وطنية

المغرب الذي نكون فيه مواطنين لا أرقام!!‎

الرباط اليوم: متابعة

و أنت تطالع منصات مواقع التواصل الاجتماعي يسترعي انتباهك كثرة المقاطع المصورة التي انتشرت كالنار في الهشيم و المتعلقة بالمغرب و مآسيه الاجتماعية و الاقتصادية.

من فيديوهات “الحريك” لكوارث المستشفيات العمومية و فضائح التعليم و “البغرير” مرورا بالإجرام الذي تفشى في أكثر من مدينة و وصولا لتشريد مئات الأسر بعد هدم “براريك” كانت تقيهم الحر و القر و الشر في هاته الحياة الدنيا.

SLM ADS
و كأن المغرب الذي نعيش في حدوده الجغرافية لا شيء يثلج الصدر أو يسعد الخاطر به، و كأن هذا البلد كتب على شعبه أن يعيش الويلات و المصائب و الهموم و ليس من حقه أن يحظى بالفرحة و لو لحظة.

هذا هو المغرب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، و هاته هي الصورة التي تسوق خارج الحدود عن ما يسمونه في مقررات “البغرير” أجمل بلد في العالم ، قد يكون فعلا الأجمل بالنسبة لهؤلاء الذين يختلسون المال العام و يعيشون في رفاهية مطلقة و حين يظهرون بربطات عنقهم الفاخرة أمام عدسات الكاميرات يطنبون أذاننا بلغة الخشب و عبارات من قبيل “حريصون على مصلحة الوطن”.

المغرب الذي نريده و نرتضيه ليس هذا الذي يشاهده العالم بأسره عبر صفحات الفايسبوك لدرجة أن فضائحنا في كافة القطاعات عبرت الحدود و كانت سباقة ل”الحريك” دون تأشيرة و لا جواز سفر، حيث أضحى ذكر عبارة “أنا مغربي” أمام “البراني” مبعث سخرية و استهزاء و تنقيص.

المغرب الذي نريده ليس هو ذاك الذي يسير بسرعتين، سرعة ضوء يصعد بها نجم المتملقين و الساسة و غيرهم نحو سلم التسلق الاجتماعي و ترصع صدورهم و أكتافهم بالأوسمة و التوشيحات بعيدا عن المحاسبة و لغة الإنجازات، و سرعة حلزونية تسير على إيقاعها غالبية المشاريع التنموية و القطاعات الحيوية و الخدمات الاجتماعية التي تهم الشعب البسيط.

المغرب الذي نريده ليس هو ذلك الذي ترشح به لعنصر من جديد لولاية جديدة على رأس حزب لا نفهم أساسا سبب تواجده بالساحة السياسية، لا هو و لا باقي الأحزاب التي تغير مبادئها و مواقفها و توجهاتها أكثر مما يغير أمناؤها العامون ربطات عنقهم و ساعاتهم اليدوية الثمينة.

المغرب الذي نريده ليس هو ذاك الذي يسير أحزابه ب”الريموت كونترول” و بأشخاص لم يعد مرغوبا حتى في مجرد النظر لصورهم بمواقع التواصل الاجتماعي و بأخبار الثامنة بقنوات دار البريهي و على رأسهم الزعيم امحند العنصر الذي يستحق أن يصنع له تمثال من فضة بقلب البرلمان المغربي و في يده سنبلة الحركة، الحركة التي شاخت و لم تعد قادرة مع كامل الأسف على الحركة.

و على ذكر العنصر، الأمين العام الخالد لحزب الحركة الشعبية فقد سبق و أعلن في برنامج تلفزي مباشر يقدمه الزميل يوسف بلحيسي أن أكد أمام ملايين المغاربة أنه لن يترشح من جديد لولاية أخرى بعدما عمر على رأس الحركة “الجامدة” لما يزيد عن 32 سنة.

نعم 32 سنة، تغير خلالها 6 رؤساء في الولايات المتحدة الأميركية ، و شكلت في المغرب و عدلت 11 حكومة، نظمت خلالها الفيفا 9 بطولات كأس عالم، مات من مات و عاش من عاش، و ظل العنصر في مكانه و كرسيه دون أن يتغير.

العنصر أصبح أمينا عاما للحركة سنة 1986، يعني قبل أن يرى جيل التسعينات النور، هذا الجيل لي كبر و قرا و خدم و تزوج و ولد وليدات، و مازال العنصر في مكانه، بل حين سيكبر أطفالهم من هنا لعشر سنوات تقريبا سيقرؤون أيضاً خبر “ترشح العنصر لولاية جديدة على رأس الحركة الشعبية”.

طيب، كيف تريدون لهذا الشعب أن يثق في الساسة و الأحزاب و هم يعاينون بأم أعينهم كيف كذب العنصر عليهم، نعم كيف سيثقون في مسؤولي الوطن و هم يتابعون بالأمس العنصر يعلن عدم ترشحه و اليوم ها هو يترشح، شنو غانسميو هادشي؟

كيف يريدون من شباب الوطن أن لا يركبوا قوارب الموت في وطن لا يحترم فيه المواطن، المواطن البسيط بطبيعة الحال، الذي لا حول له و لا قوة، أما هم فمواطنون من درجة “VIP”، لا تسري عليهم نفس قوانينا، لا يدرسون أبناءهم في نفس مدارسنا، لا يأكلون نفس ما نأكل، و لو كان بإمكانهم تنفس هواء غير ذاك الذي نلوثه نحن لهم لفعلوا ذلك.

المغرب الذي نريده ، المغرب الذي نأمل به، المغرب الذي سنحس فيه فعلا بالانتماء لا الغربة، المغرب الذي يكون فيه المغاربة مواطنين لا أرقام، مواطنين لا أرقام ، مواطنين لا أرقام…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى