RABATTODAYالرئيسيةالرباط اليوم

أستاذة من الرباط تحكي معاناتها مع الإكتظاظ لتلاميذ قسمها

eleves_679963552
الرباط اليوم
بقلم: أستاذة من الرباط

استبشرت الأطر التعليمية خيرا بالإصلاح والحكامة وحلمت بالجودة والتغيير لكثرة رواج هذه المصطلحات في المخططات الإستعجالية لإصلاح التعليم، حتى باتت أنغاما مسجلة نسمعها في كل حين وموسم، وإذا بهذه المصطلحات فعلا تتأكد لدينا، خاصة في هذا الموسم الدراسي الحالي 2016/2017، على أنها مجرد شعارات على نقيض معانيها.

بعد تقاعد آلاف الأطر التعليمية التي ما لبثت أن تنفست الصعداء بعد بلوغها السن القانوني لتقاعدها الكامل أو النسبي، حتى جرَت أذيالها فارَة إلى جهات أخرى لتبحث لها عن أحسن رزق، لينطبق على حالها المثل القائل: فوائد قوم عند قوم مصائب.

وتفاجأ الأستاذ المزاول لمهنته هذه السنة بأحد حكمين جائرين حكم بهما عليه غيابيا، الأول: إما إعادة انتشاره إلى جهات نائية لسد الخصاص، والذي لم يتوقعه ولا كان في حسبانه، ليزج به بعيدا عن مسكنه واستقراره عن عائلته وصغاره؛ أما الثاني فهو الحكم عليه بالإنتحار عن طريق الموت البطيء من خلال حقن قسمه بما يفوق الخمسين إلى الستين تلميذا، في وقت مازالت أنغام الإصلاح طرية تلوك بلسانه الإصلاح، والجودة، والحكامة ومحاربة الهدر المدرسي….إلخ. فأين هذا الإصلاح؟؟؟

وبفعل هذا الاكتظاظ، أضحى كل من الأستاذ والتلميذ يودّ الهروب من الفصل وكأنه في سجن مليء بالسجناء؛ طفل يبكي هنا وهناك، لم يجد في الأستاذ أبا يحتويه ويعطيه قسطا من الحنان وفرصة من الفهم، وأستاذ يُسمع صراخه من كل باب ونافذة فاقدا السيطرة على ضبط النفس والمرونة، أستاذ يعادل 16 أستاذا في أسلاك أخرى بالنظر إلى كم المواد التي ينفرد بتلقينها، أضف إلى ذلك ما يقوم به من مهام أخرى تخص تسجيلات الحضور، والغياب، وحساب النسبة المائوية، والحراسة قبل وأثناء وبعد الحصص، والإسعافات الأولية، والتواصل مع آباء وأمهات وأولياء التلاميذ، بالضافة غلى ترقيع وترميم بعض التجهيزات، وتنظيف الحجرة، وتأثيتها ….إلخ.

لا تستغرب أيها المواطن إذا صُنّف بلدك في المراتب الأخيرة في مجال التعليم ضمن سائر بلدان العالم، لأننا ما زلنا، نحن وأمثالنا، نُعتبر الحلقة الأضعف في كل إصلاح، ولأن المنهجية المتبعة في ذلك لاتزال ترتكز على تشبيب الإدارة وتكديس التلاميذ في الأقسام، ولأنه بكل بساطة لا ينظر إلينا كما ينظر نظراؤنا إلى أساتذتهم، ويفضلون أن يكون الأول في التنموية لأنه هو الخادم لطفولة الوطن على أحسن وجه تتمناه وتطمح إليه الشعوب.

ولا تستغرب أيها المواطن لأن المدارس الحرة التي استنجدت بها أوقعتك في فخاخها وشددت الخناق على عنقك من خلال أساليب السمسرة والمتاجرة بالتعليم، وبالتالي حكمت عليك وعلينا الحكومة المسؤولة، من خلال الوزارة المعنية، بالإنتحار البطيئ.

فأفيقي أيتها الجهة المسؤولة ولا تلقينا في القبور ناقصين عُمرا، أو في المستشفيات ناقصين عقلا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى