RABATTODAYالرئيسيةوطنية

الملك يربط الماضي بالحاضر ويكشف زيف الخطاب الديني

mohamed-VI
الرباط اليوم: عبد الله الأيوبي
ركز الخطاب الملكي بمناسبة ثورة الملك والشعب على ربط الماضي بالحاضر باعتبار أن الماضي يعيش معنا بل يتجه نحو المستقبل ويترك كل من يرفض منطق التاريخ واقفا ينتظر، وليس من باب الترف الفكري أن يعود جلالة الملك إلى وحدة المقاومة بين المغرب والجزائر، في محاولة لتذكير الأشقاء بالمصير المشترك لأن الاستعمار ما زال يتربص بنا بأشكال جديدة، كما يربط الخطاب الملكي بين مواجهة التخلف بمحاربة التطرف الديني باعتباره قاتلا للعقل.

وتناول الخطاب ثلاثة مواضيع رئيسية، ترتبط بما تنطوي عليه هذه الملحمة التاريخية من دلالات عميقة على المستوى المغاربي، ولما لها من معاني تخص ارتباط المغرب بإفريقيا، والتحديات المرتبطة بأوضاعها. وهي مواضيع تتميز بالراهنية، وتحظى بالاهتمام على جميع الأصعدة، وطنيا وجهويا ودوليا.

واستحضر جلالة الملك بمناسبة تخليد ذكرى ثورة الملك والشعب، التضامن والتعاون اللذين طبعا العلاقات بين قيادات المقاومة وجيش التحرير المغربي وجبهة التحرير الجزائري، في مواجهة الاستعمار. ولأن الأمر يتعلق بمرحلة حاسمة في تاريخ البلدين، فقد كان لزاما ترجمة أواصر الأخوة ومشاعر التضامن بين الشعبين الشقيقين، من خلال عمليات ملموسة. وهو ما تم تجسيده عقب قيام سلطات الاحتلال بنفي الملك الشرعي، السلطان محمد بن يوسف.

وأمام هذه التحديات المشتركة، وربطا للماضي بالحاضر، يمد جلالة الملك يد المغرب لجارته وشقيقته الجزائر، لتجاوز الخلافات الظرفية، بسبب قضايا بائدة عفى عليها الزمن، ومن هذا المنطلق، فإن جلالة الملك يعطي أهمية خاصة لإفريقيا وللنهوض بتنمية شعوبها، وجعلها في صلب السياسة الخارجية لبلادنا.

وأكد جلالة الملك أن همه اليوم هو معاناة الشعوب الإفريقية التي تتمثل في “السياسة الكارثية، التي اعتمدها الاستعمار طلية عقود من الزمن”، حيث “نهب خيراتها، ورهن قدرات ومستقبل أبنائها، وعرقل مسار التنمية بها، وزرع أسباب النزاع والفرقة بين دولها”.

ويثق جلالة الملك في قدرة القارة الإفريقية على رفع مختلف التحديات، التي تواجهها. هذا الإيمان في إفريقيا راسخ لدى جلالته. وقد عبر عنه غير ما مرة، وخاصة في خطابه التاريخي بأبيدجان، حيث دعا إلى أن إفريقيا يجب أن تضع ثقتها في إفريقيا.

وأقر جلالة الملك أن المغرب لم يفكر أبدا في الأخذ من إفريقيا، بل يعطي دون حساب. بل ينهج سياسة تقوم على المصلحة المشتركة وعلى خدمة المواطن الإفريقي. كما أنه يدافع دائما عن قضاياها وانشغالاتها في مختلف المنابر والملتقيات الجهوية والدولية.

وأوضح جلالة الملك أن التزام المغرب تجاه إخوانه الأفارقة لا يقتصر فقط على المشاريع التنموية، التي يعمل على إنجازها بالدول الإفريقية، وإنما تشمل أيضا المهاجرين الأفارقة بالمغرب.

فالمغرب اعتمد المغرب، بإرادته السيادية الخالصة، مقاربة إنسانية مندمجة لفائدة المهاجرين القادمين من جنوب الصحراء، تصون حقوقهم، وتحفظ كرامتهم. فالمغرب أطلق مبادرة غير مسبوقة، دون تحقير أو استعلاء، لتسوية الوضعية القانونية للمهاجرين الأفارقة، وفق معايير مضبوطة، تراعي ظروفهم الإنسانية، وتتيح لهم فرص العيش بكل كرامة، داخل المجتمع المغربي.

وتأسف جلالة الملك للتوجه المنحرف الذي أخذه تدبير قضايا الهجرة الفضاء المتوسطي، حيث أصبحت رهانا انتخابيا، وصراعا مجتمعيا يستغله اليمين المتطرف لٌلإساءة للمهاجرين. حيث أصبح الصراع بين من يقول بضرورة الإدماج، ومن يريد إغلاق الحدود في وجههم، لأسباب عنصرية.

هذه السياسة التي أهلت المغرب ليتولى إلى جانب ألمانيا رئاسة المنتدى العالمي للهجرة والتنمية، لسنتي 2017-2018.في خطابه بمناسبة الذكرى الثالثة والستين لثورة الملك والشعب، أكد جلالة الملك، نصره الله، أن “الإرهابيين باسم الإسلام ليسوا مسلمين، ولا يربطهم بالإسلام إلا الدوافع التي يركبون عليها لتبرير جرائمهم وحماقاتهم”.

وتطرق الخطاب الملكي إلى إشكالية الهجرة والإرهاب، ودعا جلالته “المغاربة المقيمين بالخارج إلى التشبث بقيم دينهم وبتقاليدهم العريقة، في مواجهة هذه الظاهرة الغريبة عنهم. “

وبصفته أمير المؤمنين، تناول جلالة الملك بالتحليل قضية الجهاد، والفهم الخاطئ الذي يسود الأوساط المتطرفة، واستغلال الشباب المسلم خاصة الناشئ بأوروبا، وعدم إتقانه للغة العربية وجهله بالإسلام الصحيح.

وأكد أمر المؤمنين بأن الجهاد لم يكن يوما هو قتل الأبرياء، كما قال تعالى “ولا تعتدوا، إن الله لا يحب المعتدين”. كما تساءل جلالة الملك كيف يمكن لله الغفور الرحيم أن يأمر إنسانا بتفجير نفسه أو بقتل الآخرين، موضحا التناقض الفاضح بين الفكر الإرهابي وقيم الإسلام السمحة.

واستعرض جلالة اللمك بعض لأمثلة التي لا يقبلها العقل السليم، والتي يروجها المتطرفون والإرهابيون لاستمالة الشباب، خاصة أن العديد منهم يعانون من الحرمان واليأس، في ظل أوضاعهم الاجتماعية. وهي وعود كاذبة لا يمكن أن تصدق كالقول بأن جزاء من مات مجاهدا هو الحصول على مجموعة من الحور العين في الجنة. والحقيقة أنه يقتل نفسه ويقتل الأبرياء، ومصيره سيكون هو جهنم لما قام به من أعمال لا ترضي الله، ولا تنسجم مع قيم الدين ومع المبادئ الإنسانية الكونية.
وربطا للإرهاب والتطرف بالجماعات الإسلامية، التي تعتبر أن لها مرجعية في الدين، وأنها تمثل الإسلام الصحيح. مما يعني أن اٍلآخرين ليسوا كذلك، اعتبر أن هذا خطابا إقصائيا تحريضيا ضد باقي الهيآت، حيث يعتبرها خارجة عن الدين، ويغذي القناعة لدى أتباع تلك الجماعات بأن الآخرين كفارا تجب محاربتهم والجهاد فيهم. بل إنهم “يعتقدون بأن “الإرهاب” هو السبيل إلى الإسلام الصحيح”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى