وطنية

المغرب يُضيّق الخِناق على البوليساريو

الرباط اليوم

تُظْهر التّحولات والتطورات الأخيرة، التي تشهدها قضية الصحراء المغربية، توَاصُل مُسلسل سحْب الاعتراف بـ”البوليساريو”، والتي كان أخرها تعليق جمهورية البيرو اعترافها وقطع جميع علاقاتها مع الكيان الوهمي، حيث بات دائرة المتعاطفين مع الجبهة تضيق بعدما كانت 84 دولة تعترف بالكيان الوهمي، في ثمانينيات القرن الماضي.

ووَسط هذه الدينامية المتسارعة، التي يشهدها ملف قضية الصحراء، قررت دول إفريقية فتح قنصليات عامة تابعة لها بالأقاليم الجنوبية من تراب المملكة المغربية، وتأْتي كل هذه الخطوات والتطورات الجديدة، وفق ما يرى عدد من المراقبين، في سياق خطوات مماثلة لمجموعة من الدول التي “وضعت مسافة مع الكيان المصطنع، واحتكمت إلى الشرعية الدولية وقواعد القانون الدولي، وأقرت بواقعية وجدية ومصداقية المقترح المغربي للحكم الذاتي”، مع تبني صريح لموقف المملكة الداعي لاعتبار القضية الوطنية ضمن الاختصاص الحصري للأمم المتحدة.

ولقي قرار سبح البيرو اعترافها بـ”البوليساريو”، ترحيبا من لدن عدد من النواب والدبلوماسيين السابقين والصحفيين البيروفيين، واصفين القرار الذي يكرس عزلة الكيان الوهمي ويفضح رعاية الجزائر للأطروحة الانفصالية، بـ”العادل والمنطقي والوجيه” الذي اتخذته حكومة بلدهم، لدعم سيادة المغرب على صحرائه.

وشددت ردود فعل هذه النخبة السياسية والدبلوماسية البيروفية على الطابع الوهمي لجبهة “البوليساريو”، منوهة بكون اسم بلدهم لم يعد “مرتبطا بكيان متطرف هدد قادته بارتكاب أعمال إرهابية ضد المغرب وإسبانيا وفرنسا”.

تكريس عزلة الانفصاليين

ووصف وزير الشؤون الخارجية البيروفي الأسبق، لويس غونزاليس بوسادا، قرار بلاده قطع جميع العلاقات مع جبهة “البوليساريو” بأنه “إيجابي ومنطقي ووجيه”، منتقدا الطابع “الشاذ” للمبادرة التي اتخذها وزير خارجية البيرو السابق، “أوسكار ماورتوا، بإقامة علاقات دبلوماسية مع جمهورية وهمية، غير معترف بها لا من قبل الأمم المتحدة”، ولا من أي دولة عربية، باستثناء الجزائر.

وأوضح غونزاليس بوسادا أن هذا القرار تم اتخاذه “بضغط من منتديي ساو باولو وبويبلا (اللذان يضمان أحزاب اليسار في أمريكا اللاتينية)، وكذا الكتلة التشافية بقيادة فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا”.

وأضاف، في عمود نشرته صحيفة “لا رازون” المحلية، أنه ينبغي على ماورتوا أن “يستقيل من منصبه (الحالي) كسفير بمدريد بسبب التساؤلات” التي أثارها قراره بإعادة العلاقات مع “الجمهورية الصحراوية” المزعومة.

من جهته، قال النائب إرنستو بوستامانتي، عن حزب “فويرسا بوبولار” والرئيس السابق للجنة العلاقات الخارجية في البرلمان البيروفي، إن “البيرو ما كان عليها أن تظل مرتبطة بكيان متطرف هدد قادته بارتكاب أعمال إرهابية ضد المغرب وإسبانيا وفرنسا”.

بدورها، اعتبرت النائبة روزيلي أموروز، عن حزب “أفانسا باييس”، أن هذا القرار الذي اتخذته حكومة البيرو يندرج في إطار “الدفاع عن وحدة جميع البيروفيين، ومكافحة الإرهاب، وإقامة علاقات جيدة مع البلدان الديمقراطية”.

من جانبه، وصف ريكاردو سانشيز سيرا، رئيس جمعية الصحفيين البيروفيين، سحب الاعتراف بـ” الجمهورية الوهمية المزعومة”، وهي صنيعة الجزائر، بالقرار “العادل والمنطقي”.

وندد سانشيز سيرا، الذي كان قد قام بزيارة إلى مخيمات اللاجئين في تندوف، بالتعتيم المفروض على هذه المخيمات، حيث “يتم احتجاز الساكنة، وحيث لا يمكن للأمم المتحدة إجراء أي إحصاء للاجئين”، مضيفا أن “مصالح البيرو تسمو على أي نزوع إلى أيام الحرب الباردة”.

وكانت جمهورية البيرو قررت، أمس الخميس، “سحب الاعتراف بـ بجهة البوليساريو الانفصالية، وقطع جميع العلاقات مع هذا الكيان”، معبرة عن دعمها لمخطط الحكم الذاتي في الصحراء المغربية.

كما أعرب وزير الشؤون الخارجية البيروفي عن دعمه لـ”الوحدة الترابية للمملكة المغربية وسيادتها الوطنية وكذا لمخطط الحكم الذاتي المتعلق بهذا النزاع الإقليمي، حول الصحراء المغربية”.

فتح صفحة جديدة

وتفاعلا مع هذا الإعلان، رحب المغرب بدعم البيرو للوحدة الترابية للمملكة ولمبادرة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية، معتبرا أن هذا القرار ” يفتح صفحة جديدة في العلاقات مع هذا البلد الصديق”

كما يأتي هذا القرار تتويجا لدينامية سحب العديد من الدول اعترافها بهذا الكيان الوهمي، الذي لا تعترف به 84 في المئة من أصل 193 بلدا عضوا في الأمم المتحدة.

هذا، ويأتي قرار سحب البيرو اعترافها بالكيان الوهمي، “انسجاما مع الشرعية الدولية، المنصوص عليها في ميثاق منظمة الأمم المتحدة، وفي احترام كامل لمبادئ الوحدة الترابية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة”. كما يأتي لدعم الجهود التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن من أجل التوصل إلى حل سياسي وواقعي ودائم وتوافقي للنزاع حول الصحراء”.

وأوضحت خارجية بيرو أنه “أخذا بعين الاعتبار عدم وجود أي علاقة ثنائية فعلية، إلى حدود اليوم، قررت حكومة جمهورية بيرو سحب اعترافها” بـ”الجمهورية الوهمية، وقطع جميع العلاقات مع هذا الكيان، وسيتم إخبار منظمة الأمم المتحدة بهذا القرار”.

وخلص البلاغ إلى أن الحكومتين المغربية والبيروفية اتفقتا على تعزيز علاقاتهما الثنائية، من خلال التوقيع الفوري على خارطة طريق متعددة القطاعات تشمل المشاورات السياسية الدورية، والتعاون الفعلي في المجالات الاقتصادية والتجارية والتعليمية والطاقية والفلاحية والأسمدة.

يشار إلى أنه من بين 193 بلدا عضوا في الأمم المتحدة، لا تعترف 84 في المائة منها بـ”الجمهورية الوهمية المزعومة”، أي ثلثي البلدان الإفريقية ، و68 في المائة من بلدان أمريكا اللاتينية والكارايبي، و96 في المائة من البلدان الآسيوية ، و100 في المائة من بلدان أوروبا وأمريكا الشمالية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى