الرباط اليوم

بعد محطة القطار الرباط.. “اليونيسكو” غاضبة من “هدم” مقهى الوداية “الأسطوري”

الرباط اليوم

“مقهى الوداية الأسطوري في الرباط تحول إلى ركام” هكذا عَنونت وكالة الأنباء الإسبانية مقالها وهي تسلط الضوء على واقعة هدم إحدى المعالم التاريخية للعاصمة المغربية، والتي شبهتها الوكالة بمقهى “الفيشاوي” في القاهرة، ومقهى “لوتي” في إسطمبول، ومقهى الحافة في طنجة.

وعكس ما صرح به عمدة العاصمة للوكالة بقوله، إن السلطات في المغرب أخبرت منظمة “اليونسكو” التي وضعت المقهى ومعها قصبة الوداية ضمن الثراث العالمي، والمنظمة الأممية أبدت موافقتها على مشروع إعادة البناء، إلا أن وكالة الأنباء الاسبانية كشفت أنها تلقت جواباً من “اليونسكو” تؤكد فيه أنه “لم يتم إبلاغها أو استشارتها حتى الآن بشأن هذا مشروع ” وأن الموضوع بصدد بحث ونقاش مع السلطات المغربية لتحديد أي أثر محتمل على القيمة العالمية المتميزة وصحة وسلامة الموقع “.

ولقد كانت المقهى مقصداً للمسافرين من السياح، كما أنها كانت ملجأً للرباطيين، تربط بين الحاضر وماضي العاصمة طيلة 100 سنة الماضية، بالنسبة لعمدة المدينة محمد الصديقي، فإن المقهة كان “آيلاً للسقوط”، وأن السلطات عمدت إلى هدمه لإعادة بناءه خلال مدة زمنية تتراوح ما بين 12 و15 شهر، بنفس الطريقة التي كان عليها المقهى، حسب ذات المصدر.

ولفت المقال الانتباه إلى الموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي تتواجد به هذه المعلمة، على ضفاف نهر “أبي رقراق”، والمقاعد التي توجد على شرفتها يمكن من خلالها للزائر أن يشاهد المحيط الأطلسي، وصومعة حسان التاريخية، والقصبة المجاورة.

للمقهى تاريخ يربط العاصمة بحقبة مهمة، فقد بناها المغاربة الذين “طردوا” من إسبانيا، يقول ذات المصدر، ومنها انطلقت سفن القراصنة التي كانت تعترض السفن الاسبانية المحملة بالذهب خلال القرن 17.

وحسب وكالة الأنباء الاسبانية دائماً، فإن المقهى التاريخي وقع ضحية مشروع “الرباط عاصمة الأنوار”، الذي جاء أساساً لترميم الأجزاء “المتدهورة” من المدينة بما فيها القصبة، والمدينة العتيقة.

في نفس السياق يُبرّر الداعمون لعملية الهدم التي أغضبت العديد من المتابعين، وأبناء العاصمة من فنانين ومثقفين وجمعويين، بأنه ستتم إعادة بناء المقهى بشكل متطابق مع بعض التحسينات، وبالتالي الحفاظ على الطابع الأندلسي الذي يتميز به الزليج الأخضر والأبيض، بالإضافة إلى أن هذه الخطوة كانت ضرورية، حتى يتسنى جعل أساسات البناء أكثر متانة.

من جهته قال مستشار بلدية الرباط وكاتب المجلس، هشام الأحرش، في تدوينة له على حسابه بـ”فايسبوك” : “مقهى الأوداية تعرف عملية ترميم شاملة، الغرض منها إعادة رونقها وبهائها، وهذه العملية جزء من برنامج شامل لترميم قصبة الأوداية والذي ستخضع له الحديقة كذلك، وذلك بعدما خضعت الأسوار لعملية الترميم في وقت سابق، في انتظار أن يقوم مكتريا المقهى بالرفع من جودة خدماتهما التي تعتبر دون المستوى المطلوب”.

كما ان جمعية رباط الفتح للتنمية المستدامة وجمعية ذاكرة الرباط سلا، قد ذكرت أن مشروع ترميم المقهى الموريسكي بقصبة الأوداية يندرج في إطار مشروع كبير يشمل تأهيل قصبة الأوداية بكاملها.

وأضاف المصدر ذاته، أن المشروع يهدف إلى إعادة بناء بعض المواقع والبنايات المعمارية على شكلها الأصلي، طبقا للدراسة التي تم إنجازها حول أثر هذا التدخل على المواقع التراثية، وطبقا للوثائق التاريخية والصور الفوتوغرافية التي تؤرخ لهذه المواقع.

الأكيد أن عملية هدم المقهى التاريخي الذي كان يتردد عليه الناس من مختلف الجنسيات، أغضب الكثير من المغاربة الذين ارتبط لديهم المكان بذكريات ومناسبات طبعت حياتهم، وبالرغم من تطمينات السلطات بكون المقهى في حلته الجديدة سيحافط على طابعه، إلا أن العديد من الغاضبين يرون أن عملية “الترميم” التي تزعم السلطات القيام بها ليس كما تجري في أماكن مماثلة عبر العالم، حيث تهم الاحتفاظ بالمواد الأصليّة التي تشير إلى الحقب الزمنية التاريخية للمعمار، مع السماح بإزالة المواد من فترات أخرى. كما يشمل التحديث المحدود للأنظمة الميكانيكيّة والكهربائيّة والصرف الصحي وغيرها من الأعمال التي لا تحدث تغييرات جذرية في المعمار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى