مجتمع

الشامي يقترح توجيه عائدات الإدمان لعلاجه

الرباط اليوم: محمد السبتي

أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في دراسة حديثة له، أن المواد والخدمات غير المحظورة التي تنطوي على خطر إدماني كبير تولد رقم معاملات يمثل حوالي 3 في المئة من الناتج الداخلي الإجمالي أي ما يعادل أزيد من 30 مليار درهم، وتمثل أكثر من 9 في المئة من المداخيل الجبائية للدولة، حيث أوصى المجلس بتوجيه نسبة مهمة ودائمة من المداخيل المحصلة من المواد والأنشطة والخدمات المسببة في الإدمان نحو العالج والبحث والوقاية.

واقترح تقرير مجلس الشامي، المعدّ في إطار إحالة ذاتية حول ظاهرة الإدمان في المغرب والذي اطلعت جريدة “مدار21” الإلكترونية، على ملخص منه، قبل أن تتم المصادقة عليه في الدورة الموالية للجمعية العامة يوم 29 دجنبر 2021، توجيه نسبة ثابتة من مداخيل الدولة في حدود 10 في المئة المحصلة من المواد والأنشطة والخدمات المسببة الإدمان نحو العالج والبحث والوقاية، داعيا في المقابل إلى الاعتراف بالإدمان سواء باستخدام مواد معينة أو بدونها، بوصفه مرضاي تطلب عالجا قابلا قانونيا للتكفل به من طرف هيئات الضمان والحماية الاجتماعية.

وشدّد المجلس، الذي يرأسه أحمد رضا الشامي، على ضرورة مراجعة الإطار القانوني، من أجل حماية ورعاية الأشخاص المدمنين وتعزيز منظومة العقوبات ضد المتاجرين في المخدرات والمواد المحظورة، مطالبا في السياق نفسه بوضع مخطط وطني للوقاية من الإدمان ومكافحته في الوسط المهني والتربوي وفي المجتمع بصفة عامة، كما اقترح المجلس إحداث هيئة وطنية عليا مستقلة للتقنين التقني والأخلاقي ومراقبة أنشطة المؤسسات والشركات العاملة في مجال المُراهنات والقمار.

تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي عرض على الجمعية العامة للمجلس في قراءة أولى في 29 نونبر 2021، سجل أن قطاع السلع والخدمات التي قد تتسبب بشكل كبير في الإدمان، قد اكتسب حجما مهما وذا طابع بنيوي ومثير للقلق في الاقتصاد الوطني والمالية العمومية، وهي ظاهرة تُسائل النموذج التنموي الجديد، مشيرا إلى أن رقم معاملات التبغ المقدر بـ17 مليار درهم في 2021، خمس أضعاف الميزانية التي ترصدها وزارة الصحة الاستثمار 35.3 مليار درهم برسم 2021.

وقال المصدر ذاته، إن تعدد الفاعلين المغاربة المنخرطين في مكافحة الإدمان، يشكل مصدر ثراء بالغ الأهمية، غير أن معظمهم يواجهون غياب إطار للتنسيق، ونقصا في الموارد البشرية والمالية وعدم ملاءمة الإطار القانوني المطبق يواجهون غياب إطار للتنسيق حاليا على اضطرابات الإدمان وانعكاساته.

من ناحية أخرى، سجل مجلس الشامي، أنه على الرغم من وجود استراتيجية وطنية لمكافحة الإدمان وتسجيل المملكة لتقدم في هذا الشأن مقارنة بدول المنطقة، فإن التدخلات الجماعية تظل ضعيفة والسياسات العمومية محدودة وغير كافية، حيث تهيمن عليها المقاربة الزجرية المرتكزة على إطار تشريعي متقادم ولا يوفر الحماية.

وشدّد المجلس الاقتصادي، على أن مفهوم مكافحة الإدمان ما يزال متداخلا بشكل كبير مع مكافحة المخدرات، علما أن التصدي للمخدرات هو أمر ضروري لكنه غير كاف لوحده، حيث تظل السلوكات الإدمانية بدون استخدام مواد مخدرة (ألعاب الرهان والقمار، ألعاب الفيديو، الإدمان على الأنترنت، هوس التسوق..) غير مشمولة بسياسات الوقاية والتكفل، لافتا إلى أن المغرب يتوفر على 18 بنية فقط لعلاج الإدمان، مع وجود 15 مركزا للعلاجات المتنقلة، بما في ذلك 5 مراكز قادرة على توفير العلاج البديل للمواد الأفيونية، ومصالح للإيواء في المراكز الاستشفائية الجامعية بالرباط والدار البيضاء وفاس.

وسجّل مجلس الشامي، أنه “من المفارقات أنه رغم وجود مسار للعلاجات داخل مصالح طب الإدمان الموزعة على العديد من مستويات بنيات التكفل ومراكز طب الإدمان وعدمن المراكز الاستشفائية الجامعية، فثمة مجموعة من الصعوبات تصل إلى حد رفض التكفل وإرجاع المصاريف من طرف هيئات التأمين والضمان الصحي، وتعزى هذه المفارقة إلى غياب الاعتراف الواضح بالإدمان بوصفه مرضا على مستوى الإطار القانوني للتغطية الصحية الأساسية، وعدم الإشارة إلى أعمال التشخيص والعلاج المتعلقة بالإدمان في المصنف العام للأعمال المهنية الجاري به العمل في المجال الطبي بشكل يتيح إمكانية إرجاع مصاريف الاستشفاء من طرف هيئات التأمين والضمان الاجتماعي.

إلى ذلك، أشار المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إلى أن قرار وزير الصحة الصادر في 5 شتنبر 2005، بتحديد قائمة الأمراض الخطيرة، والأمراض التي يترتب عنها عجز، يتطلب علاجا طويل الأمد أو باهظ الثمن بصياغة تقييدية وغير واضحة، بحيث يحصر التكفل فقط في حالات “الاضرابات الخطيرة للشخصية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى