وطنية

الدخيل: البوليساريو غير قادرة على الدخول في حرب ضد المغرب

الرباط اليوم

الايام24: حاوره: رضوان مبشور

البشير الدخيل هو واحد من الذين يعرفون بشكل كبير ما الذي يدور اليوم في ذهن قيادات البوليساريو و كذلك في ذهن جنرالات الجزائر، بحكم أنه كان واحدا من القيادات المؤسسة لجبهة “البوليساريو”، و لذلك فحواره هذا بالغ الأهمية.

يذهب البشير الدخيل الذي يرأس اليوم “معهد منتدى البدائل الدولي للدراسات الصحراوي – الأندلس” في تحليله إلى اعتبار أن المغرب هو الرابح الأكبر مما حدث خلال الأيام القليلة الماضي في الصحراء، فالعملية التي قادتها قيادة “البوليساريو” كانت ارتجالية، مما أعطى فرصة ذهبية للجيش الملكي من أجل أن يتدخل و يقطع عنهم المنطقة العازلة التي كانوا يتسربون منها و يصلون إلى المحيط الأطلسي. كما أن البوليساريو فشلت كذلك في لي ذراع الأمم المتحدة و في كسب التعاطف الدولي، بعدما انحازت جميع الدول إلى المغرب باستثناء الجزائر.

———————————————————————————————-

  • كيف تقرأ الآن الوضع في الصحراء، هل يمكن أن نقول اليوم أن طبول الحرب تقرع، مع إعلان البوليساريو تمزيقها لاتفاق وقف اطلاق النار. أنت كنت من القيادات المؤسسة لجبهة “البوليساريو” و تعرف عقلية قيادات الرابوني، هل تهديدهم جدي أم هو فقط للاستهلاك الاعلامي و جلب التعاطف الدولي ؟

الأحداث السياسية و العسكرية لما تقع يجب أن نعرف الظروف العامة المحيطة بها، و ما هي أسبابها و ما هي الأهداف المتوخاة منها. هذه ثلاث أسئلة يجب دائما أن نجيب عنها عند قراءتنا لأي حدث كيفما كان.

ما الذي جعل البوليساريو يبعث بمدنيين إلى معبر الكركرات لغلقه، مع العلم أن هذا المعبر هو طريق تجارية دولية ؟ اليوم يجب أن نضع هذا الحدث في سياقه الدولي كذلك، فالعالم بأسره يشهد اليوم إنتشار فيروس “كورونا” الذي أثر على جميع مناحي الحياة، و هذه الجائحة أوقفت تقريبا كل شيء، و في هذا الوقت العصيب الذي يجتازه العالم يوجد اليوم الرئيس الجزائري في أحد المستشفيات الألمانية للعلاج من إصابته بالفيروس، علما أن جبهة “البوليساريو” لا يمكن لها تخوض أي حرب بدون الدعم الجزائري أو على الأقل بدون الحصول على الضوء الأخضر من الجارة الشرقية للمغرب.

لكن إذا قرأنا البلاغ الذي أصدرته الجزائر بعد العملية التي قادها الجيش المغربي في معبر الكركرات، نلاحظ أنها ذهبت إلى “حث الأطراف على ضبط النفس” و لم تتحدث عن الحرب، كما أن وضعها الاقتصادي ليس في أحسن أحواله نتيجة تهاوي أسعار البترول و الغاز.

من جهة ثانية فالبوليساريو تريد الضغط للفت الانتباه بعدما وجدت نفسها منحصرة في مخيمات تندوف، كما أن المساعدات التي كانت تحصل عليها تراجعت بشكل كبير، خاصة التي كانت تحصل عليها من طرف إسبانيا.

إضافة إلى كل هذه المعطيات فالمغرب يستمر في الحصول على الدعم الدولي، آخره من طرف دولة الامارات العربية التي فتحت لها قنصلية بمدينة العيون، كما أن الدول العربية جميعها وقفت في صف المغرب باستثناء الجزائر، علما أن موريتانيا وقفت على خط الحياد، مع تسجيل أن مواقف الدول العربية لم يكن موقفا عسكريا و لكن موقفا أمنيا بحكم الحساسية الاقتصادية لمعبر الكركرات. توقيف هذا المعبر ليس المغرب وحده من تضرر منه، و لكن هناك دول أخرى متضررة على غرار إسبانيا و فرنسا و موريتانيا، فهذه الأخيرة تصدر من هذا المعبر أسماكها عبر الشاحنات نحو أوروبا، أما المغرب فلا يصدر الفوسفاط أو الأسماك من معبر الكركرات، و لذلك ليس هو المتضرر الأكبر.

  • لكن ما الذي كانت تريده البوليساريو بالضبط من توقيفها لمعبر الكركرات ؟

هي تريد لي ذراع الأمم المتحدة وكردة فعل، حسب اعتقادي، ضد القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي الذي جاء بلسان جديد و ينص على السلم و على المفاوضات بين المغرب و البوليساريو بدون شروط، كما ينص على تطبيق القرار العسكري رقم 1.

غير أن الواضح أن عمليتهم كانت ارتجالية فأعطوا فرصة ذهبية للمغرب من أجل أن يتدخل و يقطع عنهم المنطقة العازلة التي كانوا يتسربون منها و يصلون إلى المحيط الأطلسي الذين يأخدون فيه الصور و السيلفيات و يروجون أنهم حرروا الأرض.

  • أنت لما كنت في مخيمات تندوف كنت تنشط في إعلام الجبهة في سبعينيات القرن الماضي قبل أن تعود إلى المغرب. كيف تقرأ الاشاعات التي ينشرونها اليوم في المخيمات، على غرار أنهم أسقطوا طائرات مغربية و قتلوا جنودا مغاربة و قصفوا قواعد للجيش المغربي ؟

هذه كلها بيانات على شكل مفرقعات هدفها الدخول في حرب إعلامية، و هدفها التأثير على الشباب هناك ممن أصبحوا على وعي أكبر إلى درجة أن “البوليساريو” لم يعودوا قادرين على السيطرة على الوضع في المخيمات.

لذلك فعن طريق هذه الاشاعات يريدون اللعب على المشاعر و تجييش العواطف، و يريدون أن يسوقوا للشباب أن البوليساريو دولة و أنها قادرة على تحرير الأرض، و لذلك قادوهم إلى الحرب في الكركرات و لما تدخل الجيش المغربي أمروهم بالعودة من حيث أتوا.

و هكذا إذن فخطوة البوليساريو غير مدروسة و جاءت في غير وقتها، خاصة و أن الموقف المغربي كان رزينا و أبهر الجميع، بحكم أن عملية تحرير الكركرات تمت بدون إطلاق و لو رصاصة واحدة.

  • هل يمكن أن نقول اليوم أن جبهة “البوليساريو” تحفر قبرها بيدها، خاصة في ظل وجود أصوات في الجزائر -على مستوى جنرالات الجيش- يريدون أن يتخلصوا من البوليساريو عن طريق التغرير بهم و دفعهم إلى الحرب ضد المغرب و يعرفون بشكل مسبق أنهم سيخسرونها، اللهم إذا تدخل الجيش الجزائري بنفسه لإحداث توازن الرعب، أما دخول البوليساريو لوحدها في الحرب فهي محسومة لصالح المغرب قبل أن تبدأ. ما تعليقك ؟

الجزائر قامت بوضع حجرة في حذاء المغرب، و هذه الحجرة أصبحت اليوم في حذاء المغرب العربي بأكمله، و تتعارض مع المصالح الجزائرية نفسها.

عندما أتحدث عن “البوليساريو” فأنا أتحدث عن القيادة و لا أتحدث أبدا عن المواطنين، و هذه نقطة يجب أن نتفاهم عليها، و الجزائر أصبحت اليوم تنظر لقيادة البوليساريو على أساس أنها عبئ ثقيل، و الكثيرون في الجزائر يتساءلون ما الذي ربحناه مع البوليساريو على امتداد 45 سنة، فطيلة هذه المدة لم تربح لا قيادة البوليساريو و لا الجزائر نفسها.

البوليساريو كانت قوية لما كانت مدعومة من المعسكر الشرقي، حيث كانت الجزائر تدعمهم و تعتبر نفسها زعيمة العالم الثالث و ليبيا تغدق عليهم بالمال و السلاح، و لهذه الأسباب كان الصحراويون يحلمون بتأسيس دولتهم، و كل هذه الأمور تلاشت اليوم، فعائدات الجزائر من البترول و الغاز تراجعت، كما أنها بدورها تشهد اليوم انتقالا سياسيا و الجزائريون يريدون أن يعيشوا في دولة مدنية، على غرار ما حصل في تونس. و في الاتجاه الآخر تبين اليوم أن البوليساريو تحولت من منظمة إلى أصل تجاري تتلاعب بها مجموعة قليلة من خلال بعض الشعارات.

جبهة البوليساريو أصبحت اليوم تتآكل، فشباب الجامعات لم يعودوا راضون بالوضع، كما أن الصحراويون ممن يعيشون في الخارج يرون كيف يعيش الناس، غير أن قيادة البوليساريو الحالية ما زالت تردد شعارات الحرب الباردة، و تميل إلى الطرح العسكري المخابراتي الجزائري. و لذلك فهم يرتكبون اليوم بعض الأعمال الصبيانية و يعطونها طابعا على أساس أنهم يدافعون عن قضية وطنية.

  • أنت بالمناسبة كنت في بداياتك من قيادات جبهة “البوليساريو” قبل أن تعود إلى المغرب. ما الذي تغير في مواقفك ؟

أنا لم أتنازل عن هدفي الأول وهو “كرامة الانسان”، غير أنه بالنسبة لي فالدول أو الأحزاب ليسوا سوى وسائل، ما ينقصنا اليوم لتجاوز هذه الأزمة هو التصالح الوطني، و لذلك على الدولة المغربية أن تطلق سياسات من أجل أن يشعر هذا الانسان أنه مكرم و أنه ليس غريبا في وطنه، و هذا هو الحل الأنجع في اعتقادي.

  • هل ترى أنه يمكننا في يوم من الأيام أن نتوصل إلى الحل السياسي التواصلي أو المصالحة الوطنية كما قلت في معرض جوابك أم أن العقليات ما زالت متحجرة ؟

مادام هناك خطاب يدعو للحرب و خطاب ثان تنافري اقصائي يصف الآخر بالعدو، فلا يمكننا أن نصل لحل محترم، لأن الحرب ليست هي الحل لهذا المشكل.

القاعدة الأساسية للمشكل هي الانسان، فلما نروج لخطاب يتجه للإنسان حينها يمكن أن نتقدم في النقاش، شريطة أن يكون هذا الخطاب مقنعا، و عندما تقنع الآخر فإنك ربحته، علما أن الاقناع لا يمكن أن يكون بالعنف. و هذا يطرح سؤال هل لدينا نخب قادرة على أن تتصالح، إذا كنا نتوفر على هذه النخب سأقول لك أن الحل سنتوصل إليه اليوم قبل الغد، لكن مع الأسف فالحقيقة أن كل طرف يصطف حول خطاب معين، و هو ما يشحن الناس.

واقع الحال اليوم يؤكد أن المغرب يحتاج إلى السلم و الجزائر بدورها تحتاج إلى السلم و موريتانيا تحتاج إلى السلم، و نفس الأمر بالنسبة لاسبانيا، و لذلك لا يمكن أبدا أن نتكلم عن التنمية و نحن في حرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى