أخبار العالم

بعد فرض الكمامات.. هل ينتقل فيروس كورونا عبر الهواء؟

الرباط اليوم: متابعة

الخطوة التي أقدمت عليها السلطات المغربية والمتمثلة في إجبارية وضع الكمامات للوقاية من تفشي فيروس كورونا ، امتثالا لتوصيات منظمة الصحة العالمية، تعتبر نقلة نوعية في طريقة التعامل مع الفيروس، وتطرح معها تساؤلات كبيرة حول مدى قدرة كورونا على الانتقال في الهواء.

قبل أسابيع، نشر صحافي إيطالي ربورتاجا مصورا حول طرق انتشار الفيروس في إيطاليا الموبوءة، وأشار الصحافي إلى أن الإيطاليين أصبحوا يعيشون جحيما حقيقيا، ليس فقط مع المصابين والموتى، ولكن مع طرق تفادي العدوى بالفيروس، مؤكدا أن الإيطاليين مقتنعون بأن كورونا أصبح ينتقل عبر الهواء، وهو ما يتطلب احتياطات كبيرة جدا. ما نشره الصحافي الإيطالي يتقاطع مع دراسة جديدة خلصت إلى نفس النتيجة، هذا في الوقت الذي خرجت منظمة الصحة العالمية لتؤكد أن لا دليل على ذلك حتى الآن. بين هذا وذلك يظل السؤال محلحا: هل ينتقل فيروس كورونا حقيقة عبر الهواء؟

تتسارع وتيرة تفشي فيروس كورونا حول العالم، ويتواصل إعلان الدول عن المزيد من الإصابات والوفيات في صفوف مواطنيها، ولجأت العديد منها إلى فرض حظر التجول والحجر المنزلي لمواجهة تفشي الفيروس الذي صنفته منظمة الصحة العالمية وباء.

وسط هذه العاصفة الهوجاء من الإصابات والقتلى والاضرابات التي عمت جزءا كبيرا من الكرة الأرضية، تطفو على السطح تساؤلات عديدة حول الكيفية التي ينتشر بها هذا الفيروس، خاصة أن المختبرات والعلماء والأطباء يفاجئوننا كل يوم باحتمال جديد لطريقة انتشار العدوى، لكن تبقى أخطر فرضية هي تلك القائلة بانتشار الفيروس عبر الهواء.

دراسة خطيرة حول انتشار كورونا عبر الهواء

قبل أسبوعين من الآن، أصبح العالم على دراسة جديدة حذرت من أن فيروس كورونا المستجد يستطيع البقاء في الهواء لمدة نصف ساعة قبل أن يستقر على الأسطح المعدنية والبلاستيكية، وهو ما جعل الكل يتساءل هل يسافر الفيروس في الهواء ويصيب أشخاصا بعيدين عن مصدر العدوى؟

الدراسة المنشورة في دورية نيو إنغلاند الطبية قالت إن الفيروس يتحلل على الأوراق الكرتونية بعد نصف ساعة وهو ما يقلل احتمالية انتقاله عبر توصيل الطرود البريدية.

وحسب الدراسة، فإن الفيروس عندما يكون موجودا في الهواء يستطيع البقاء لمدة نصف ساعة قبل أن يهبط ويستقر على أي سطح.

ويعتبر هذا الاكتشاف مخالفا لمعلومات أوردتها منظمة الصحة العالمية سابقا بأن الفيروس لا ينتقل عبر الهواء.
ولطالما اعتقد خبراء أن الفيروس لا يعيش في الهواء، لكن البحث يشير إلى أنه يستطيع البقاء “حيا” في الهواء لمدة نصف ساعة.

لكن فيروس كورونا لا يحلق لمسافات تسمح له بإصابة الأشخاص غير المخالطين لمريض مصاب به، لكنه قد يشكل خطورة على العاملين الصحيين القريبين من المريض.

وتنتج وسائل العلاج لمريض كورونا قطيرات هوائية قد تكون محملة بالفيروس تتجمع على الملابس الواقية للأطباء والعاملين الصحيين.

وتنصح الدراسة الأطباء بارتداء أقنعة خاصة وملابس واقية حتى لا يتعرضوا لخطر الإصابة بالفيروس، إذ أن الأقنعة الطبية العادية ليست كافية.

على ماذا ارتكز العلماء للخروج بخلاصتهم؟

استخدم العلماء جهازاً لتوزيع الرذاذ في الهواء بالصورة ذاتها الناتجة عن السعال أو العطس. وبعد ذلك درس العلماء المدة التي ظل فيها الفيروس مُعدياً على الأسطح، وفقاً للدراسة التي نشرتها دورية “نيو إنغلاند جورنال أوف مديسن” على الإنترنت يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي، وهو اليوم الذي تجاوز فيه عدد حالات الإصابة بالفيروس 5200 حالة، في حين اقترب عدد الوفيات من 100 شخص.

وأشارت الاختبارات إلى أن الفيروس، المحمول عبر الرذاذ المتطاير الناتج عن السعال أو العطس، يظل قادراً على البقاء أو إصابة الأشخاص عبر الهواء لمدة ثلاث ساعات على الأقل.

أما على البلاستيك والفولاذ المقاوم للصدأ، فقد ظل الفيروس باقياً لما يزيد على ثلاثة أيام، لكنه لم يقوَ على البقاء ما يزيد على يوم واحد عندما استقر على ورق مقوى. وعلى النحاس، ظل الفيروس باقياً أربع ساعات قبل انتهاء تأثيره.

خلافات حادة حول نتائج الدراسة الجديدة

مباشرة بعد استعراض نتائج الدراسة الجديدة، خرج الخبير فنج لوتشاو، الباحث في الأمراض المعدية في المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، ليؤكد في مؤتمر صحفي أن فيروس كورونا التاجي الجديد، لا يعلق أو يطفو في الهواء لفترة طويلة، ولا يوجد حاليًا أي دليل على أن الفيروس الجديد يمكن أن ينتقل عن طريق الهواء الجوي.

وقال فنج حاليًا: ينتقل الفيروس بشكل رئيسي عن طريق رذاذ الجهاز التنفسي والاتصال به، مضيفًا أن الفيروس ينتقل عادة في نطاق يتراوح بين متر ومترين.

وأشار إلى أنه يجب على الناس استخدام المناديل، أو اليدين أو الذراعين لتغطية أفواههم وأنوفهم عند السعال أو العطس لمنع الرزاز من العدوى.

من جهته، قال البروفيسور في تخصص الأحياء الدقيقة والمناعة في جامعة فاندربيلت الطبية بأمريكا، مارك دينيسون، إنه “من المبكر تأكيد انتقال الفيروس عبر الهواء”، مضيفاً بأن “الحل يكمن في التمييز بين الفيروسات الحية والميتة، إذ يمكن العثور على مليارات جزيئات الفيروسات الميتة من الجو، وعند فحصها ستحوي الحمض الأميني ذاته للفيروسات الحية، وهذا لا يعني بالضرورة تسبب هذه الفيروسات الميتة بالإصابة بالمرض.” ولم يستبعد دينيسون احتمال انتقال الفيروس عبر الهواء، لكنه أكد على ضرورة القيام بالمزيد من الأبحاث حول الموضوع.

منظمة الصحة مرتبكة بخصوص طريقة انتقال العدوى

تعامل منظمة الصحة العالمية مع فيروس كورونا كان مرتبكا من البداية، حيث مر بثلاث مراحل: أول هذه المراحل حذر فيه المنظمة من إمكانية انتقال فيروس كورونا عبر الهواء، لكن المنظمة سرعان ما عادت في المرحلة الثانية لتغير موقفها، مؤكدة أنه لا يوجد أي دليل يُثبت انتقال الفيروس عبر الهواء.

وقال مكتب الصحة العالمية في الشرق الأوسط في تغريدة نشرها على تويتر: “لا يوجد دليل أن فيروس كورونا COVID19 ينتقل بالهواء، بل ينتشر عن طريق القطيرات والمخالطة ويمكن منعه بنظافة اليد والجهاز التنفسي والمباعدة الاجتماعية، على مقدمي الرعاية الصحية اتباع احتياطات العدوى المنقولة بالهواء أثناء إجراءات توليد الهباء الجوي أي حين يمكن للفيروس البقاء فترة أطول في الهواء”.

غير أن منظمة الصحة عادت في المرحلة الثالثة لتغير موقفها من جديد، حيث قررت فسح المجال أمام استخدام الكمامات محلية الصنع أو أي غطاء للفم على نطاق أوسع كوسيلة للحد من انتشار فيروس كورونا، بعد أن كانت تعتقد أن استخدام الكمامات الطبية لا بد أن يقتصر بشكل أساسي على العاملين في القطاع الطبي.

وأوضحت المنظمة، في تصريح صحافي، أن هناك احتمالا في انتقال العدوى عن طريق الجو للفيروس الذي أصاب الآن أكثر من مليون شخص في جميع أنحاء العالم، لكن العامل الأساسي لا يزال الأشخاص الذين يعتقد أنهم يعانون من أعراض المرض ويقومون بالعطس والسعال مما يؤدي إلى تلوث الأسطح وانتقال العدوى إلى غيرهم من الناس.

من جهته، قال الطبيب مايك رايان كبير خبراء الطوارئ في المنظمة إن “من الضروري الحفاظ على الكمامات الطبية للعاملين في الصفوف الأولى، لكن فكرة استخدام أي غطاء للفم لمنع السعال أو العطس، في حد ذاته، ليس فكرة سيئة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى