سياسة

المغرب الجزائر.. متى تنتهي القطيعة ؟

الرباط اليوم: الايام24

بِمُجرد أن تهدأ وتيرة التصعيد الجزائري تجاه المغرب، قليلا، حتى تأتي شرارة لتُشعل فتيلها من جديد، ليظل التوتر قائما بين البلدين ويصل به الأمر إلى القطيعة الدبلوماسية التامة؛ ويرى المُتابعون للشأن الدولي أن أي انفراج بين الجارتين لا بد وأن ينطلق من ملف الصحراء، وهو الشيء المُستبعد في الوقت الراهن.

وفي هذا السياق، قال حسن بلوان؛ الخبير في العلاقات الدولية، إن العلاقات المغربية الجزائرية قديمة ومتشعبة وتعود إلى قرون سابقة، حيث أن المشترك بينهما يكمن في اللغة والثقافة والدين، وما يُفرق بينهما يتعلق بالسياسات الداخلية والتوازنات الدولية والتدخلات الخارجية، لكن مع الأسف وصلت العلاقة بينهما، في السنوات الأخيرة، إلى مستويات خطيرة من الصراع أصبح فيه الخلاف هو القاعدة والصلح هو الاستثناء.

وزاد بلوان في حديثه للأيام 24، بأنه “استنادا على القواسم المشتركة الكثيرة بين المغرب والجزائر، يبقى دائما هناك أمل في الوصول إلى تطبيع العلاقات وتصحيح مسارها رغم الهزات العنيفة التي تعتريها” مُردفا “لكن بالنظر إلى التهديدات غير المسبوقة من جهة وطبيعة نظام الحكم في الجزائر من الصعب الحديث عن صلح قريب أو انفراج وشيك في العلاقات بين البلدين، طالما أن الجزائر تلقي بكل ثقلها السياسي والمالي لتقويض أركان الوحدة الترابية المغربية وتدعم جبهة البوليساريو عسكريا ودبلوماسيا”.

لا علاقات خارج ملف الصحراء

“لا يمكن في المدى القريب أن ينحاز حكام الجزائر إلى الصلح إلا في إحدى الحالات التالية، كأن تعيش الجزائر تحولات داخلية اجتماعية وسياسية عميقة تغير نظام الحكم المثقل بعُقدة العداء للمغرب، أو ارتهان المغرب والجزائر للتوازنات الإقليمية والتغيرات الجيوستراتيجية التي يشهدها العالم والتفكير الجدي في مصلحة البلدين وبالتالي تغليب سياسة الحوار والعيش المشترك” يضيف المُختص في العلاقات الدولية.

ويسترسل المُتحدث نفسه، في بسط الحالات التي يُمكن خلالها عقد صلح بين البلدين، بالقول إن الأمر ممكن إذا ما “تدخل المجتمع الدولي لفرض حل نهائي وواقعي في قضية الصحراء باعتبارها نقطة الارتكاز في الخلاف الجزائري المغربي، خاصة مع اقتناع معظم الدول المؤثرة في العالم بالمطالب التاريخية المشروعة للمغرب وتواري الطرح الانفصالي الجزائري إلى هامش أولويات الواقع الإقليمي المتقلب”.

وللوصول إلى أي تسوية بين البلدين وتطبيع العلاقات بينهما، يقول بلوان، إن الأمر يتطلب أساسا “حل سلمي وواقعي لقضية الصحراء المغربية في إطار السيادة المغربية واقتناع حكام الجزائر بأن الطرح الانفصالي أصبح متجاوزا بحكم واقع التاريخ والجغرافيا والقانون الدولي، وتخفيف الجزائر من الحملات الدعائية الإعلامية، والالتفات إلى قضايا التنمية البشرية والنمو الاقتصادي وبناء المؤسسات الديمقراطية القوية”.

عودة العلاقات رهين بتغيير النظام الجزائري

من جهته، أكد منعيم امشاوي، مختص في الأمن القومي المغربي ورئيس مركز تفاعل للدراسات والابحاث في العلوم الاجتماعية على أن “أي تقارب دبلوماسي بين المغرب والجزائر رهين بتغيير المعطيات التي أدت إلى خلق الأزمة بينهما، وفي مقدمتها أن يحصل هناك تحول لنظام الحكم في الجزائر، أو أن يكون هناك توافق شامل تحل ضمنه قضية الصحراء، وهي للأسف الشديد معطيات لا يبدو أنها قريبة التحقق على المدى القريب”.

“أعتقد أن التوجه الدبلوماسي المغربي في ما يخص علاقاته بالأشقاء بالجزائر ظل واضحا، ومتمسكا بضرورة التعاون وتقوية العلاقات، والتركيز على المصالح المشتركة وترك النقاط الخلافية وفي مقدمتها ملف الصحراء جانبا، وهو نفس الطرح الذي سبق أن كرسته جهود وساطة دبلوماسية في الماضي ونجح في إعادة المياه إلى مجاريها بين البلدين” يضيف امشاوي في حديثه للأيام 24.

غير أن المختص في الأمن القومي المغربي، يردف بالقول إن “السياق الحالي يصعب معه خلق مثل هذا التوافق الهش، لأن ملف الصحراء دخل مرحلة حاسمة في تاريخه، وهو أمر لا تستسيغه الجزائر التي لا شك أنها ستفقد ورقة استراتيجية، وقد بدا واضحا أنها تبذل جهدها الكامل لإعادة الوضع إلى ما قبل تحرير الكركرات والاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وهو أمر بات صعب المنال”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى