اقتصاد

ارتفاع الأسعار يهدد الطبقة المتوسطة بالتآكل

الرباط اليوم: محمد السبتي

بالقدر الذي تشكل فيه الطبقة الوسطى وتد المجتمع المغربي وصمام أمانه واستقراره الاجتماعي، بقدر ما تعلو أوجاعها جراء الضغوط الاقتصادية الآخذة في التوغل وإجراءات الحماية المستمرة في التقلص. إذ تسود مخاوف مألوفة من تعرض الطبقة الوسطى للتاكل. في الوقت تعتبر فيه هذه الفئة بالعديد من المجتمعات طبقة ميسورة نسبيا، فإن خبراء الاقتصاد يرون أنها أقرب إلى الطبقة الفقيرة.

ويقول المتخصص الاقتصادي، رشيد الخالدي، في حديث لـ”الأيام 24″ إن الطبقة الوسطى في المغرب هي أساس المجتمع ولبنته “القوية” التي تشكل النسبة الكبرى بين طبقاته الثلاث، كونها الفئة الأكثر عمالة والأعلى سداداً للضرائب في القطاعين العام والخاص. كما تسهم في تمويل الصناديق الاجتماعية والتقاعد.

يجيب بالتأكيد على أن الطبقة المتوسطة في المغرب “محدودة” بل و”تتقلص”، يضيف المتحدث أنه بينما لم يعرف المغرب السيناريو الذي عرفته بعض البلدان المتقدمة حيث واكب تطور الاقتصاد توسع الطبقة الوسطى. قائلا “نحن في مسار معاكس”. وما يؤكد الفكرة السالفة هو “التدهور الواضح للقدرة الشرائية للأسر المغربية، وهو الأمر يظهر بوضوح عند قياس تطور الأجور في مقابل تطور الأسعار”.

ويشير إلى أنه على الرغم من معدلات الاستهلاك المرتفعة بين طبقة الأغنياء، فإن عدد أفرادها قليل. وعلى الرغم من اتساع رقعة الطبقات الفقيرة، فإن قدرتها الشرائية محدودة، بالتالي يفوق حجم إسهام الطبقة الوسطى في الاستهلاك العام مثيله لدى طبقتي الأغنياء والفقراء. وعلى الرغم من ذلك، تعاني الطبقة الوسطى في المغرب الأمرَّين.إذ يصعب الحديث عن طبقة متوسطة حقيقية في المغرب، فالنظام الإنتاجي ونمط الاستهلاك وسياسة الانفتاح العشوائية كلها مظاهر لا تحفز على نمو الطبقة الوسطى، وإن كانت تسهم في رفع دخول بعض الفئات المحظوظة.

وتتهدد الطبقة المتوسطة أخطار كثيرة، أولها يتمثل في كون “طلب الطبقة المتوسطة سيقل، لأنها غرقت في الكلفة الاجتماعية وبالكاد تغطي النفقات الأساسية من تعليم وكراء أو أقساط شراء السكن وغيرها”.

واعتبر المحلل الاقتصادي، أن الطبقة الوسطى هي طبقة سداد فواتير الآخرين، “فهي تسدد عن الفئات الريعية والفاسدة العالقة بها، وعلى الرغم من ذلك فمديونية الدولة تمثل الجزء الأكبر، إذ تتفاقم أزماتها الاقتصادية والاجتماعية فيسقط الكثير منها في خانة الفقر والعوز. ويرتهن مستقبل الأجيال القادمة بيد المؤسسات البنكية الدولية الدائنة، والحبل على الجرار”.

ويضيف أن تداعيات الأزمة الاقتصادية التي أعقبت جائحة كورونا كانت كارثية على العناصر الحقيقية للطبقة الوسطى. في حين لم تتأثر الفئات التي تستفيد من الريع ومن المداخيل غير المشروعة، بل منها من استفاد بشكل كبير خلال الجائحة.

يذكر أن المندوبية السامية للتخطيط توقعت استمرار موجة ارتفاع الأسعار في المغرب وانتقاله إلى مستويات أعلى من المتوسط المسجل خلال العقد الماضي، وذلك بفعل التأثيرات الخارجية والجفاف عاملان سيزيدان عدم اليقين بشأن التضخم على المستوى الوطني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى