل الذي آل إليه مركز صيانة التراث المعماري بالأطلس والجنوب الموجود بمدينة ورزازات كمركز وطني ودولي يعنى بالتراث ولعب دورا مهما في الكشف عن المآثر الثقافية وحمايتها وترميمها وأرشفتها؟”.

واستغرب قائلاً، “إننا لا نفهم هذه المفارقة الصارخة بين توفر الموارد المالية التي لا تنفذ، وبين ما يعيشه العاملون في المجال من وضعية اجتماعية مأساوية، في أوساط الموسيقيين والكتاب والمسرحيين والممثلين والمخرجين والفنانين التشكيليين وغيرهم.. لا نفهم أيضا عدم تقديم الدعم المالي رغم توفره للجمعيات الثقافية للمشاركة في المهرجانات الدولية رغم ما تحققه من نتائج مشرفة لصورة المغرب، وآخرها عدم تمكين مسرح أنفاس من المشاركة في المسابقة الدولية لمهرجان القاهرة للمسرح التجريبي.. كما لا نفهم إيقاف الدعم المالي الذي كان مخصصا لنشر الكتب والمجلات منذ حكومة التناوب، والتي تم تطويره عبر السنوات.. إننا لن نستطيع تقوية أدائنا الثقافي بقرارات ارتجالية ومزاجية كما وقع بخصوص تغيير تاريخ ومكان انعقاد معرض الكتاب بالدار البيضاء الذي أصبح موعدا سنويا مكرسا، في الزمان والمكان، في البرنامج العربي للناشرين والمؤلفين، وهو ما سيخلق ارتباكا كبيرا الثقافة المغربية في غنى عنه.. وننتظر منكم، السيد رئيس الحكومة، الإجراءات العملية التي تعتزمون القيام بها لصيانة وحماية وتدبير المواقع الأثرية والتاريخية الموجودة بكل التراب الوطني: النقوش الصخرية والمدافن الجماعية بالجنوب، وليلي، أغمات، تمودة، والمواقع الأثرية بالراشيدية وفاس والجديدة ومكناس والعرائش وغيرها.. وبالطبع، من أجل مواجهة التحديات الثقافية المطروحة، لا يمكن إلا أن ننخرط معكم للرفع من الميزانية السنوية للثقافة التي تقل نسبتها عن 0,3 % من الناتج الداخلي الخام لتصل إلى نسبة 1 %”.

واقترح شهيد مجموعة من المقترحات التي أكد على أن الفريق الاشتراكي يقترحها على الحكومة من أجل تطوير الثقافة في المغرب، أهمها، تسريع تفعيل المؤسسات الدستورية ذات الصلة بالشأن الثقافي، وخاصة المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية الذي نود معرفة مدى التقدم في إخراجه إلى حيز الوجود، إعادة النظر في الهندسة العامة للمؤسسات الثقافية وتجميعها في إطار أقطاب كبرى لدعم الصناعة الثقافية الوطنية، وإحداث مؤسسات جهوية مخصصة للارتقاء بالروافد الثقافية في إطار الرؤية الثقافية الوطنية بما يتيح التدبير العقلاني لتنوع الثقافات المحلية.

وفي ما يتعلق بالاستراتيجية الثقافية، اقترح رئيس الفريق الاشتراكي، اعتماد استراتيجية وطنية شاملة للثقافة المغربية وفق مقاربة تشاركية، وإعداد ميثاق وطني للثقافة لتعبئة الطاقات من أجل تحصين الهوية المغربية وتقوية حضورها وأثرها الإيجابي في الثقافة الإنسانية الشاملة، واعتماد خطط جهوية للارتقاء بالمجال الثقافي بالشراكة مع مجالس الجهات، واستحداث آليات جديدة لتمويل مشاريع التنمية الثقافية.

وعلى المستوى المؤسساتي والتدبيري، وضع الإطار المؤسساتي لتوحيد المنظومة الثقافية الوطنية وخلق التناغم والانسجام بين مختلف المكونات الثقافية المغربية وتقوية التنوع الثقافي، وتأهيل الموارد البشرية المكلفة بالتدبير الثقافي، وتمكينهم من التقنيات المستجدة ومبادئ الحكامة الثقافية، تعزيز الجانب التشريعي المرتبط بتنظيم المهن ذات الصلة بالمجال الثقافي وحماية حقوق المبدعين والعاملين فيه.

ثمّ علاقة بالاستثمار الثقافي، قال شهيد، على الحكومة أن تعمل على تشجيع الاستثمار في الثقافة والفنون، وتوجيهه نحو الصناعات الخلاقة، ونحو الأنشطة الإنتاجية ذات المحتوى الثقافي، وإدماج الثقافة والاقتصاد الثقافي في معادلة التنمية لتكون مصدرا لإنتاج الثروة وإنعاش الشغل، وتشجيع المنتوج الثقافي الوطني بإقرار تحفيزات مالية وجبائية وتنظيم حملات تسويقية وخلق سياحة ثقافية حقيقية.

وتابع ذات المتحدث أنه على صعيد الدبلوماسية الثقافية، يجب تقييم أداء “دور المغرب” بالخارج، وإحداث فضاءات جديدة بدول أخرى، وتعزيز جسور التواصل بين هذه المؤسسات الثقافية ومغاربة العالم، وإحداث مؤسسة وطنية لتصنيف التراث والإنتاج الثقافي المغربي (المآثر والبنايات والساحات والكنوز والأطعمة والأنماط الموسيقية والألبسة والممارسات والعادات والأعراف التراثية المغربية) ضمن التراث الإنساني العالمي المصادق عليه من اليونيسكو ومن المنظمات القارية والإقليمية، وإحداث بنك معطيات حول التراث اللامادي، وإنشاء بوابة الكترونية حول “المغرب الثقافي” من أجل التعريف بالرأسمالي الوطني المادي واللامادي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى