الرئيسيةالرباط اليوم

جوطية «باب الحد» ملتقى الفراشة والباعة المتجولين وأصحاب المحلات

People walk through Bab el Had gates of Rabat's Medina September 21, 2014. Behind walls of Medina and Kasbah of the Oudayas, ancient neighbourhoods of Morocco's capital, labyrinths of small alleys, colourful buildings and street markets offer a glimpse into city's rich history. Rabat was recently listed by UNESCO as a World Heritage Site and suggested as a "must see" destination by major media outlets and tourist agencies. REUTERS/Damir Sagolj (MOROCCO)

الرباط اليوم

اكتظاظ كبير وبطئ في حركة المارة التي قد تتوقف في بعض الأحيان. عربات شواء تقدم وجبات بسيطة ومنخفضة السعر. أناس بسطاء يبدو الفقر جليا على محياهم، ووجوه ظهرت عليها آثار الزمن والمعاناة. تتعالى أصوات محادثات وقهقهات الناس البسطاء. جو لا يمكن أن تجده في إحدى الأماكن الراقية من العاصمة، التي يلتزم مرتادوها بنمط عيش أوربي يغلب عليه البروتوكول والتصنع. وأنت تتقدم إلى الأمام، تتراءى أمام عينيك واجهات زجاجية وضعت فيها آخر صيحات التكنولوجيا من هواتف ذكية وعادية وكذا حواسب نقالة وآلات تصوير. تتراص هاته الواجهات الزجاجية على جنبات قوس يحملك إلى عالم جديد.

يتعلق الأمر بـ “الجوطية دالرّْباط” ، “سوق السمّارين”، “جوطية باب الحد” أو “جوطية دْلِيلِكترونيك” .كلها أسماء تطلق على زنقة سوق السمّارة الكائنة في آخر شارع محمد الخامس من الناحية المحاذية لـ “السويقة” ولـ “باب الحد” في مدينة الرباط، إضافة إلى تسمية “الكزا” كما هو متعارف عليه لدى كل سكان العاصمة وتعود هاته التسمية إلى كون هذا السوق يوجد على جنبات شارع الجزاء، إنّها الزنقة التي تعرف نشاطا تِجاريا يومياَ في مختلف أنواع وأصناف المُشتريات، والّتي لم تكن تُعرف سوى بزنقة سوق السمّارة قبل سنوات كثيرة، السوق الذي تغيّرت تركيبته ونوعية السّلع المعروضة فيه منذ أكثر من عِشرين سنة.

Image processed by CodeCarvings Piczard ### FREE Community Edition ### on 2014-09-01 08:36:53Z | | Ñ

قوس مهترئ تبدو عليه آثار الزمن جلية وواضحة، على يمين مدخله طاولات زجاجية صغيرة تعرض فيها أشكال وألوان عدة من الهواتف المستعملة كما الجديدة. إلى جانبها شواحن كهربائية غير صالحة، لكنها تنفع صاحبها في جذب الزبناء، حتى يتسنى له عرض الشواحن الجديدة الصالحة للاستعمال، التي يخاف عليها من التلف والضياع. يشتكي أحد البائعين من قلة الرواج التجاري لكنه يختتم بعبارة “الحمدلله على كل حال، فحالنا أحسن من حال غيرنا”. على يمين مدخل القوس يلفت انتباهك عجوز اتخذ من جنبات القوس مكاناً لبيع بضع علب من السجائر منذ ما يزيد عن عشرين سنة. يحكي بحسرة عن ذكريات عاشها في هذا المكان، ويتذكر جبروت المخزن وطغيانه في التسعينيات حين كان يأتي إليه المخزني ليدخن سيجارة دون أن يفيه حقها. تبدو الأجواء الأخوية بين الباعة واضحة ولو كنت تزور المكان للمرة الأولى. تتجلى مظاهر الأخوة بين هؤلاء الباعة البسطاء في التآزر المادي الذي يبدونه في حالة مرض أحدهم أو موت أحد أقرباء آخر. قبالة مدخل القوس تجد “نزل فرنسا” الذي يعود تاريخ إنشائه إلى عام 1920، وهو عبارة عن نزل ذي تصميم فرنسي بسيط معظم زبنائه من الطبقة الشعبية وهم أناس بسطاء يأتون لقضاء أشغالهم الإدارية أو لزيارة طبيب في العاصمة، فيلجؤون إلى هذا النزل الذي لا يتعدى ثمن الغرفة فيه 50 درهماً للشخص الواحد. وأنت تتقدم أكثر داخل سوق “جوطية باب الحد” تكتشف عوالم جديدة وغامضة. يفترش أحد أركان السوق، شاب يبيع بضع وحدات من الملابس إلى جانبه عربات عديدة تعرض عليها آخر إصدارات الأفلام والبرامج المقرصنة بثمن لا يتجاوز الخمسة دراهم للنسخة الواحدة. في آخر الممر توجد “جمعية المواساة/دار الفتيات” التي تهتم بإيواء الفتيات في وضعيات صعبة. داخل السوق المسقف للجوطية توجد العشرات من المتاجر المتخصصة في بيع كل الوسائل التكنولوجية الحديثة منها والقديمة، وكذا كل ما يتماشى معها من مستلزمات. ما قد يلفت انتباهك هو تلك السيدة العجوز الملتحفة بالوردي التي تتموضع في باب بائع للأثاث القديم. تلك المرأة ذات الملامح الأطلسية هي بمثابة الأم الروحية لكل أولئك الباعة، امرأة يحترمها الجميع ويقدرها نظراً إلى قدم وجودها في هاته القيسارية المغطاة، إذ جاءت إلى هذا السوق منذ السبعينيات حين كانت تمارس الدلالة على الأثواب.
“ُسوق السمّارين” أو “الكزا” في “باب الحد” في العاصمة الرباط، الذي يَتنازع زبناؤه أصحاب المحلاّت و”الفرّاشة” وأصحاب عربات المأكولات، تحول منذ انطلاق حركة 20 فبراير إلى سوق أكثر احتضانا للفوضى، بحيث تزايد عدد الفراشة بشكل ملحوظ جداً، كما تزايد عدد عربات المأكولات والحلويات. لم تعد هناك مساحة بسيطة لم يحتلها أحد الباعة، الشيء الذي أدخل تغييراً جذرياً على السوق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى