الرئيسية

العودة من الموت.. أشخاص يكشفون عن أمور لا تصدق

الرباط اليوم

ماذا لو قدرت لك العودة من الموت ؟ هذا مشهد لا يمكن تخيله إلا في السينما أو في روايات الخيال العلمي، لكن الحقيقة الصادمة هو أن هناك أناسا يقسمون بأغلاظ الأيمان أنهم عاشوا هذه التجربة، وبعضهم دفنوا ثم نبشت قبورهم ليتم إنقاذهم من الاختناق، والبعض الآخر أشرف على رؤية روحه وهو في حالة تخدير كامل خلال عملية جراحية.

ماذا يرى هؤلاء الذين جاوزوا الحدود الفاصلة بين الأولى والآخرة؟

قبل فترة روى صائب عريقات القيادي في حركة فتح وعضو الوفد الفلسطيني المفاوض في مدريد عن تجربته الخاصة مع الرقود بين بياض الحياة وسواد الموت.

كان يخضع لعملية جراحية عندما توقف قلبه لدقائق معدودة وظل الطاقم الطبي يصارع لأجل استعادة النبض، وفي تلك الدقائق المعدودة رأى عريقات الكثير من المشاهد لكنه رفض أن يحكي لمحاوره في التلفزيون تفاصيل ما رأى.

هذه الظاهرة يعرفها الأطباء الجراحون كثيرا، ويشغل بالهم أن يطلعوا على تفاصيل ما يراه المرضى الذين يفقدون للحظات علاقتهم بالحياة، لكن ما يجمع عليه هؤلاء أنهم يرفضون ببساطة نقل صورة ما رأوه هناك فيما وراء حدود الروح.

عاد من الموت ليعيش سنوات

لكن ليست غرف العمليات وحدها التي تشهد هذه الظاهرة، فقصص الموتى العائدين تتناثر هنا وهناك.

في عام 1973 كان الحاج محمد ب.ش المقاوم المعروف بمدينة وجدة في المغرب الشرقي قد بلغ من العمر عتيا.

كان يرقد على فراش الموت وكان حفيده الذي يروي حكايته يلقنه الشهادة، صعدت روحه إلى بارئها وكانت كل الأمور طبيعية.

جاء الطبيب وفحص الميت وقدم شهادة الوفاة للشروع في إجراءات الدفن التي كانت ستتم في يوم الوفاة.

لكن الألطاف الإلهية أجلت ذلك إلى اليوم الموالي انتظارا لبعض أبناء الفقيد القادمين من مدن أخرى بعيدة ليشهدوا جنازة والدهم.

وصل الابن البكر وارتمى على جثمان والده يقبله ويتفحصه، وفجأة انتصب قائما وهو يرتعش عندما أحس بحرارة يد والده المتوفى بل دقات نبضه التي لا تزال تطفح بالحياة.

تحول المأتم إلى عرس وتبين أن الشيخ العجوز لا يزال متشبثا بالحياة، وقدر له أن يعش ثلاث سنوات إضافية قبل أن يزوره ملك الموت مجددا، لكن في المرة الثانية لم يتعجل أهله دفنه أو إعلان وفاته، لقد كانوا يرجون أن ينتعش قلبه من جديد.

في ذلك اليوم الذي اعتقد الجميع أنه مات رفض الأب أن يحكي ما رأى، إلا لصديقه فقيه الحي، حيث يروي له أن زار دار البقاء وطاف بأرجائها، فنصحه الفقيه بكتمان ما رأى حتى لا يتهم بالجنون.

عندما يفضح الرضع قتلتهم

لكن العودة من الموت ليست للشيوخ والعجزة فقط، فحتى الأطفال والرضع يرفضون أحيانا أن يغادروا هذه الحياة مستسلمين.

في مطلع العام الجاري عاشت مدينة الصويرة خطأ فادحا من الأخطاء التي يرتكبها الأطباء عندما أودع طبيب للأطفال مولودة حديثة بمستودع الأموات وهي على قيد الحياة ظنا منه أنها ماتت.

رأت الرضيعة النور في شهرها السابع عندما بلغ الخبر الصاعقة والديها، كادت والدة الرضيعة “سارة. ب” أن تجن وانهارت بمجرد سماعها خبر وفاة فلذة كبدها.

تلقى الوالد التعازي ليبدأ فيلم المأساة الغريبة، فبعد أن شرع الوالد في إجراءات الدفن والاستعداد للمأتم تلقى اتصالا من مركز الشرطة، هرول مندهشا ليفاجأه رجال الأمن بخبر أكثر صعقا وصدمة، مفاده أن الرضيعة سارة لم تمت في غرفة المستشفى وإنما ماتت في مستودع الأموات، أي أنها كانت لا تزال حية عندما قرر الطبيب أنها ميتة.

بالنسبة للوالدين كان ذلك موتا ثانيا لفلذة كبدهما سارة. لقد اكتشف رجال الأمن هذه الغريبة عندما بدأت الرضيعة تصرخ مجددا في المستودع لكن محاولات إعادتها لإسعافها وإنقاذها لم تكن بالاستعجالية الكافية لمساعدتها على البقاء.

السرطان الذي قتل الموت

لكن حكاية أحمد الزوهري وهو من أبناء مدينة الفقيه بن صالح تصلح لأن تكون رواية درامية إنه رجل “ميت حي” بامتياز، إنه رجل يحمل شهادة وفاته ويقلب بين الفينة والأخرى الكفن الذي كان سيوارى فيه واستقبلت فيه عائلته العزاء قبل أن يعود للحياة بعد 54 ساعة من “الموت” سنة 1997.

يحكي الرجل الذي ألم به المرض الخبيث لتصبح قصته من معجزات المدينة الهادئة.

لقد حكم الأطباء على أورام الزوهري بأنها قاتلة لا محالة، وفي ظرف أسبوعين فقط بعد اكتشافه المرض تدهورت صحته ورقد في السرير رقدة الموتى ليعلن أهله وفاته.

وحده قلب والدته كان متصلا بقلبه، عندما تلقت الخبر وهي على بعد كيلومترات عديدة طلبت تأجيل الدفن إلى أن تحضر.

تطلب الأمر يومين كاملين لوصول الأم، وخلالهما تعاملت الأسرة مع الزوهري معاملة الميت، لقد كان الجو حارا، فاضطروا إلى وضع الثلج على جسده حفاظا عليه من التعفن.

يحكي الميت الحي بقية الحكاية قائلا “دخلت أمي وارتمت فوق جثماني، ومزقت الكفن عن وجهي بعد 54 ساعة من “موتي” أخذت تصيح وتلطم في وجهي، لم أكن أشعر بشيء، لكن وفي لحظة أطلقت أمي زغرودة كبيرة، وانقلب المأتم إلى فرح كبير، واختلطت دموع الفرحة بدموع الحزن، لقد عدت إلى الحياة بعد أن سمعت مني أمي شهيقا وزفيرا بمجرد لطمي على وجهي”.

بعد هذه العودة المعجزة بدأت رحلة الزوهري مع العلاج من مرض السرطان ليتعافى من جديد.

عودة من الموت بعد تلقى 3 رصاصات

من الفقيه بنصالح إلى مدينة أكادير عاصمة سوس، هناك عاش السكان في 2014 على إيقاع مسلسل هوليودي اجتمعت فيه كل عناصر التشويق.

شرطي أقدم على إفراغ ثلاث رصاصات في جسد عشيقته. جريمة من هذا النوع وحدها تكفي لأن تخلق الإثارة والفضول لدى المتابعين، لكن ماذا لو انضافت إليها مسحة الإعجاز والغرابة؟

تحكي الضحية نورة التي كانت تعمل متدربة بمستشفى الحسن الثاني أنها في زوال اليوم المشؤوم التقت بعشيقها الذي كان في حالة سكر طافح.

كان الشرطي العشيق يحتفظ بسلاحه الوظيفي وهو فاقد لوعيه وفجأة دخل الرجل في حالة من البكاء الهستيري الذي فهمت نورة لاحقا أنه مؤشر على معاناته النفسية الشديدة في عمله.

وعندما سألها عشيقها هل ترغبين في أن نتزوج؟ كانت تظن أنها اليوم الذي بدأ بالدموع سنتهي بالفرح. ففجأة تحول عرض الزواج إلى تهديد مبطن عندما قال لها سيكون لك ما تريدين.

لكنها في أسوأ السيناريوهات لم تكن تتوقع أنه يخطط لاستعمال سلاحه للقضاء على نفسه وإنهاء مساره المهني.

اكتمل عقد الغرابة عندما دعا الشرطي صديقته إلى شاطئ البحر، وهناك كرر سؤاله: هل تريدين الزواج؟ ثم أخرج مسدسه ليطلق الرصاصة الأولى وتستقر في عنقها ثم ثانية في رأسها ثم ثالثة في أنفها. كانت الرصاصات الثلاث في مواضع قاتلة وبعدها أقدم الشرطي على الانتحار في حينه. نقلت الفتاة إلى المستشفى، وكان عناصر الوقاية المدنية يعتقدون أن حياتها قد انتهت، لكن ما أن وصلت الجثة إلى المستشفى حتى بدت عليها علامات الحياة والتنفس واسترجع القلب نبضه لتبقى نورة على قيد الحياة حتى تروي تفاصيل هذه القصة المروعة.

عندما يجن “الغسال”

ماذا لو كنت منهمكا في تغسيل جثمان ميت وفجأة ترى أطرافه تتحرك وعينيه تنفتحان؟ لا شك أنك ستطلق ساقيك للريح. هذا إذا لم تصب بالجنون. هذا ما حدث لأحد الائمة بمدينة شيشاوة ضواحي مراكش. حدث ذلك في فبراير من سنة 2014. كان الرجل يقلب جثمان شيخ توفي في ذلك اليوم في غرفته، ويستعد للشروع في الغسل الشرعي، وما إن بدأ في صب المياه على الجثمان، حتى هرول مسرعا خارج الغرفة، وفر منها غير مكترث لنداءات أفراد الأسرة الذين استغربوا من حالة الرجل. كان وجهه شاحبا وعينيه جاحظتان، ولم يتوقف لحظة واحدة حتى وجد نفسه خارج البيت.

عاد أفراد الأسرة إلى الغرفة ليجدوا والدهم الذي أعلنوا وفاته واقفا يحاول مغادرة الغرفة، ارتمى الجميع في أحضانه وبدأت الزغاريد ودموع الفرح. لاحقا حكى الغسال أنه بينما كان يحاول تغطية الجسد كاملا بالماء سمع صوتا خافتا، فتجاهل الأمر معتقدا أنه يتوهم، لكنه صدم عندما رأى الشيخ يقوم من رقدته ليقف على قدميه ويحدق في وجهه وعينيه. كان المنظر مرعبا وغريبا ولم يجد الرجل من منجى إلا أن يهرب فارا خارج الغرفة. وبدل أن ينقل الميت إلى المقبرة كاد الغسال أن يذهب إلى مستشفى المجانين من فرط الصدمة التي تعرض لها جراء هذه العودة من الموت .

مشاهير تشبثوا بالحياة

هناك من الشخصيات الفنية الشهيرة من رووا حكايات العودة من الموت لتجارب عاشوها في مرحلة معينة من حياتهم. احتكوا خلالها بالموت أو اعتقد أقربائهم أنهم توفوا، وهي حكاية موسيقار الأجيال الراحل محمد عبد الوهاب الذي يعتبر نفسه واحدا من العائدين من الموت. لقد روى عبد الوهاب بنفسه هذه الحكاية في أحد التسجيلات الإذاعية القديمة، عندما قال متذكرا، إنه عندما كان يبلغ من العمر سنتين حدثت له وعكة صحية أفقدته الوعي، فظنت أسرته أنه قد مات، وهيمن الحزن على المنزل وتعالت أصوات البكاء والنواح، لكن فجأة وأثناء غسل الطفل محمد عبد الوهاب عاد إلى وعيه باكيا، فتحول الحزن إلى فرح، والمأتم إلى عرس، واحتفت الأسرة بالطفل الذي تشبث بالحياة وكأنه يرفض أن يحرم الجمهور العربي من عبقريته الفنية والموسيقية التي ستتفتق لتملأ الدنيا وتشغل الناس.

لكن أشهر ما روي عن الفنانين في قصة العودة من الموت هي شائعة استيقاظ الفنان صلاح قابيل في قبره، وظلت هذه الحكاية حديث الناس منذ أكثر من عشرين سنة، والذين انقسموا بين مصدق للرواية ومكذب لها. وتروي الحكاية أن صلاح قابيل تم دفنه حيا دون التأكد من أنه قد انتقل إلى جوار ربه بالفعل عام 1992، وذلك أثناء غيبوبة سكر أصابته، وأن بعض أفراد زوار المقبرة الذين جاؤوا لدفن ميت آخر بجانبه بقليل فوجئوا عند فتح القبر بالفنان الراحل، وقد نفض الكفن عن نفسه عند مدخل القبر، ومد يديه إلى أعلى، مما يؤكد أنه كان يحاول فتح القبر أو على الأقل الاستغاثة بمن ينقذه قبل أن يموت حقا.

لقد خلقت هذه الحكاية أزمة في أوساط عائلة الفنان صلاح قابيل وفتحت المجال أمام الاتهامات والاتهامات المضادة، وشكلت مادة إعلامية شغلت الرأي العام، وقد اضطرت أسرة الفنان الراحل إلى تكذيب الحكاية وتقديم تقرير مفصل عن الأسباب الطبية لوفاته. وكان من الواضح أن مشهد العودة الذي تحدث عنه الشهود يليق بالأعمال السينمائية التي اشتهر الفنان صلاح قابيل بتجسيدها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى